قانون حظر السفر في أمريكا (أرشيف)
قانون حظر السفر في أمريكا (أرشيف)
السبت 17 نوفمبر 2018 / 16:02

حظر السفر الأمريكي يبدد حلم عائلة سورية

24 - إعداد: شيماء بهلول

ظنت ماري خوري عندما لوحت وداعاً لزوجها فادي في أغسطس(آب) من العام الماضي، أنهما سيتمان شملهما قريباً على أرض الولايات المتحدة، فقامت بمغادرة إسطنبول موطنها لعدة سنوات، متجهة إلى واشنطن فيما عاد زوجها أدراجه إلى سوريا.

وعلى مدى سنوات، تخيّلت العائلة بالأمل والإثارة مستقبلها في أمريكا، فقد بحثوا عن الوظائف والمنازل، حتى أنهم اختبروا نوعاً من الحرية لم يروا مثلها من قبل، والأهم من ذلك أن البلاد توفر بيئة تعليمية جيدة ومكاناً آمناً لتربية ابنتهم سوزان البالغة من العمر 3 سنوات.

وقبل عدة أشهر، تقدم فادي بطلب للحصول على إقامة دائمة في الولايات المتحدة من خلال زوجته المقيمة هناك ماري، وهي مواطنة أمريكية نشأت في أوهايو لوالدين سوريين، وفي فبراير(شباط) الماضي، بعد 6 أشهر من مغادرة زوجته، تم استدعاء فادي إلى الأردن، لإجراء مقابلة طبية معيارية ومقابلة في السفارة الأمريكية، وودع والديه في دمشق على استعداد لبدء الفصل التالي من حياته مع زوجته وابنته.

"حظر السفر" حيز التنفيذ 
ولكن الحلم أصبح كابوساً، فبعد إكماله للمقابلة تم إخباره بأنه لن يحصل على تأشيرة، إذ دخل قانون "حظر السفر" الذي أصدره الرئيس دونالد ترامب على أولئك الذين يدخلون الولايات المتحدة، والذي يضم 5 بلدان ذات أغلبية مسلمة، حيز التنفيذ بعد شهر من تقديمه للطلب.

وعلى الرغم من أن العائلة استمرت في خططها بعد هذه النقطة، لم تشعر ماري أبداً أنها ستؤثر بشكل خطير على تأشيرة زوجها، فهي وابنتها مواطنتان أمريكيتان تعيشان في الولايات المتحدة، وهو عامل يعزز بشكل كبير في حالة إصدار تأشيرة للهجرة.

ولكن في هذه الحالة يبدو أنه لا يوجد فرق، إذ تقول ماري: "لقد أخطأنا، لم يكن لدينا أي فكرة عما كان يحدث، لقد تغير القانون في الآونة الأخيرة، وكنا من أوائل الأشخاص المتأثرين به، لذلك لم يكن لدينا أي فكرة عما يمكن توقعه".

وقال ضابط القنصلية الأمريكية في عمان، إن "الأمر قد يستغرق أسبوعين آخرين لاتخاذ قرار"، وطلب من فادي تزويده بمعلومات عن عائلته وحساباتهم الخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي.

وقالت ماري "حاولنا البحث عبر الإنترنت ولكن لم يكن هناك أحد يعرف ما يجري، حتى محاميتي قالت إنها لا تملك أي فكرة"، وكما قامت بالاتصال على أعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ والأساقفة والمحامين حتى البيت الأبيض، ولكن لم يتمكن أي منهم من تقديم المساعدة.

وكان فادي قبل أن يجبر على العودة إلى سوريا من الأردن، تقدم بطلب للحصول على "تنازل"، قال عنه المسؤولون القنصليون إنه "سوف يتم التحقيق في قضيته بشكل أكثر شمولاً من قبل سلطات الهجرة الأمريكية".

وعندما أيدت المحكمة العليا في الولايات المتحدة حظر السفر في يونيو(حزيران) من هذا العام، أي بعد مرور عام تقريباً على رؤية فادي آخر مرة لزوجته وطفلته، واجهت ماري خياراً مستحيلاً، إما البقاء في أمان بالولايات المتحدة ومخاطر نسيان ابنتها لأبها، أو العودة إلى سوريا حيث احتدمت الحرب وكانت إسرائيل تجري غارات قصف في ذلك الوقت.

واختارت ماري العودة إلى سوريا بجوار زوجها، وخلال توقفها في إسطنبول تفاجأت بمعرفة أن أنقرة أوقفت إصدار التأشيرات للسوريين في عام 2016، وانتقلت بعدها إلى سوريا عبر الغرب الأمريكي، وعاشت في قرية صغيرة خارج حمص.

وقالت "قررنا أنه إذا كنا سننتظر ذلك ، فيجب علينا القيام بذلك معاً، حتى لو كان يعني ذلك ترك مكان آمن مثل أمريكا، وأن أترك عائلتي وآتي إلى هنا فقط لأكون مع زوجي".

لا جديد يذكر
ومنذ المقابلة الأخيرة التي أجراها فادي، قالت العائلة إنها لم تتلق أي اتصال من المسؤولين القنصليين، وعند اتصالهم بالسفارة أو إرسال بريد إلكتروني يطلبون فيها تحديثاً، يحصلون على رد قياسي مفاده "لا توجد معلومات جديدة ، ولكن سيتم الاتصال بكم عند تغيير شيء ما".

وأشارت ماري إلى أن لا السفارة ولا خدمات الجنسية والهجرة الأمريكية طلبت أي معلومات أو تفاصيل محددة منذ ذلك الحين.

وتدّعي الإدارة الأمريكية أن خدمات الهجرة لا يمكنها الحصول على معلومات مفصلة حول الأفراد المتقدمين للحصول على تأشيرات من حكوماتهم، فهم غير قادرين على فحص هؤلاء المتقدمين بشكل وافٍ.

وقالت محامية الموظفين في قانون الهجرة الوطني بأمريكا إستر سونغ: إن "موقفنا من حظر السفر هو تجسيد ظالم وشنيع لكره الرئيس الواضح، بلا خجل، والمناهض للإسلام والمناهض للمهاجرين"، وأضافت أنه "إذا كان الحظر سيظل سارياً بينما تستمر التحديات القانونية ضده في المحاكم، أو حتى تتغير الإدارة، عندها يجب أن تكون عملية التنازل شفافة ومشروعة ألا وهي الآن".

وقال محامي الهجرة في مركز بارس للمساواة في سان خوسيه بكاليفورنيا، سيما علي زاده: إنه "حتى 30 سبتمبر(أيلول) الماضي، تم تطهير 1836 من مقدمي طلبات التنازل" مشيراً إلى أن ذلك لا يعني أن الجميع قد تم منحهم تأشيرات.

وبالنسبة لماري وعائلتها، يستمر الانتظار، وقالت "بخلاف ما هو واضح، أن الوضع الحالي في سوريا ليس جيداً جداً، فالولايات المتحدة هي منزلي حيث نشأت، ولدي ذكريات جميلة هناك"، وأضافت "آمل فقط أن تحصل ابنتي على فرصة لتجربة نفس الأشياء في المستقبل، فنحن مواطنتان أمريكيتان، إنهم يجبرونني على الاختيار بين زوجي أو العيش في أمريكا".

وطلبت الأسرة عدم الكشف عن هويتها، لأن قضية الهجرة الخاصة بهم ما زالت مستمرة.