شابة من أنصار داعش الأوروبيات في سوريا (أرشيف)
شابة من أنصار داعش الأوروبيات في سوريا (أرشيف)
الأحد 17 مارس 2019 / 13:15

جذور استعمارية للتعاطف الغربي مع عرائس داعش

يلقى أوروبيون انضموا إلى داعش في سوريا استسلموا أخيراً، اهتماماً واسع النطاق، وتعاطفاً معهم على رغم كثرة ضحاياهم. وفي ظل هذا التوجه لتسليط الضوء على الجناة، يُركز بشكل خاص على "عرائس داعش"، اللواتي دعمن داعش، وغالباً ما سافرن بعيداً عن أوطانهن للالتحاق بالتنظيم.

يعتقد هؤلاء أن جنسيتهم الأوروبية تجعلهم محصنين في سوريا، ولا تنطبق عليهم قوانين محلية

ويشير سيث فرانتزمان، كاتب لدى منتدى الشرق الأوسط، ومؤسس مركز الشرق الأوسط للتحرير والتحليلات، إلى دعم عدد من النسوة ممارسات داعش الوحشية من استعباد، واغتصاب، كما تأكد من خلال مقابلة صحافية نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، في 9 مارس( آذار) الجاري.

إرث استعماري
وكتب فرانتزمان، في موقع "ميدل إيست فورم": "يدل تركيز الأضواء على عناصر داعش الأوروبيين، والإصرار على حقهم في العودة إلى بلدانهم، ورفض محاكمتهم من محاكم محلية عراقية أو رسمية سورية، على التمسك بإرث استعماري. فقد رفضت حكومات أوروبية تسليم جناة إلى محاكم محلية في ظل اعتقاد أن سكاناً محليين هم أقل شأناً. كما تذكر فكرة تمكن أوروبيين من الالتحاق بتنظيمات ترتكب عمليات إبادة جماعية، ونجاتهم من المحاسبة، بالفشل في محاكمة النازيين ومجرمي عهد الاستعمار"

شميما بيغوم
ويشير كاتب المقال إلى مثال تجسد في قصة شميما بيغوم التي ذهبت إلى سوريا للالتحاق بداعش، التي تلقى اليوم تعاطفاً كبيراً في المملكة المتحدة حتى بدا كأن الأوروبيين الذين انضموا إلى تنظيمات إرهابية هم الضحايا الرئيسيون.

ووصل الأمر إلى درجة أن ديانا آبوت، وزيرة الداخلية في حكومة الظل عن حزب العمال في بريطانيا، وصفت تجريد الحكومة البريطانية بيغوم من جنسيتها "بإجراء قاس وغير إنساني".

وحسب الكاتب، ليس كل الاهتمام عاطفياً، لكن الإفراط في التركيز على "عرائس داعش" على حساب ضحايا التنظيم، هو من إرث عهد الاستعمار، ويرسم للأوروبيين صورةً عن تفوقهم على باقي سكان العالم.

ويكمن الاختلاف الرئيسي في أنه فيما استند الفكر النازي والاستعماري إلى فكرة تفوق البيض، فقد منح عناصر داعش من الأوروبيين هويةً تحمل وصف "أوروبيين" أو "غربيين" دون اعتبار إن كانوا بيضاً أو ملونين، طالما هم يحملون جنسية بلد أوروبي.

موضع إشادة
ويلفت الكاتب للإشادة التي حظي بها أعضاء داعش البريطانيين بسبب جنسيتهم وأياً كان سبب رغبتهم في العودة إلى بلادهم، تبقى النتيجة واحدة، وتقوم على فكرة أن أشخاصاً صادف أنهم حملوا جنسيات سويدية، أو ألمانية، أو فرنسية يوصفون بأنهم متفوقون على الأجانب، وحتى لو شاركوا في إبادة أجانب.

واشتهر داعش بالقتل الممنهج للطائفة الإيزيدية في العراق، واختطفت وبيع واغتصبت أكثر من 5 آلاف امرأة وطفل أيزيدي.

ولا يزال قرابة 3 آلاف منهم مفقودين. ودفن داعش ضحاياه في 69 مقبرة جماعية في العراق، في مشاهد مماثلة لما جرى في ألمانيا عند قتل يهود ودفنهم في حفر في وحدات قتل متنقلة، في 1941.

مشاركة
ويلفت الكاتب إلى مشاركة أوروبيين في جرائم داعش، كما فعلوا مع النازيين. وانضم إلى داعش أكثر من 5 آلاف شخص من كافة أرجاء أوروبا، منهم من تحول إلى الإسلام من فنلندا، وفرنسا، وألمانيا، والمملكة المتحدة، ودول أخرى.

وكان كثير منهم من الطبقة الوسطى، وتباهوا، في 2014، بأنهم في طريقهم إلى سوريا للاغتصاب، والقتل، والإبادة الجماعية للأقليات.

وفيما حاول النازيون إخفاء جرائمهم، وإخفاء ما ارتكبوه، تباهى أعضاء داعش، خاصةً الأوروبيين منهم، من خلال كتابات على تويتر، بشراء الرقيق وقطع الرؤوس.

وعندما انتهت فورة جرائم داعش، استسلم أكثر من 1000 من المجرمين الأوروبيين في سوريا، واعتقلتهم قوات سوريا الديمقراطية، حليف أمريكا في قتال داعش.

وفي حالات عدة، يبدو أن أولئك الأوروبيين هربوا من أغلب المعارك، وكمنوا حتى استسلامهم، منتظرين معاملةً طيبةً، خلافاً لأجانب آخرين من مناطق بعيدة مثل وسط آسيا، أو الشيشان.

مطالب
و"طالب" هؤلاء، في لقاءات صحافية، بالعودة إلى بلدان مثل هولندا ونيوزيلندا. ولم يبد أياً منهم ندماً على جرائم داعش، مثل الإبادة، أوالاستعباد، أوالاغتصاب الجماعي. ولم يعبر هؤلاء سوى عن مشاعر التميز، باستخدام مصطلحات مثل حرية التعبير، للإشارة إلى أنهم غربيون، ويتوقعون معاملة خاصة بوصفهم غربيين.

وكما كان المستعمرون القدامى الذين عادوا إلى أوروبا من بلدان مثل الهند أو كينيا، يعتقد هؤلاء أن جنسيتهم الأوروبية تجعلهم محصنين في سوريا، ولا تنطبق عليهم القوانين المحلية.

إلى ذلك، يرى الكاتب بوجوب تعويض ضحايا داعش، خاصةً ضحايا أعضاء التنظيم الأوروبيين، لأنه كان لهم أيضاً حق في الحياة. ولكن الفرق الوحيد أنهم لم يكونوا من حملة جنسيات أي من دول الاتحاد الأوروبي.