المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس التركي رجب طيب اردوغان.(أرشيف)
المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس التركي رجب طيب اردوغان.(أرشيف)
الإثنين 31 ديسمبر 2018 / 15:13

تركيا والاتحاد الأوروبي..الزواج الذي لن ينجح أبداً

كتب الصحافي البارز بوراك بكديل في معهد "غايتستون إنستيتيوت" الأمريكي أنّ تركيا طالبت بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي لأول مرة سنة 1987 حين كان العالم مختلفاً عما هو عليه اليوم. حتى أنّ نادي الأثرياء كان له اسم مختلف: السوق الأوروبية المشتركة.

بحسب مؤشر الديموقراطية الصادر عن المنظمة غير الحكومية نفسها، تنتمي تركيا إلى مجموعة الدول "غير الحرة" في أداء أسوأ من دول "حرة جزئياً" مثل مالي ونيكاراغوا وكينيا

في مارس (آذار) 2003، بعد بضعة أشهر على وصوله إلى رئاسة الوزراء في تركيا قال أردوغان إنّ بلاده "مستعدة جداً كي تكون جزءاً من عائلة الاتحاد الأوروبي". وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2005 بدأت المفاوضات رسمياً بين تركيا والاتحاد الأوروبي للبت في هذه المسألة.

اليوم وبعد مرور 31 سنة على الطلب الأول، يبدو التحالف مفككاً. لكنّ الطرفين لعبا في الماضي لعبة ادعاء ديبلوماسي مزعج يقضي بألا يكون أي منهما أول من ينهي المحادثات. لكنّ هذه الأوبرا المملة لم تعد مستدامة. ازداد النقص الديموقراطي بشكل ضخم كي يكون متوافقاً مع الثقافة الديموقراطية الأوروبية. وفقاً لمنظمة "فريدوم هاوس" غير الحقوقية: "إضافة إلى تداعياتها الوخيمة على المواطنين الأتراك المحتجزين، الوسائل الإعلامية المغلقة والأعمال التجارية التي وُضعت اليد عليها، أصبح التطهير الفوضوي متشابكاً مع هجوم ضد الأقلية الكردية مما غذى بدوره التدخلات العسكرية والديبلوماسية التركية في سوريا والعراق المجاورين".

ديموقراطياً.. حتى نيكاراغوا أفضل
بحسب مؤشر الديموقراطية الصادر عن المنظمة غير الحكومية نفسها، تنتمي تركيا إلى مجموعة الدول "غير الحرة" في أداء أسوأ من دول "حرة جزئياً" مثل مالي ونيكاراغوا وكينيا. مؤخراً، سلط خلاف قانوني الضوء على التفاوت الكبير في فهم حكم القانون بين الثقافتين التركية والأوروبية. اصطدم الطرفان هذه المرة حول حقوق سياسي كردي بارز مسجون بناء على اتهامات واهية بالإرهاب. في شهر نوفمبر الماضي، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي تنتمي تركيا إليها حكماً يحث أنقرة على تسريع النظر في قضية صلاح الدين دميرتاش مشيرة إلى أنّ احتجازه على ذمة التحقيق طال بشكل غير مبرر.

لكن محكمة تركية تجاهلت الحكم وقضت بعدم إطلاق سراحه. وخرق قرار المحكمة التركية بشكل واضح المادة 90 من دستور البلاد التي تنص على أنّه في حال التضارب بين الاتفاقات الدولية حول الحريات وحقوق الإنسان التي دخلت حيز التنفيذ وبين القوانين المحلية بسبب اختلاف في الأحكام حول المسألة نفسها، فإنّ أحكام الاتفاق الدولي هي التي تسود. وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إنّ قرار المحكمة الأوروبية مسيّس وأنّ المحاكم التركية ستبت بهذه القضية.

لتسمية الأمور بأسمائها
كما لا يمكن أن يكون هنالك عضو "غير حر" في الاتحاد الأوروبي، كذلك لا يمكن أن يكون هنالك عضو يتجاهل بشكل صارخ أحكام المحكمة الأوروبية. لحسن الحظ، صدرت مؤشرات من بروكسيل حول عدم جواز استمرار هذا الاستعراض. في أبريل (نيسان) 2017، دعا البرلمان الأوروبي إلى تعليق رسمي لطلب تركيا الانضمام إلى الاتحاد والذي تم تجميده فعلياً. وفي سبتمبر (أيلول) 2017، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إنها ستسعى إلى إنهاء المحادثات حول العضوية. وخلال الشهر الماضي، أشار مفوض الاتحاد الأوروبي لمفاوضات التوسع يوهانس هان إلى أنّه سيكون "أكثر صدقاً" للكتلة التخلي عن المحادثات.

ففي حديث إلى صحيفة داي فيلت الألمانية قال: "أعتقد أنّه، على المدى الطويل، سيكون أكثر صدقاً لتركيا والاتحاد سلوك طريق جديدة وإنهاء مفاوضات الانضمام ... عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي ليست واقعية في المستقبل المنظور. ويعلق بكديل على كلام هان واصفاً إياه بالنزيه وبأنه يسمي الأمور بأسمائها.

مقترح أردوغان المخادع
وقبل شهر على كلام هان، كان للرئيس التركي مقترح واقعي، لكن ليس لدواعي النزاهة، بل لأغراض انتخابية. بدا أنّ أردوغان حاول جذب الأصوات القومية قبل الانتخابات المحلية في مارس المقبل، قائلاً إنّ تلكؤ الاتحاد الأوروبي إزاء القبول بتركيا عضواً فيه سببه "رهاب الإسلام". وفي أكتوبر، قال الرئيس التركي إنّه يدرس طرح طلب الانضمام على الاستفتاء. ورأى بكديل أنّ هذه فكرة جيدة طالما أنّ أكثر رئيس شعبية في تركيا سيخوض حملة للخروج من المحادثات. لكن كما جرت العادة، كان أردوغان يخادع كي يذكّر القادة الأوروبيين ب "القيمة الاستراتيجية" لأوروبا وفي الوقت نفسه، كان يؤدي دور الرجل القوي لاستقطاب قاعدته المحافظة التي تعاني من رهاب الأجانب.

التعاطف الأوروبي يتراجع
يعتقد بكديل بضرورة تنظيم استفتاءين متزامنين لسؤال الأوروبيين إذا كانوا يؤيدون العضوية والأتراك إذا كانوا يريدون التخلي عن طلبهم. إنّ التصويت ب "لا" في أي منهما يجب أن يكون كافيا لإنهاء مسار طلب العضوية. إنّ تصويتين ب"نعم" يعنيان أنّ الاستعراض يجب أن يستمر وأنّ الجمهور فرح بالأوبرا المملة. أمّا إبقاء تركيا عند المسافة الحالية فليس نزيهاً. بالنسبة إلى إنهاء المحادثات، إنّ الأمر نزيه لكنه لن يكون عملياً لأن لا أحد يريد تحمل هذه المسؤولية التاريخية. يضاف إلى ذلك أنّ استطلاعات الرأي تشير إلى تراجع في نسبة الأتراك المؤيدين للانضمام إلى الاتحاد. وعلى الضفة الأخرى، يتراجع التعاطف الأوروبي مع انضمام تركيا بشكل درامي مقارنة بالسنوات الأخرى. فنسبة مؤيدي القبول بتركيا هي 8% في فرنسا، 5% في ألمانيا، 8% في المملكة المتحدة، 5% في الدنمارك، 7% في السويد و 5% في فنلندا. "إذاً، دع أعضاء النادي ومقدم الطلب يقرّرون (التوصل إلى) عضوية زواج لن ينجح أبداً".