النائبان اللبنانيان نواف الموسوي ونديم الجميل (أرشيف)
النائبان اللبنانيان نواف الموسوي ونديم الجميل (أرشيف)
الخميس 28 فبراير 2019 / 20:57

الموسوي أمام الجميل

بعد مرور أكثر من عقدين على اغتيال بشير الجميل، يُعاود حزب الكتائب الذي ينوب عنه في البرلمان اللبناني ابن الرئيس الراحل، الاحتفال بالمناسبة. وتحت قبة البرلمان يعلو الشجار بين نائب حزب الله نواف الموسوي، ونائب الكتائب نديم ابن الراحل.

ي الوقت الذي يقاتل حزب الله في سوريا والعراق واليمن، لا حاجة له لأن يستفز المسيحيين ولا حاجة له إلى نائب يعيد التذكير بالحرب الأهلية وبالتحالف المسيحي مع الاسرائيليين ولا حاجة للحزب بأن يذكر المسيحيين اللبنانيين بما يشبه أن يكون هزيمتهم في الحرب الأهلية

ويقول الموسوي، إن الجميل جاء على دبابة اسرائيلية إلى المعركة الرئاسية، وتثور ثائرة الكتائب وينزل الشبان المسيحيون إلى الشارع احتجاجاً على كلام الموسوي. لا بد أن الشعور باستفزاز المسيحيين والمساس بهم أثار الكثير من المسيحيين الذين يجدون أنفسهم بعد كل ما جرى، مخنوقي الصوت عرضة للاستفزاز. كان الانتفاض والاحتجاج في الشارع من علامات هذا الشعور.

نحن حتى الآن لا نزال في لبنان القديم، لبنان الحرب الأهلية التي تراءى بعد انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية أنها تراجعت، خاصةً أن الحرب الأهلية التي هبت في كل مكان عربي لم تقارب الحدود اللبنانية، وخاصةً أيضاً بعد انتخاب ميشال عون الذي خاض مثل بشير الجميل معركةً ضد السوريين.

ميشال عون الذي يقارن وفي أحيان كثيرة ببشير الجميل، هو نيل من المسيحيين كلهم، ونيل من رئيسهم الذي لم يسم نفسه عبثاً الرجل القوي، ولم يسم تياره عبثاً التيار القوي. لقد بدا أن العودة الى الصراع على بشير الجميل هي عودة الى حصار المسيحيين والحيلولة دون أن تكون لهم حصة وافية في الدولة وفي السلطة، خاصةً أن انتخاب ميشال عون أعاد إلى المسيحيين أحلامهم بموقع أول في السلطة وتسلم زمام سلطة قوية.

هذه الأحلام لم تعد بالتأكيد متصلة بالواقع، والأغلب أنها باتت مهتزة وغير راسخة منذ عهد بعيد، لكنها لا تزال في ذاكرة هؤلاء المسيحيين وتطلعاتهم.

العارفون يدركون من اليوم أن القوة هي لحزب الله، ووحده يملك السلطة ووحده لا يحتاج الى التصريح بذلك، فالحزب الذي واجه إسرائيل قبل أكثر من عشر سنوات هو الآن لبنان القوي، وهو الآن صاحب الهيمنة الأكبر.

التحالف الشيعي المسيحي، جناح عون لم يكن بلا سبب. المسيحيون لا يستطيعون دون هذا التحالف أن يحتفظوا ببصمتهم على السلطة، ولا يستطيعون دون هذا التحالف أن يحتفظوا بهيبتهم وذلك بإضافة قوتهم العادية إلى قوة حزب الله الفائقة.

يستطيعون أن يستفيدوا من قوة حزب الله ويستطيعون أن يحتفظوا بالقوة وإن كانت صوريةً. حزب الله إلى الآن يخدم التحالف الايراني في المنطقة، ولا يبدو أن مطامحه تتعدى خدمة هذا التحالف وتطويق إسرائيل والبقاء في موقع مجابهة لها.

كل ذلك ليست له ترجمة لبنانية فحزب الله لا يملك طموحاً في لبنان يتعدى شرعيته اللبنانية، وهي أمر ليس أجدر من التيار المسيحي بتقديمه له، ففي بلد متعدد مثل لبنان، وفي منطقة متعددة كالمنطقة العربية، يكفي حزب الله أن يجد حليفاً يخدم مشروعيته، وليس أكثر من المسيحيين اللبنانيين قدرةً على إعطائه هذه المشروعية.

في الوقت الذي يقاتل حزب الله في سوريا، والعراق، واليمن، لا حاجة له لأن يستفز المسيحيين ولا حاجة له إلى نائب يعيد التذكير بالحرب الأهلية، وبالتحالف المسيحي مع الإسرائيليين، ولا حاجة للحزب بأن يذكر المسيحيين اللبنانيين بما يشبه أن يكون هزيمتهم في الحرب الأهلية التي جر تعقل الحزب إلى عدم الاشتراك فيها، فكسب بذلك سمعة طيبة لدى المسيحيين، واذا كانت الدبابة الاسرائيلية فرقت في يوم بين الحزب والمسيحيين فإن هذا اليوم زال وما بقي هو المشروعية التي يمنحها المسيحيون للحزب، فيما يمنح الحزب للمسيحيين مقابلها قوته، أو إضافة قوته إلى قوتهم، ولا داعي بعد لفتح الموضوع الإسرائيلي، ولا التذكير به فقد أخرج المسيحيون أصابعهم من هذا الجمر الذي أحرقها، وتبين لهم أن الخروج منه في هذه المنطقة خير لهم ولا ضرورة بعد لمحاسبتهم عليه أو الرجوع له كما فعل الموسوي الذي استحق من حزبه عاماً كاملاً من التنحية والمقاطعة.