الزعيم في القاعدة أبو مصعب السوري.(أرشيف)
الزعيم في القاعدة أبو مصعب السوري.(أرشيف)
الثلاثاء 19 فبراير 2019 / 12:29

كيف تغلغل إرهابيو الإخوان في إسبانيا؟

عادت الرئيسة المشاركة لـ"مجموعة العمل على تذكر ضحايا الإرهاب" ماريا لوزانو أليا، إلى بدايات تأسيس تنظيم الإخوان الإرهابي مشيرة إلى أنّ مؤسسه حسن البنا يُعتبر أبا الإسلاموية المعاصرة.

منتصف التسعينات، بدأ مسجد أبو بكر باستقبال شبّان من بيئات متطرفة. راح هؤلاء الشبان يوزعون بروباغندا الجهاد الإسلامي وحماس والجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر. أرادوا تأسيس خلية إرهابية مرتبطة بالقاعدة في إسبانيا

وكتبت في مركز "عين أوروبية على التطرف" أنّ الإلهام وراء ما يسمى بالربيع العربي مستمد بشكل كبير من أيديولوجيا الإخوان المسلمين. وينظر قسم كبير من الغرب بالكثير من الريبة إلى هذا التنظيم بسبب تأثيره الواسع على مجموعات متطرفة عنيفة مثل حركة حماس ومليشيا حزب الله. يعتقد تنظيم الإخوان الإرهابي أنّه من خلال انخراطهم في السياسة يمكنهم إطلاق التغيير في المجتمع. لكنهم في حالات كثيرة لجأوا إلى الإرهاب والعنف لتحقيق أهدافهم.

عبر بناء المدارس والمستشفيات والمساجد تمكن التنظيم من كسب فئات واسعة من المجتمع. في الأربعينات تمدد الإخوان إلى سوريا وفلسطين والأردن ولبنان. لكنّ غزو أوروبا سيأتي بعد بضع سنوات. ومن أجل الإضاءة على كيفية اختراق الإخوان المسلمين لتلك البلاد بدأت أولاً بتسليط الضوء على ممارستهم التوسعية المشتركة.

أربعة أساليب أساسية
يكيف أعضاء التنظيم منظمتهم مع بيئة وهيكليات الدولة التي تستقبلهم. هنالك حرية حركة كاملة للمنظمات الناشئة لديها تواصل كامل مع البنية الأم. بعدها، يستولون على قلوب وعقول المدنيين عبر تقديم خدمات إنسانية. ثالثاً، ترفض جميع المنظمات الإخوانية بشكل علني العنف. لكنّ هذا لا يمنع التيار من إلهام مجموعات إرهابية، وإنشاء خلايا عنيفة في الدول المضيفة. على صعيد موازٍ، يحافظ أعضاء التنظيم في أوروبا على سرية تامة، حيث هنالك نقص خطير في البيانات الرسمية عن ارتباطات زعماء المنظمات الإخوانية الأساسية.

الظروف خدمتهم
مع وصول أوائل الإخوان إلى إسبانيا في الستينات، جذبت السياسة التعليمية والثقافية عدداً كبيراً من الطلاب الشرق أوسطيين. شكلت إسبانيا أيضاً خياراً أفضل للطلاب العرب بفعل انخفاض كلفة المعيشة فيها بالمقارنة مع دول أوروبية أخرى. ومع تعرض الإخوان في سوريا للضغط في تلك الفترة، طلب العديد منهم اللجوء في إسبانيا. عقب إصدار قانون الجمعيات سنة 1964 وقانون الحريات الدينية سنة 1967 في إسبانيا، تم تأسيس الجمعيات الإسلامية الأولى. كانت أهم جمعية المركز الإسلامي في غرناطة الذي أسسه طلاب سوريون وأردنيون وفلسطينيون سنة 1966. قاد أعضاء من التنظيم إدارة هذا المركز في مناسبات عدة.

