مقاتلون أكراد في سوريا.(رويترز)
مقاتلون أكراد في سوريا.(رويترز)
الجمعة 4 يناير 2019 / 13:38

تقرير: أمريكا ليست مدينة لأكراد سوريا

سعياً منهم لإبقاء القوات الأمريكية في سوريا، تداول محافظون جدد مقولة "لا نستطيع التخلي عن الأكراد". وفي مقدمة هؤلاء السناتور ليندسي غراهام الذي قال لمحطة "سي إن إن": "إذا غادرنا سوريا الآن، فسوف يذبح الأكراد".

المؤسف بالنسبة للمحافظين الجدد هو سعي الأكراد لإجراء محادثات للاتفاق على دفاع متبادل مع الأسد، وخاصة ضد تركيا

ومن المؤكد، برأي كريستيان ويتون، نائب المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الأمريكية من 2003 إلى 2009 ، ومؤلف كتاب "سلطة ذكية: بين الديبلوماسية والحرب"، بأن شبحي سايكس وبيكو( وزيرا خارجية بريطانيا وفرنسا إبان الحرب العالمية الأولى) يبتسمان حالياً لغراهام، وسواه من أنصار التدخل الأمريكي في مناطق حول العالم.

وحسب ما كتبه ويتون، في موقع "ناشونال إنترست"، قد يتعاطف سايكس وبيكو، اللذان وضعا سراً اتفاقية حملت اسميهما لتقسيم الشرق الأوسط، مع من يعتقدون أن في وسعهم إعادة رسم حدود المنطقة.

ضمانات
ويلفت كاتب المقال لما يقوله محافظون جدد بشأن وجوب ضمان أمن أكراد سوريا الذين هزموا داعش، وحمايتهم من عدة أطراف متحاربين، وخاصة قوات حكومية سورية يقودها الرئيس بشار الأسد وتركيا المجاورة، التي تكره كلاً من الأسد والأكراد.

وحسب الكاتب، ليست هذه وسيلة ذكية لتحقيق هدف ثابت للمحافظين الجدد لا يتوقف عند دحر داعش، بل يتعداه لإدخال أمريكا إلى الحرب الأهلية السورية.

ففي نهاية المطاف، يتمنى هؤلاء تغيير النظام لصالح ديمقراطية ليبرالية، رغم فشل المحاولة ذاتها في العراق وليبيا وأفغانستان.

وفي تلك الحالة، يرى الكاتب أن أمريكا قد تجد نفسها في حرب متزامنة مع الأسد والأتراك وعراقيين من غير الأكراد وإيران وروسيا، إلى جانب جهاديين يمثلون عدو أمريكا الأول. ولضمان أمن الأكراد، قد يساعد الأمريكيون على إنشاء دولة كردية بحكم الأمر الواقع كالتي ساعدوا في تكوينها في شمال العراق. ومن شأن ذلك الكيانين غير الساحليين أن يلتقيا ويشكلا أرضية لوطن كردي مستقل.

الاعتماد على أمريكا
وباعتقاد كاتب المقال، قد يستنتج باحثون في التاريخ أن الأكراد يستحقون ما يتمنون. ولكن الاعتماد على الولايات المتحدة لم يكن قط جزءاً من استراتيجية ترامب في سوريا، ولا في الشرق الأوسط. وعلاوة عليه، لم يطلب يوماً من الشعب الأمريكي دعم الأكراد في سوريا، ولا القتال إلى جانبهم إلى أجل غير محدود.

وبرأي الكاتب، إذا قدم أي من العسكريين الأمريكيين وعوداً للأكراد، فمن الموكد أنهم قدموها دون علم أو إذن القائد العام للجيش الأمريكي. كما لا يتوقع أن يكونوا قد عرضوا معاهدة أو تحالفاً على مجلس الشيوخ، المخول، وفقاً للدستور، الحكم على أي اتفاق وتبعاته.

ويقول الكاتب إن المؤسف بالنسبة للمحافظين الجدد هو سعي الأكراد لإجراء محادثات للاتفاق على دفاع متبادل مع الأسد، وخاصة ضد تركيا. ويشاع أن هذا الأمر أثار غضب مسؤولين في الجيش الأمريكي ممن كانوا يتواصلون مع الأكراد. ولكن قد يكون في ذلك شيء من الحكمة. فقد أبدى الأسد استعداداً لمنح أقليات عرقية ودينية، وخصوصاً المسيحيين بعض الحريات.

وإلى ذلك، انتصر الأسد في الحرب الأهلية السورية بعدما استعاد معظم المناطق الرئيسية في البلاد.

ويرى كاتب المقال أنه، وسط كل هذه التطورات، يبدو ترامب محقاً في رفضه إلزام الجيش الأمريكي بتنفيذ مهام جديدة في سوريا لن يدعمها حتماً الشعب الأمريكي، لأنها ستؤدي لمقتل أمريكيين في صراعات شعوب أخرى، وتصرف اهتمامهم عن تهديدات حقيقية أخرى.