السيستاني مستقبلاً روحاني وظريف (أف ب)
السيستاني مستقبلاً روحاني وظريف (أف ب)
الجمعة 15 مارس 2019 / 13:50

زيارة روحاني للعراق.. سعي للالتفاف على العقوبات وتصاعد التوتر مع واشطن

وصف الباحثان إيلي جيرانمايه وحسين داود، بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أول رحلة رسمية للرئيس الإيراني حسن روحاني إلى العراق بأنها محاولة للالتفاف على العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، كما أنها ستقود إلى زيادة التوترات بين طهران وواشنطن.

حرص إيران على إبرام مجموعة من الاتفاقيات الاقتصادية مع العراق خلال هذه الزيارة ينطلق من محاولة تعويض الأضرار الاقتصادية للعقوبات الأمريكية المفروضة عليها

 وخلال هذه الزيارة التي استمرت ثلاثة أيام، وقع الطرفان العديد من الصفقات التجارية الأولية بين البلدين تشمل الطاقة ومشاريع السكك الحديدية والصحة وتأشيرات المستثمرين التي تهدف إلى تعزيز التجارة المتبادلة البالغ حجمها 12 مليار دولار لتصل إلى 20 مليار دولار.

الالتفاف على العقوبات
ويرى المقال الذي نشره الباحثان في موقع المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن هذه الزيارة جزء من استراتيجية سياسية وأمنية واقتصادية تتبعها طهران بعد انسحاب الولايات المتحدة من صفقة النووي الإيراني، في محاولة للالتفاف على فرض العقوبات الأمريكية على الاقتصاد الإيراني.

وتبدو إيران حريصة على مواجهة الاستراتيجية الأمريكية المتمثلة في وضعها تحت "أقصى قدر من الضغط" لاسيما في ما يتعلق بضمان العلاقات الوثيقة مع الدول على حدودها، ومن ثم فإن إيران في حالة تأهب تام للضغط الأمريكي المتزايد على الحكومة العراقية الجديدة لدحر النفوذ الإيراني في العراق. والواقع أن إيران أنفقت الكثير من الموارد لمحاربة داعش في العراق، وبعد توقف القتال تسعى طهران لضمان المكاسب التي حققتها إلى جانب التأكد من عدم تحول أي فصيل سياسي في العراق ضدها.

رسالة سياسية
ويرى المقال أن طهران من خلال هذه الزيارة أرسلت رسالة سياسية واضحة إلى الولايات المتحدة مفادها أنه حتى مع حقيقة أن القوات الأمريكية لها اليد العليا في المجال الجوي العراقي، فإن إيران هي اللاعب الخارجي الرئيسي على الأرض، وعلى عكس الزيارة المفاجئة التي قام بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى قاعدة جوية بالعراق في ديسمبر(كانون الأول) الماضي، تم استقبال روحاني بشكل علني ورسمي من قبل الحكومة العراقية واجتمع مع مجموعة من الفصائل العراقية والزعماء السياسيين المتنافسين.

تداعيات العقوبات الأمريكية
ويعتبر المقال أن حرص إيران على إبرام مجموعة من الاتفاقيات الاقتصادية مع العراق خلال هذه الزيارة ينطلق من محاولة تعويض الأضرار الاقتصادية للعقوبات الأمريكية المفروضة عليها من خلال توسيع نطاق التجارة مع دول الجوار، ومنذ دخول العقوبات حيز التنفيذ أصبح العراق من أكبر الشركاء التجاريين لإيران؛ حيث تمتلك الحكومة الإيرانية مبالغ كبيرة من الأموال لدى البنوك العراقية.

واستطاعت العقوبات الأمريكية أن تضرب المصالح المصرفية العالمية لإيران، ولذلك تتطلع إيران الآن إلى أن يوفر العراق قناة لدفع الأموال والحصول على الدولار الأمريكي، ولكن هذا الأمر يحتاج إلى ترتيب طويل، بحسب المقال، لاسيما أن العراق يكافح من أجل الوفاء بالتزاماته المالية الحالية تجاه إيران. فعلى سبيل المثال انتقد وزير النفط الإيراني بغداد لفشلها في دفع التزاماتها عن واردات الطاقة الإيرانية قيمتها ملياري دولار بسبب الالتزام بالعقوبات الأمريكية.

تحديات إعادة الإعمار
ويلفت المقال إلى أن طهران أكدت خلال هذه الرسالة أنها تتوقع من العراق أن يقف إلى جانبها لتخفيف محنتها الاقتصادية الناجمة عن فرض العقوبات الأمريكية، مثلما وقفت إيران بجانب العراق في حربه ضد داعش، ولكن العراق يواجه تحديات في حقبة إعادة الإعمار.

ويواجه العراق ضغوطاً مكثفة من واشنطن للحد من الروابط الاقتصادية مع إيران بعد دخول العقوبات الأمريكية ضد الأخيرة حيز التنفيذ، وبخاصة لأن العراق يمكن أن تكون قناة مهمة لوصول إيران إلى الدولار الأمريكي. وركزت الولايات المتحدة على الضغط لتقليص واردات العراق من الكهرباء والغاز الإيرانيين، بيد أن العراق طالبت بتمديد الاعفاءات الأمريكية التي تسمح له بمواصلة استيراد إمدادات الطاقة الحيوية من إيران.

ويبدو أن العراق لن يلتزم بالموعد النهائي المحدد من الولايات المتحدة لإنهاء اعتماده على الصادرات الإيرانية وخاصة صادرات الكهرباء والغاز؛ إذ تخشى الحكومة العراقية أن يقود ذلك إلى تكرار الاحتجاجات غير المسبوقة التي شهدتها البصرة الصيف الماضي، وبالفعل بدأت واشنطن في إدراك هذه الحقيقة أن ثلث إنتاج العراق من الكهرباء يعتمد على الواردات الإيرانية. وبحسب كبار المسؤولين العراقيين، يستغرق الأمر ما بين عامين إلى ثلاثة أعوام لإنشاء البنية التحتية اللازمة لخفض هذه الواردات. وبدلاً من الضغط على العراق، تحاول الولايات المتحدة إدخال شركات أمريكية مثل "جنرال إلكتريك" لإعادة تأهيل قطاع الطاقة في العراق على مدار الأعوام المقبلة.

ويختتم المقال أن الحقائق على أرض الواقع في العراق تفرض على الجهات الأوروبية دعم الجهود التي تبذلها الحكومة العراقية الجديدة للحفاظ على التوازن بين إيران والولايات المتحدة، وتحذير الجانبين من التصعيد الذي قد يدفع العراق إلى حلقة أخرى من الصراع.