الانقسامات من الدول الأم إلى إسبانيا

هدفت النشاطات الأساسية لهذا المركز خلال تلك السنوات إلى تنسيق التعليم الديني وتبشير غير العرب. قدّم المركز نفسه كمساحة آمنة للنقاش السياسي حول دول الأعضاء الأم وجذب حضوراً كبيراً فازداد عدد المنتسبين. غالباً ما نُقلت الانقسامات الموجودة في الدول الأم إلى إسبانيا. على سبيل المثال، برز فصيلان إخوانيان في سوريا: الطليعة المقاتلة التي فضلت المواجهة المسلحة وتنظيم عصام العطار، أو الطلائع الإسلامية التي دعمت التغيير عبر الوسائل السياسية. سنة 1971، أسس أتباع العطار الجمعية الإسلامية في إسبانيا بمدريد منفصلة بذلك عن المركز الإسلامي في غرناطة. إنّ المركز والجمعية جلبا معهما جميع الإخوان إلى إسبانيا وقد شكلا مساحة لمناقشة المبادرات التي تعزز دور المتطرفين والمناصرين.

التسعينات.. فترة ضعف الإخوان

قاد نزار أحمد الصباغ الإخوان حتى موته سنة 1981 وتصرف كنقطة تواصل بين التنظيم في إسبانيا ورابطة العالم الإسلامي والجمعية العالمية للشباب الإسلامي. في التسعينات، بدأ المشروع الإسباني مما أدى إلى انفصال تدريجي مع سوريا، لكنّ الانقسامات برزت فأضعفت التنظيم في إسبانيا. من هنا، خسر فرصته في تعزيز نفسه كمنظمة قوية، كما حصل في دول أخرى مثل ألمانيا والمملكة المتحدة. كان للجمعية الإسلامية في إسبانيا الكثير من التأثير في هذا السياق. حاولت التصرف كمحاور شرعي مع الدولة من أجل التوقيع على اتفاقات التعاون الضرورية. كان هدفها موجهاً أكثر باتجاه تمكين موقعها المؤسساتي لإدارة أعداد المسلمين المتزايدة في إسبانيا عوضاً عن اتباع توجيهات الإخوان المسلمين. لكن برزت وجوه أخرى في إسبانيا كانت على علاقة واضحة بأعمال إرهابية.

علاقة الإخوان بالإرهاب
منتصف التسعينات، بدأ مسجد أبو بكر باستقبال شبّان من بيئات متطرفة. راح هؤلاء الشبان يوزعون بروباغندا الجهاد الإسلامي وحماس والجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر. أرادوا تأسيس خلية إرهابية مرتبطة بالقاعدة في إسبانيا. من بين هؤلاء برز الإخواني مصطفى ست مريم نصار وهو الجهادي الذي عُرف لاحقاً بكنية أبي مصعب السوري. كانت لديه روابط أيضاً مع الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر ومع طالبان أفغانستان. وظهرت صورته سنة 2010 في العدد الأول من مجلة إنسباير الإلكترونية التابعة للقاعدة مع مقال منشور تحت اسم أبي مصعب السوري.

كذلك، برز شاب آخر وهو أبو دحداح الذي كان أيضاً عضواً في الإخوان المسلمين في سوريا لكنه هرب منها. بعد سفره إلى دول عدة استقر في إسبانيا، حيث أسس أول شبكة جهادية هناك. مجموعته المعروفة بالنسبة إلى الأجهزة الأمنية باسم شبكة أبو دحداح هي نقطة انطلاق لبعض المشاركين في هجمات الدار البيضاء سنة 2003 أو مدريد في 2004.

أرض خصبة مثالية لنمو التطرف
حالياً، لا بيانات جازمة تؤكد إعادة الولادة الرسمية للإخوان المسلمين في إسبانيا أو تؤكد وجود منظمة أو هيكلية مرتبطة بهم. يقال عن رياض تتاري، رئيس اتحاد الجمعيات الإسلامية في إسبانيا إنّه ينتمي للإخوان المسلمين لكنّه نفى ذلك في مناسبات عدة. مع ذلك، يبدو أنّ منظمات مختلفة ذات رابط محتمل بالإخوان في إسبانيا تظهر بحذر مثل الإغاثة الإسلامية في إسبانيا وهي مرتبطة بالإغاثة الإسلامية العالمية، وتضم أعضاء في مجالس إدارتها على صلة بالإخوان. ثمة أيضاً الرابطة الإسلامية للحوار والتعايش في إسبانيا، وهي تروج وتنسق وجود الإخوان في إسبانيا وتعمل كممثل للتنظيم أمام اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا وهو فرع للإخوان في أوروبا. وإذا كانت أيديولوجية هذه المنظمات ليست راديكالية بحد ذاتها فالمرتبطون بها يشكّلون أرضاً خصبة مثالية لتسهيل نمو التطرف وإيقاف المسلمين عن الاندماج في المجتمع الإسباني.