مسلحون من تنظيم داعش الإرهابي (أرشيف)
مسلحون من تنظيم داعش الإرهابي (أرشيف)
الأربعاء 26 سبتمبر 2018 / 18:52

خبراء: هزيمة داعش لم تحل المشاكل الجوهرية

هُزم تنظيم داعش الإرهابي في العراق، وسوريا، لكن وفي غياب حلول للمشاكل الجوهرية التي أدت إلى نشوئه، يحذر الخبراء من إمكانية عودة الجماعات المتطرفة للظهور، عاجلاً أم آجلاً.

يتيح التدخل العسكري واستخدام القوة معالجة الأعراض لكن اجتثاث المرض يتطلب علاج أسبابه، وفق الخبراء، الذي يوردون مثال هزيمة القاعدة في العراق في 2008 وكيف انبثق من بين فلولها بعد 4 سنوات تنظيم داعش.

قال المدير السابق للمديرية العامة الفرنسية للأمن الخارجي، برنار باجوليه: "هُزم داعش على الأرض لكن التنظيم لا يزال خطيراً. لم يُقضى على الخطر بعد".

وأضاف في لقاء مع صحافيين، أن "المشاكل الأساسية لا تزال بلا حل، وهي تختلف من منطقة جغرافية إلى أخرى. ففي العراق قاد التدخل الأمريكي في 2003 الغالبية الشيعية إلى السلطة، واستبعدت الأقلية السنية. وفي سوريا، يحدث تقريباً الأمر نفسه، لأنه ومنذ تولي الطائفة العلوية الحكم، هُمش السنة. لم تحل هذه الظواهر. لدينا علاج لهذه المشتكل، عسكري، أمني، ولكننا لم نتصدَ حقاً للأسباب الجوهرية".

وفي تحليل حديث بعنوان "داعش لا بد أن تعاود الظهور في سوريا" كتب عضو البرنامج المعني بشؤون التطرف في جامعة جورج واشنطن، الباحث حسن حسن: "إذا كان المسلحون قد هزموا فإن المشاكل التي أتاحت ظهورهم لا تزال قائمة".

وأضاف "إذا كان يمكن الاستفادة من دروس التاريخ، إنها تشير إلى أن المتطرفين سيستغلون وضعاً متقلباً، وسينضمون إلى الفصائل المعارضة للأسد، رمز القمع، لإعادة تشكيل صفوفهم وتأسيس وجود دائم لهم في المنطقة".

لقد أظهر المثال العراقي أن "المتطرفين السنة" عرفوا كيف ينتقلون إلى العمل السري ويختبئون وينتظرون بصبر في مواجهة القوة العسكرية المتفوقة للتحالف الدولي الذي دفنهم تحت القنابل.

اختفاء مرحلي
عندها ينبرون إلى التخريب عبر التغلغل في أوساط "الطائفة السنية" والعمل على إقناعها بأنهم "المدافعون الوحيدون عنها في وجه الطاغية"، وعبر ترهيب أولئك الذين يقاومونهم بالهجمات والاغتيالات، ثم ينتظرون الوقت المناسب، فيما هم مختبئون داخل مجتمعهم، يمارسون التأثير الايديولوجي أو الترهيب.

وأضاف حسن: "لا يمكن أن تختفي حركات التمرد من تلقاء نفسها في غياب حل للقضايا التي أتاحت ظهورها. سيتوارون لسنوات أو حتى عقود، ليولدوا من جديد في وقت لاحق".

أما الخبير في شؤون المنطقة والأستاذ في كلية العلوم السياسية في باريس، جان بيار فيليو، فرأى أن "داعش لا يزال تسيطر على عدة آلاف من الكيلومترات المربعة من الأراضي السورية، ويُدير خلايا سرية في قسم كبير من أراضي العراق. ويستفيد في جانبي الحدود من التناقضات بين القوى المفترض أن تقاتلها".

هواجس
وأضاف أن "التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وبتركه الرقة، مهد داعش، على ما هي عليه حقل تغطيه الأنقاض، لا يفعل سوى خلق وضع ملائم لعودة المتطرفين".

وما يصح في الشرق الأوسط ينطبق بالمثل على منطقة الساحل، أو أفغانستان، حيث أنشأ تنظيم داعش فروعاً، كما قال برنار باجوليه الذي نشر "مذكراته عن الشرق" في كتاب بعنوان "الشمس لا تبزغ في الشرق" عن دار "بلون".

وقال باجوليه، إن "النهج الأمني لا يكفي وحده في منطقة الساحل. إن مشاكل الأقليات في شمال مالي، على سبيل المثال، أو بعض الأقليات القبلية مثل الفولاني، لم تُعالج".

وتابع "الوضع أسوأ في أفغانستان، حيث عدنا إلى نقطة الصفر تقريباً رغم الوسائل والجهود الضخمة التي بذلت والخسائر الجسيمة. هناك تسيطر طالبان على نصف البلاد، بل وأكثر في الليل".

إن إدراك محدودية العمل العسكري أمر سهل، وفق الخبراء، لكن الجميع يتفق على أنه من السهل شن غارات جوية من معالجة الأسباب الجذرية ومنها بين أخرى، عزلة النخبة السياسية والفساد وضعف التنمية والتطرف الديني أو نفوذ المنظمات الإجرامية.