جندي إماراتي (أرشيف)
جندي إماراتي (أرشيف)
الثلاثاء 22 يناير 2019 / 18:15

تقرير أمريكي: أبوظبي قادرة على تلقين طهران درساً قاسياً

مع تزايد التهديد الإيراني مجدداً، رأى الباحث في "معهد المشروع الأمريكي" والمسؤول السابق في البنتاغون مايكل روبين أن أبوظبي، قادرة على تلقين طهران درساً قاسياً دائماً.

الشرق الأوسط ليس فقط عبارة عن إيران وإسرائيل. إنّ التغير الأعظم الذي طرأ على موازين القوى في المنطقة لم يرتبط بإسرائيل وبإيران وإنما بصعود الإمارات العربية المتحدة

وقال روبين أن ما خلص إليه المؤتمر السنوي الحادي عشر لمجلس العلاقات الخارجية، أن "النزاع بين الولايات المتحدة وإيران كما بين الولايات المتحدة والصين، يُشكلان اثنين من أعظم تهديدات السلام في 2019"، مجرد تأكيد لأمر بديهي. 
 
وذكر في مؤسسة الرأي الأمريكية "ناشونال إنترست" أن واشنطن وطهران تتحركان على مسار تصادمي، مضيفاً أن الخطر لا يكمن في شن الأولى ضربة وقائية ضد الثانية بل في انزلاقهما معاً إلى النزاع.

لقد مر أكثر من ثلاثين عاماً على آخر صدام مباشر بين الجيشين الأمريكي والإيراني في عملية "براينغ مانتيس" التي كانت أكبر اشتباك بحري منذ الحرب العالمية الثانية، وتركت إيران في صدمة كبرى. ولكن، منذ ذلك التاريخ، عرف الجيش الإيراني تغيراً كبيراً بعد جيل كامل.
  
تصاعد التهديد الإيراني
ولفت الباحث إلى أن معظم المجندين الصغار في 1988 تقاعدوا اليوم، ووصل قادة جدد، لُقنوا الأيديولوجيا الخمينية دون أي قيد واقعي لخطاباتهم. تقليدياً، وبغض النظر عن مشاكل البحرية الأمريكية مع بحرية الحرس الثوري، احتفظت الأولى بعلاقات مهنية وودية مع البحرية الإيرانية الكلاسيكية.

عندما حل حسين خانزادي مكان حبيب الله سياري في نوفمبر(تشرين الثاني) 2017 رئيساً للبحرية الإيرانية، وعد الأول بـ "التلويح بعلم دولتنا عند عتبة الولايات المتحدة".

 ولا يزال علي رضا تانغشيري الذي خلف علي فدوي في رئاسة بحرية الحرس الثوري مجهول التوجهات إلى حد كبير. وببساطة، فإن الخطر يُمكن أن يُثيره تهديد إيران، أو العجز عن التنبؤ بسلوكها، يتصاعد.

حزب الله
وهنالك أيضاً حزب الله الذي يصعب تجاهل تهديده لإسرائيل بفضل إعادة تسلحه التي تتناقض مع قرارات مجلس الأمن الدولي والأنفاق التي اكتشفت أخيراً، تحت أنظار مراقبي الأمم المتحدة. بينما أدمت إسرائيل حزب الله في 2006، سمحت له المشاركة في الحرب الأهلية السورية بالتمرس واكتساب قدرة أكبر من قدرة معظم الجيوش العربية.

ويجب أن ينهي تورط حزب الله في سوريا مقولة أنه منظمة لبنانية وطنية لا وكيل يستجيب لإيران.

وهو بذلك رأس الحربة في مواجهة إسرائيل. إذا تمكن حزب الله من شن عمليات دون انتقام، سيمكنه تصوير إسرائيل ضعيفة. وإذا استطاع حزب الله جر إسرائيل إلى نزاع في لبنان، فسيرى الإيرانيون في ذلك مكسباً لهم.

زوال الرادع
أما بالنسبة لطهران، فإن إطلاق حزب الله لوابل من الصواريخ أو الدرونز على إسرئيل ربح لها من ناحيتين، فإما يصيب أهدافاً في إسرائيل، وإما تعترضها الأنظمة الدفاعية المضادة للصواريخ، وإجبار إسرائيل على تفعيل القبة الحديدية ليس هزيمة خاصةً بالنظر إلى غياب التكافؤ في الكلفة بين صواريخ حزب الله وصواريخ القبة الحديدية.

