نائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني ومسؤول قطري.(أرشيف)
نائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني ومسؤول قطري.(أرشيف)
الثلاثاء 6 نوفمبر 2018 / 11:39

سالفيني يشيد بقطر.. خطوة لا تشرفه

ردّت الصحافية والعضو السابق في البرلمان الإيطالي، سعاد سباعي، على ادعاء نائب رئيس الوزراء الإيطالي ووزير الدفاع، ماتيو سالفيني، بأن قطر مثال للاعتدال والتوازن. وفي صحيفة "المغربية"، شرحت سباعي أنّ كلمات سالفيني جاءت خلال زيارة عمل أجراها إلى قطر أواخر الشهر الماضي.

هذه الإشادة عبارة عن كلمات لا تحترم الإيطاليين الذين صوّتوا له أو الذين يمكن أن يصوّتوا له في المستقبل على أمل أن يجلب معه التغيير الحقيقي

وأثار تعليقه ضجة بما يعني وجود أخبار جيدة مفادها أنّ هنالك المزيد من الأشخاص الذين يستنكرون غياب التناسق لدى أفكار سالفيني. بذلك، لم يعد الاستنكار مقتصراً على الأصوات الاعتراضية المعتادة والمعزولة كما تابعت.
يعود تناقض سالفيني إلى أنّه انتقد نظام تميم بن حمد آل ثاني حين كان في المعارضة. ففي يونيو (حزيران) 2017، استنكر عبر صفحته على فيس بوك المساجد غير الشرعية والمراكز الثقافية الوهمية ومن يدّعون بأنهم أئمة وهم ينشرون التطرف في إيطاليا والمموّلين من قطر. ووعد سالفيني بالتضييق على المتطرفين الإسلاميين والمشتبه بعلاقاتهم مع الإرهاب، خلال وجود حزبه السياسي، عصبة الشمال، في الحكم.

أسباب التغيير السلبي
تعود الانعطافة الكاملة لسالفيني إلى استلامه منصبه الجديد والتأثير المالي على الحكومات الإيطاليّة المتعاقبة الذي يضمن انتقال السياسة نفسها من هيئة تنفيذية إلى أخرى. وهذا ما يكشف التناقض الكامل لشعار "حكومة التغيير" الذي يحمله الائتلاف الحكومي الحالي ويعدّ سالفيني أحد ركنيه الأساسيين. كذلك، يعود هذا التغيير السلبي حول مسألة حساسة كالإرهاب إلى الصلات التي تربط قطر بعدد من الشخصيات المؤثرة التي تنتمي إلى حلقته الضيقة. وهذا التغيير أبعد من التناقض الذي أظهره وزير الدفاع في ما يتعلق بالوقائع وخطاباته السابقة.

إسلاموية متعددة الجنسيات
تؤكد سباعي أنّ القنبلة الدخانية المرتبطة بالاعتدال تنقشع عبر إظهار من هم أمراء قطر الحقيقيون: أكبر مصرفيين يمولون التطرف حول العالم وتحديداً تطرف الإخوان الذين يجسدون الإسلاموية المتعددة الجنسيات التي أنتجت أيديولوجياً القاعدة وداعش. ومن غير مصادفة، تدعم قطر هذين التنظيمين في كل من سوريا والعراق وليبيا. استغلت الدوحة الثورات العربية لتأسيس هيمنتها في الشرق الأوسط عبر استخدام شبكة الإخوان في المنطقة، الشبكة المؤلفة من أحزاب سياسية ومنظمات غير حكومية ووجوه دينية وأكاديميين ورجال أعمال ومسؤولين رسميين وصحافيين وغيرهم. من خلال استخدام هذه الشبكة، تسعى قطر إلى ضرب النظام الموجود.

انتكاسة حادة لكن غير كافية

تلقى مشروع قطر والإخوان انتكاسة حادة في الشرق الأوسط لكنّ أهدافهم وإرادتهم بقيت هي نفسها. كذلك، لم تتغير إرادتهم بنشر مشروعهم في الغرب للسيطرة على أوروبا والولايات المتحدة من خلال التغلغل الإخواني في العصب الحيوي للمجتمع والإخضاع الناعم للنفوذ المالي القطري: النفوذ نفسه الذي جعل الدوحة تستضيف كأس العالم سنة 2022 بغض النظر عن كون منظمة العفو الدولية والأمم المتحدة قد استنكرت ظروف العبودية التي يعاني منها العمال الأجانب الذين يعملون في بناء الملاعب.

كلام سيكلفه غالياً
تتابع الكاتبة متأسفة لأنّ إيطاليا شكلت مثلاً على ما يجري ولهذا السبب تحديداً إنّ إشادته بنظام الدوحة لا يشرّفه لأنّ هذه الإشادة عبارة عن كلمات لا تحترم الإيطاليين الذين صوّتوا له أو الذين يمكن أن يصوّتوا له في المستقبل على أمل أن يجلب معه التغيير الحقيقي. لقد جسّد كلام سالفيني أكثر من مجرد تغيير في الرأي. تؤكد سباعي أنّ ذلك سيكلفه غالياً على الصعيد الانتخابي. سيكون ذلك أكثر كلفة بكثير من عقود المليارات مع أمراء قطر.