لاجؤون سوريون في الأردن (أرشيف)
لاجؤون سوريون في الأردن (أرشيف)
الخميس 28 فبراير 2019 / 16:34

إجبار السوريين على العودة إلى بلادهم خيانة أخلاقية

اعتبر الصحافي، كريم شاهين، أن إجبار السوريين على العودة إلى ديارهم ومواجهة استبداد نظام بشار الأسد خيانة أخلاقية، إذ يخضع العائدون لنزوات الأجهزة الأمنية لنظام يفلت من العقاب.

سوريا تعاني من أزمات اقتصادية تفاقمت بسبب العقوبات الغربية التي تحول دون وصول المساعدات الجادة لإعادة الإعمار. ويعيش ثلثا السوريين في فقر مدقع الآن

ويستهل شاهين مقاله بصحيفة "ذا ناشونال" بالإشارة إلى رسالة الرئيس السوري بشار الأسد للملايين الذين فروا من وطنهم على مدى ثماني سنوات من الحرب في سوريا داعياً إياهم إلى العودة للمشاركة في عملية إعادة الإعمار.

إعادة قسرية
ويحذر المقال من أن خطاب الأسد الذي ألقاه الأسبوع الماضي وإعلانه أن سوريا مستعدة للترحيب بعودة اللاجئين إلى وطنهم ستقود بالتأكيد إلى تنشيط الحركات الشعبية المناهضة للمهاجرين في أوروبا التي بدأت فعلاً حملة لإعادة اللاجئين الذين فروا من الحرب، إلى جانب تشجيع الدول المجاورة مثل تركيا التي بدأت أيضاً عملية إعادة قسرية للاجئين إلى بلادهم وسط صراعات لتوفير أماكن آمنة لملايين النازحين السوريين.
  
ويشير المقال إلى أنه بعد إعلان الرئيس السوري بشار الأسد أن سوريا مستعدة لاستقبال اللاجئين سيكون الدافع تسريع عملية عودتهم، ولكن على جيران سوريا وأوروبا مقاومة الرغبة في عودة اللاجئين؛ فهي خيانة أخلاقية من الدرجة الأولى لأن يتم إرسال اللاجئين مرة أخرى إلى معذبهم وإخضاعهم لتعسف النظام القضائي السوري ونزوات وكالات الأمن الشمولية.

أوضاع مأساوية
وعلاوة على ذلك، ستقود عودة اللاجئين إلى إغراقهم في حلقة مفرغة من الحاجة والفقر مما يؤدي إلى زيادة الضغط على دولة لا تستطيع توفير حاجات مواطنيها، وهي أمور سوف ينتج عنها عدم الاستقرار والمزيد من الصراعات.

وأسفرت الحرب الأهلية السورية عن تشريد نحو نصف سكان سوريا البالغ عددهم قبل الحرب 20 مليون نسمة، وكان معظمهم مشردين داخلياً، وكانوا يفرون إلى أجزاء أخرى من البلاد عدة مرات مع تحول أماكن ساحة القتال، وفر أكثر من ثلاثة ملايين سوري شمالاً إلى تركيا، وأكثر من مليون سوري إلى لبنان، و600 ألف سوري إلى الأردن. وعن طريق البر والبحر، سافر مئات آلاف السوريين إلى أوروبا خلال عام 2015 واستقر معظمهم في ألمانيا، ولكنهم سكنوا في جميع أنحاء القارة.

منطقة آمنة
ويوضح المقال أنه خلال السنوات الأخيرة، ساهمت بعض العوامل في عودة عدد من اللاجئين السوريين، وبحسب تقديرات الأمم المتحدة فقد عاد 77 ألف سوري خلال عام 2017 وحده، ولعل أبرز هذه العوامل هو انتصار نظام الأسد بدعم من روسيا وإيران واستعادة معظم الأراضي السورية ومحاصرة المعارضة في إدلب، وتم تهدئة العديد من المناطق التي استعادها نظام الأسد بعد حملات عنيفة وتوقيع اتفاقات المصالحة التي تدعمها موسكو؛ إذ سمحت للكثير من المدنيين بالبقاء في الجزء الخاص بهم في البلاد ولكن مع خطر العقاب. ومع سعيه لتحقيق الانتصار، دعا نظام الأسد اللاجئين السوريين في الخارج إلى العودة لبلادهم.

وينوه المقال إلى سيطرة تركيا على مساحات شاسعة من شمال سوريا أثناء محاربة داعش والأكراد في عملية درع الفرات، وتُعرف هذه المنطقة باسم "المنطقة الآمنة"، وقد تم ترحيل بعض اللاجئين السوريين في تركيا قسراً إلى هذه المنطقة. وفي ديسمبر الماضي صرح وزير الداخلية التركي أن قرابة 300 ألف لاجئ عادوا إلى ديارهم. وتتزايد المشاعر المعادية للمهاجرين في أوروبا والبلدان المجاورة مثل تركيا، ويضغط السياسيون على نحو متزايد لعودة اللاجئين إلى ديارهم.

بطش نظام الأسد
ويرى المقال أن عمليات إعادة اللاجئين الذين تم ترحيلهم خلال العامين الماضيين لم تلتزم بالمعايير الدولية، ولا تسيطر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة على هذه العملية ولاتزال سوريا غير آمنة، وثمة العديد من العائدين قُتلوا على يد نظام الأسد، وقام النشطاء في مجال حقوق الإنسان بفهرسة عشرات الحالات لأشخاص عائدين تم احتجازهم أو استجوابهم عندما قرروا البقاء في مناطق المصالحة بسوريا.

ويشير المقال إلى أن سوريا تعاني من أزمات اقتصادية تفاقمت بسبب العقوبات الغربية التي تحول دون وصول المساعدات الجادة لإعادة الإعمار. ويعيش ثلثا السوريين في فقر مدقع الآن، وفقاً للبنك الدولي، كما تعاني سوريا من أزمة الغاز التي استمرت خلال فصل الشتاء، ولم تتطرق وسائل الإعلام إلى ذلك بسبب انشغال الإعلام الغربي بالتطورات الأخيرة في حملة طرد تنظيم داعش الإرهابي من معقلة الأخير بالأراضي السورية.

ويختتم المقال بأن إجبار اللاجئين على العودة قد يقود إلى الاحتجاز والاختفاء القسري لأولئك الذين يعتقد نظام الأسد أنهم يشكلون تهديداً أو يستحقون العقاب، ولكنه سيضيف أيضاً إلى مأساة أولئك الذين تم تجريدهم من أملاكهم في الكثير من الأحيان، إنه نذير كئيب لما سيأتي بعد.