جزائري يحمل علم بلاده في العاصمة (أرشيف)
جزائري يحمل علم بلاده في العاصمة (أرشيف)
الخميس 14 مارس 2019 / 16:50

الجزائريون لفتوا انتباه العالم.. لم ينزلقوا إلى الفوضى

24- زياد الأشقر

رأت الباحثة نبيلة رمضاني أنه من الصعب إيجاد شخص جزائري على قيد الحياة يجسد التاريخ الحديث للبلاد أكثر من الرئيس المريض عبد العزيز بوتفليقة البالغ من العمر 82 سنة، إلا أن جموده الراهن بات يمثل الركود الذي يسود بلداً ذا امكانات هائلة على صعيد احتياطات النفط والغاز.

 وفي الأسابيع الأخيرة، عبّر الجزائريون عن استيائهم من خلال تظاهرات حاشدة، ليس فقط في الجزائر، وإنما في عدد من البلدان التي ينتشرون فيها. وأقلق المتظاهرين قرار بوتفليقة الذي تراجع عنه لاحقاً بالترشح لولاية رئاسية خامسة بعدما أمضى 20 عاماً في منصبه.  

مسيرة بوتفليقة
وبوتفليقة الذي يترأس أكبر دولة أفريقية من حيث المساحة، مولود في ظل الاستعمار الفرنسي عام 1937 في مدينة وجدة المغربية، التي هاجر إليها والداه بحثاً عن عمل. وعاد إلى وطنه الأم مراهقاً، لينضم إلى الحركة الوطنية، وقاتل تحت لواء الجناح العسكري لجبهة التحرير الوطني التي حصلت في النهاية على الاستقلال عام 1962 بعد صراع دموي. وبعد الاستقلال عانى بوتفليقة من حياة سياسية هشة. ومع انتشار مزاعم الفساد في أنحاء الجمهورية الناشئة، ذهب بوتفليقة إلى المنافي، وألحقت به هو أيضاً تهمة الفساد، لكنه أكد أنه تعرض لتشويه السمعة من المعارضين السياسيين، وعاد إلى الجزائر عام 1987، عازماً على رد اعتباره واستئناف حياته السياسية.

الرئاسة
ودعم الجيش الجزائري عضوية بوتفليقة في اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني. وكان شاهداً على حرب أهلية بدأت عام 1991 واستمرت عشرة أعوام، وحافظ على دور خلفي في معظم هذه الفترة، قبل أن يترشح كمستقل ويفوز برئاسة الجزائر عام 1999. ومنذ تعرضه لجلطة دماغية عام 2013، لم يخاطب الشعب.

وفي الاحتجاجات الأخيرة، تحدى نحو 3 ملايين جزائري من مختلف نواحي الحياة، من الطلاب إلى القضاة، قانوناً صدر عام 2001 يحظر التجمعات المناهضة للحكومة. ومع ذلك، كان أكثر ما يلفت الانتباه أن الفوضى التي شهدتها دول عدة في أنحاء العالم العربي قبل ثمانية أعوام لم تتكرر في الجزائر. وكانت الحشود سلمية للغاية وتصرفت بشكل جيد. ووضعت مدونة لقواعد السلوك، تشجع المتظاهرين المناوئين لبوتفليقة على ارتداء ملابس مناسبة وتنظيف الشوارع بعد الاحتجاجات، وتبادل المحتجون كل شيء من مياه الشرب إلى الخل كعلاج من الغاز المسيل للدموع.

انتقال ديمقراطي
وخلصت الكاتبة إلى أن المكسب الذي حققه المتظاهرون لن يكتمل من دون حصول عملية انتقال ديمقراطي للسلطة، وليس عبر الحل المشوش الذي اقترحه بوتفليقة بتأجيل الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 18 أبريل (نيسان) إلى أجل غير مسمى. واعتبرت أن تقاعد بوتفليقة بمثابة فرصة تاريخية يجب عدم تفويتها.