لافتة رفعها الحوثيون على منزل في اليمن.أرشيف)
لافتة رفعها الحوثيون على منزل في اليمن.أرشيف)
الجمعة 16 نوفمبر 2018 / 12:59

للحوثيين حليف جديد.. واشنطن بوست

"الديمقراطية تموت في الظلمة". بحسب الصحافية سعاد سباعي، يبدو أنّ صحيفة "واشنطن بوست" غرقت في الظلمة نفسها التي كتبت عنها الصحيفة بعد دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

يصعب حقاً الاعتقاد بأنّ الصحيفة تحركت من دون دفع خارجي

 وأوضحت سباعي في صحيفة "المغربية" الإيطالية أنّه إذا كان "الجهاد" الذي يُشن ضد الرئيس الأمريكي باسم حرية الصحافة ناجماً عن نفاق اليسار الدولي، فإنّ التحول الإسلامي للواشنطن بوست لا علاقة له مطلقاً بالديمقراطية. وأصبحت الصحيفة الناطق الرسمي باسم الميليشيات الحوثية التي جرّت اليمن إلى كارثة إنسانية أسوأ من الكارثة السورية وفقاً للأمم المتحدة ومنظمات أخرى.

لقد استضافت الواشنطن بوست رئيس "اللجنة الثورية العليا" محمد علي الحوثي من أجل نشر سردية مخادعة بين الملايين من القراء حول آليات الصراع في اليمن. تشرف هذه اللجنة على احتلال الجزء الشمالي من البلاد تحت إشراف ميليشيات شيعية بما فيه المدن الساحلية الأساسية والعاصمة صنعاء. تلفت سباعي النظر إلى أنّ عبارة "اللجنة الثورية العليا" متوافقة مع المصطلحات الرنانة للنظام الخميني الإيراني الذي يواصل تسليح وتمويل الحوثيين لإدخال اليمن، إضافة إلى سوريا والعراق ولبنان، في مدار طهران الإسلامي.

المنطق الحوثي المعوجّ
وفقاً للبروباغندا "الثورية" التي نشرها الحوثي عبر الصحيفة الأمريكية، إنّ قصف التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات هو "سبب" النزاع والكارثة الإنسانية وليس "نتيجة" العداون الذي تشنه الميليشيا المدعومة من إيران والتي تحاربها الحكومة اليمنية بدعم من التحالف لتحرير الأرض المحتلة. بحسب الحوثي، لم تقع الخسائر البشرية بسبب استمرار ميليشياته باستخدام الألغام الأرضية والمدنيين كدروع بشرية وبسبب تحويلها البيوت والمباني إلى تحصينات ومراكز عسكرية. بالنسبة إليه، ليست الممرات الإنسانية مقطوعة بسبب ميليشياته التي تعيق وصول الأغذية التي ترسلها الأمم المتحدة والهلال الأحمر الإماراتي ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية. أمّا نهب المصرف المركزي في صنعاء الذي خدم حصراً لتغذية جهوده الحربية، فلا علاقة له مطلقاً بانهيار الاقتصاد وحرمان السكان المنهكين من سبل العيش، هم الذين ينتظرون أن يتم تحريرهم من الجيش اليمني والتحالف.

حين يتحدث الحوثي عن حرية الإعلام
يقول الحوثي إنّ الرقابة على الإعلام هي التي تلك تُفرض من قبل السعودية واصفاً الصحافي جمال خاشقجي بـ "الشهيد". يبدو عملياً أنّ جميع التهديدات والاعتقالات التعسفية وعمليات قتل الصحافيين اليمنيين والتي تم توثيق علاقة الحوثيين بها، تمت باسم حرية الصحافة العزيزة على قلوب المسؤولين في الواشنطن بوست والنظام الخميني. يجب أن تكون الواشنطن بوست قد فرحت كثيراً حينما شاهدت أشرطة الفيديو التي أظهرت التلاميذ في المدارس ينشدون أناشيد للحوثيين والنظام الخميني. وتتابع سباعي ساخرة أنّ هؤلاء التلاميذ سيصبحون بلا شك محبين للسلام تماماً كما محمد علي الحوثي الذي يصطحب سلاحه الحربي إلى كل إطلالة إعلامية له.

الاستعداد المفاجئ للحوار
في مقاله، يطلب الحوثي من التحالف الوقف الفوري "للقصف" مشيراً إلى أنّ "يريد السلام" واستئناف المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة. وتعلّق سباعي كاتبة: "نعم المفاوضات نفسها التي قاطعها الحوثيون في أيلول، هاربين من طاولة المفاوضات في جنيف". يدعم مطلب الحوثي صحافيون في الواشنطن بوست من وزن دايفد إغناسيوس وجاكسون ديل اللذين لا يستطيعان استيعاب أنّ الاستعداد الحوثي المفاجئ للانخراط في الحوار هو مجرد وسيلة. فهذه الميليشيا تستمر بخسارة الأراضي ولذلك هي بحاجة لالتقاط الأنفاس وإعادة تنظيم صفوفها في وقت تكسب الاستحسان الدولي بفضل حلفاء كالواشنطن بوست.

ليس السبب مهاجمة ترامب فقط!

أمّا عن سبب اعتماد الصحيفة لهذه الخطوة، فتشير سباعي إلى أنّ الأخيرة استخدمت اليمن لمهاجمة السعودية وتالياً ترامب كما فعلت لدى تسييسها قضية خاشقجي. لكنّ سباعي تضيف أنّ هذا تفسير معقول إنما غير كاف لتبرير تقديم الصحيفة خطاً "ديبلوماسياً" للزعيم الحوثي. تشرح الكاتبة أنّه يصعب حقاً الاعتقاد بأنّ الصحيفة تحركت من دون دفع خارجي. يبدو أنّ صحافيي الواشنطن بوست قد وضعوا أنفسهم بخدمة أموال مخططات القطب الجديد للإسلاموية التي تتجسد أيديولوجياً بالإخوان والتي تتغذى بصناديق نظام الدوحة الذي يرتبط بشكل متزايد بالنظام الإيراني الخميني ونظام أردوغان في تركيا.