الثلاثاء 19 فبراير 2019 / 21:34

الفنانة الراحلة كيم ليم في أبوظبي.. نحاتة البساطة الممتنعة

24 - الشيماء خالد

عرضت أعمال الفنانة السنغافورية البريطانية الراحلة، كيم ليم، أخيراً، في أبوظبي، ضمن برنامج تناول أعمال لفنانين راحلين ومعاصرين جدد في منارة السعديات، الوجهة الثقافية الشهيرة في العاصمة الإماراتية، واجتذبت تلك الأعمال جمهوراً واسعاً من الدارسين.

وولدت ليم في سنغافورة عام 1936، وتوفيت في لندن عام 1997، ودرست في مدرسة سانت مارتن للفنون ، لندن (1954-56) ، ومدرسة سليد للفنون الجميلة (1956-60)، وكان معرضها الفردي الأول في غاليري اكسيوم في لندن عام 1966، ومنذ ذلك الحين عرضت في معارض جماعية ومفردة في أوروبا والشرق الأقصى، واصبحت اسماً معروفاً في الوسط الإبداعي عالمياً.

وتتميز أعمال كيم ليم باختزالها، حيث تهتم بالغ الاهتمام بالشكل والمساحة والإيقاع والضوء من خلال تصاميم الهياكل الخشبية المجردة والمنحوتات الحجرية والمطبوعات.

إيقاع.. النحت والطباعة.. تحليل المكان والزمان
وصفت الفنانة العمل الذي اختير لعرضه في السعديات، بأنه شكل يخضع لمساحة منظمة، ويجسد "الرابط 1" المنجز عام 1975، هذه الفكرة، وهو عمل من ثمانية ألواح مستطيلة الشكل من الخشب، ومرتبة بحيث يتصل لوحان متقابلان بثلاثة ألواح مواجهة لكل منهما، كما أن ارتفاع العمل منخفض، وليس له بداية أو نهاية واضحة، ولا يوجد له اتجاه محدد.

ويشير هيكل العمل إلى إمكانية إكمال هذا التسلسل إلى ما لا نهاية، كما عبرت ليم عنه، ويتمتع كل من النحت والطباعة بالقدر نفسه من الأهمية لدى ليم، فكثيراً ما حولت أفكارها في الطباعة إلى منحوتات فيما بعد.

وتعد سلسة المطبوعات الخاصة بها، سلسلة الدرج 1و2و3و4و5 (1972)، مثالاً على هذا النهج، كما تتشابه الصور المطبوعة إلى حد كبير مع سلسلة أعمال نحتية لاحقة لها (الفواصل 1 و الفواصل 2).

ولا يرى المرء هذه المطبوعات على أنها رسومات مبدئية فحسب، بل مقطوعات موسيقية تعزفها ليم في المنحوتات التالية، وهي عادة ما تنتج إصدارات متعددة من العمل نفسه، ويتيح كل عمل نحتي التنوع في العرض، لكنها تتشارك في الإيقاع أو التصميم أو الهدف في تحليل المكان والزمان.

ترنيمة نحت.. عناصر.. استكشاف

واستكشفت ليم ، باعتبارها النحاتة المتخصصة وصاحب بعض أشهر أعمال المطبوعات، إيقاعات الحياة في عملها، كما استلهمت من العناصر كالماء والهواء، الصفات التي ستؤدي إلى الإدراك تجاه الحالة البشرية.

ويقول الناقد الفني، مارك روبنسون: "تصيغ ليم ما هو أشبه بترنيمة في منحوتاتها، يرافقها تركيز على الضوء كعنصر في الشكل البارز، واتجهت بإصرار للبقاء خارج الحد الأدنى لتحويل ما هو حر أو منظم بخطوط مرئية أو محسوسة كحركة الماء والتكرار الموسيقي ونبضات القلب، وغير ذلك، باهتمام شديد بإضافة تفاصيل دقيقة للمسات النهائية والخطية والسطحية، وكانت مطبوعاتها تسير بالتوازي مع استكشاف المشترك والمنفصل من مواضيع".

لا يكون الفراغ فراغاً

وقالت ليم: "في بداياتي، استخدمت الخشب بشكل رئيسي، كنت دائماً مهتمة بالفضاء والإيقاع والنور والحجم والوزن، وهي انشغالات بارزة في السبعينات، حيث تم استخدام عناصر متكررة لإنشاء هيكل يحافظ على إيقاع معين ، حيث لا يكون الفراغ فراغًا ، بل حقيقة ملموسة".

"وبعد مرور السنوات، ولدت الحاجة في روحي بالانتقال لهيكل أقل استقراراً، حيث يمكنني دمج عنصر التغيير والمفاجأة إن أمكن، و جربت الحجر، و أعود إلى طريقي المفضل في العمل، كان من دواعي سروري العمل في هذه المادة حيث لم يكن أحد مقيدًا بأبعاد معتادة، إنه سعيي لإعطاء دفعة لاستكشاف طرق مختلفة للعمل"ز

واستمدت ليم كثيراً من إلهامها عبر السفر والطبيعة، وامتد ذلك لكل ما آل إليه إبداعها، وكان الترحال جزءً ضرورياً من تطورها الإبداعي وتمكنها من إنجاز أعمال لازالت تثير إعجاب وتقدير القيميين الفنيين والنقاد.

ووصفت ليم كثيراً بكونها نحاتة استطاعت التفكير خارج الصندوق، وطبعت أعمالها البساطة والرسمية في كثير من الأحيان، وأثارت الإعجاب بخفة إنجازها بسلاسة ممتنعة يصعب تحقيقها.