ومع ذلك، على إيران ألا تسيء تقدير إسرائيل. إن تهديد صواريخ حزب الله هو الرادع الأساسي لأي ضربة على إيران. إذا أطلقها حزب الله أولاً، سيزول هذا الرادع عند صناع القرار في تل أبيب. وحتى لو لم تطلق إسرائيل ضربات جوية ضد إيران، فلديها غواصات في شمال المحيط الهندي قادرة على شن هجمات صاروخية لشل القيادة والإمرة الإيرانية ومنشآتها النووية وقواعدها العسكرية.

الإمارات.. التغيير الأعظم في ميزان القوى
يتابع الكاتب بالإشارة إلى أن الشرق الأوسط ليس فقط إيران وإسرائيل. إن التغير الأعظم الذي طرأ على موازين القوى في المنطقة لم يرتبط بإسرائيل أوبإيران ولكن بصعود الإمارات. ويشير روبين إلى أن العديد من الصحافيين والمحللين الغربيين يتجاهلون نجاح التدخل الإماراتي الكبير في اليمن.

نجحت الإمارات في تقليص حجم "القاعدة في شبه الجزيرة العربية" وباتت القوات الإماراتية على مشارف دحر الميليشيات الحوثية عن ميناء الحديدة، آخر أبرز المرافئ الخاضعة للجماعة الموالية لإيران.  

وصول الثوريين غير الحسابات
إن التناقض بين الإمارات وإيران يعود إلى ما قبل الثورة. عندما انسحب البريطانيون من الخليج العربي في 1971 اجتاحت القوات الإيرانية ثلاث جزر رغم اعتراف الاتفاقات الدولية بملكية الإمارات لها.

تبعد جزيرة أبو موسى حوالي 50 ميلاً عن شواطئ إيران، و40 ميلاً عن شواطئ الإمارات، و10 أميال عن مضيق هرمز.

 لكن وبما أن حركة ناقلات النفط يجب أن تمر بينها وبين جزيرتي طنب، يؤدي ذلك إلى تعزيز موقع إيران الاستراتيجي.

ورأى روبين القليل من النفاق في إعلان واشنطن دعمها طلب الإمارات استعادة الجزر، لأن إدارة نيكسون كانت ترغب في غض الطرف عن الروابط الوثيقة يومها بين البيت الأبيض والشاه. لكن مع وصول الثوريين إلى طهران، تغيرت الحسابات الاستراتيجية.

ليس للإمارات ما تخشاه
بعد الثورة، ضاعفت السلطات الإيرانية وجودها في الجزر بينما يزور قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري حامياته هناك أحياناً.

وسعت الإمارات للتفاوض بين الفينة والأخرى لاستعادة الجزر لكن المحادثات لم تؤد إلى أي نتيجة.

وإذا صعدت إيران سلوكها بما يصل إلى حرب ضد إسرائيل والولايات المتحدة، فإن الكلفة ستكون عندها الجزر الثلاث. إن المقاتلين في هذه الحاميات سيقاتلون لكن بعد قطع التموين والدعم العسكري والغذاء عنهم، فإن أكثر الثوريين تشدداً سيعيدون تقويم رغبتهم في القتال على هذه الجزر.

ولن يكون لدى الإمارات ما تخشاه ، أو من انتقام إيراني بعد انتهاء النزاع الأوسع. فالدفاع عن هذه الجزر سيكون أسهل من الاستيلاء عليها.

وإذا كان الحرس الثوري جيداً على مستوى العمليات غير المتناظرة ورعاية الإرهاب، فإن الإنزال البحري يتطلب مجموعة مهارات مختلفة كلياً. والإمارات اليوم مختلفة جداً عن إمارات 1971.

تلقين إيران الدرس

عرف خامنئي والأجيال الأولى لقادة الحرس بعد عملية "براينغ مانتيس"، باحتمال تكبد كلفة مرتفعة بسبب خلط خطاباتهم بالواقع العسكري.

إن أي ضربة عسكرية ضد إيران في الأثناء ستجمع الإيرانيين حول العلم، كما حصل أثناء اجتياح صدام حسين لها في ثمانينيات القرن الماضي، وستنقذ ثورة فاشلة.

لكن عندما تتصاعد التهديدات الإيرانية، يمكن جداً لأبوظبي، وليس واشنطن، أن تلقّن إيران درساً قاسياً دائماً، مفاده أنها إذا خسرت جزر أبو موسى وطنب الكبرى والصغرى بعد نزاع آخر، فإن طهران لن تستعيد السيطرة عليها في أي وقت قريب.