عناصر من الشرطة التركية أثناء اعتقال متعاطفين مع فتح الله غولن (أرشيف)
عناصر من الشرطة التركية أثناء اعتقال متعاطفين مع فتح الله غولن (أرشيف)
الخميس 27 ديسمبر 2018 / 14:05

قمع تركي عابر للقارات...أردوغان يطارد خصومه حول العالم

تحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في أكتوبر( تشرين الأول) 2017، في تجمع لحزبه العدالة والتنمية، عن خطوات للقضاء على حركة الداعية المنفي فتح الله غولن، الذي يحمله أردوغان المسؤولية عن انقلاب 15يوليو( تموز) 2016. وبعد عرض بعض الإجراءات المحلية لتقويض الحركة، المعروفة اختصاراً باسم فيتو، أشار أردوغان إلى رغبته في ملاحقة شبكات غولن خارج تركيا.

وكتب نيت شينكان، مدير مشروع لدى "فريدوم هاوس"، المنظمة الرقابية المستقلة المكرسة لنشر الحريات والديمقراطية حول العالم، في مجلة "فورين أفيرز"، أن خطاب أردوغان لم يكن عبارة عن كلمات جوفاء، إذ سعت الدولة التركية، حتى قبل الانقلاب الفاشل، لاصطياد معارضيها في الخارج، خاصةً من أتباع حركة غولن.

وفيما لا يقل عن 46 بلداً في أربع قارات، اتبعت تركيا سياسة عدوانية لإسكات خصومها المحتملين، ويقال إنها استعانت بالإنتربول أداة سياسية لاستهداف معارضيها. وألغت آلاف جوازات السفر، واستطاعت اعتقال واسترداد مئات الأتراك من 16 بلداً على الأقل، بمن فيهم طالبو لجوء تمتعوا بحماية الأمم المتحدة. ونجحت تركيا في الضغط على نحو 20 بلداً لإغلاق مئات المدارس التابعة لحركة غولن.

تطهير عالمي

وحسب شينكان، ليست تركيا الوحيدة في العالم التي تلاحق معارضيها في الخارج، ولم تكن الحملة الأولى من نوعها، ولكن هذا "التطهير العالمي" يعكس محاولة حثيثة، بعد فشل الانقلاب لإفراغ مؤسسات الدولة من جميع المرتبطين بغولن، ومحاولة تجري بسرعة وعدوانية وبوتيرة ملحوظة. وحسب العالمة السياسية دانا موس، تظهر هذه الحملة، كيف أصبح "قمعاً عابراً للقارات أمراً طبيعياً".

عمود القوة الناعمة
وفي رأي كاتب المقال، لا يمكن فهم حملة التطهير العالمي في تركيا دون دراسة حركة غولن، وهي جزء من الشتات التركي، وكانت حتى وقت قريب، العمود الفقري للقوة الناعمة في تركيا.

نمت الحركة في تركيا، خلال السبعينيات، بفضل زعيمها فتح الله غولن، ونجت من الانقلاب العسكري في 1980 بالاصطفاف وراء حكومات علمانية متعاقبة.

وأصبحت مدارس الحركة عبارة عن العمود الفقري لشبكتها الدولية. وبدءاً من القرن الحالي، توسع دور تلك المدارس في ظل الحكومات المتعاقبة وفي 1999، هرب غولن من تركيا إلى الولايات المتحدة، خشية اعتقاله إبان حملة قمع طاولت كل من ارتبط بحكومة حزب الرفاه الإسلامي السابقة. وبقى منفياً حتى فوز حزب العدالة والتنمية بالأغلبية البرلمانية في 2002.

وشكلت الحركة جزءاً صغيراً من قاعدة الحزب، ولكنها لعبت أدواراً رئيسية في توفير كوادر مثقفة في المجالين المدني والعسكري، وفي الترويج للحكومة داخلياً وخارجيا عبر أذرعها الإعلامية والاجتماعية.

انقسام عنيف
يلفت كاتب المقال، إلى أن نهاية 2013، شهدت انقساماً عنيفاً بين الحركة والعدالة والتنمية، بسبب مواقف متضاربة من حزب العمال الكردستاني، وإسرائيل، والفساد الحكومي. ومنذ الانقلاب الفاشل، ضغطت تركيا ديبلوماسياً على عدد من الحكومات لاعتقال أو استرداد المئات في كل أنحاء العالم.

ويشير الكاتب إلى وصول حملة التطهير الدولي إلى الأنتربول. وفي ديسمبر( كانون الأول)، أشارت وكالة "أسوشييتيد برس" إلى دراسة ممثلين عن الانتربول طلبات ترحيل 40 ألف شخص، قدّم بعضها من تركيا، لدواعٍ سياسية. وأغلق عدد من مدارس حركة غولن، بغامبيا في 2014، وأذربيجان وطاجيكاستان في 2015.
  
خطر عالمي
وحسب كاتب المقال، فإن ما يثير القلق من التطهير الدولي التركي، تداخل القمع العابر للقارات مع نسيج النظام الدولي. ولم تكن حركات المجتمع المدني وأطراف غير رسمية المستفيدين الوحيدين من عولمة الاقتصاد والسفر والاتصالات الفورية، إذ استفادت دول أيضاً من ذلك، وأصبح عصر العولمة يوفر فرصاً رخيصة لدول معينة لملاحقة منفيين ومنشقين، ومواطنين عاديين، أينما وجدوا بالمراقبة والملاحقة وآليات فرض القانون الدولي مثل الإنتربول وتعاون قوى أمنية.