صورة جماعة للزعماء العرب خلال قمة الظهران (رويترز)
صورة جماعة للزعماء العرب خلال قمة الظهران (رويترز)
الأحد 31 مارس 2019 / 15:33

القمم العربية.. 73 عاماً من الإصرار على النجاح.. رغم إسرائيل

فيما تتوافد وفود الدول العربية إلى تونس، للمشاركة في القمة العربية في دورتها الـ30، التي ستنطلق اليوم الأحد، طُرحت الكثير من الأسئلة حول الملفات التي سيناقشها القادة العرب، خاصةً بعد التطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة.

وتأتي قمة تونس بعد أيام قليلة من اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السوري المحتلة، والضربات الإسرائيلية لحلب، واستمرار الأزمة في اليمن للعام الخامس، واستمرار المقاطعة العربية لقطر، وانفجار أزمة سياسية في الجزائر.

وفي ظل التطورات، تبقى التساؤلات عن قدرة القادة العرب على فتح كل الملفات إضافةً إلى ملف عودة دمشق إلى الحضن العربي، ووقف التدخلات الإيرانية.

نبذة تاريخية
يعود تاريخ القمم العربية إلى 1946، وشهدت مصر أول قمة عربية، في 28 مايو (أيار)، بعد أيام من استقلال الأردن، وشهرين من تأسيس جامعة الدول العربية، واجتماع الدول السبع المؤسسة وهي مصر، والأردن، والسعودية، واليمن، والعراق، ولبنان، وسوريا، في قصر أنشاص في دلتا النيل، بدعوة من الملك فاروق.

وناقشت القمة ملفات عدة، كان أبرزها تأكيد جوهرية القضية الفلسطينية، والدعوة إلى وقف الهجرة اليهودية إلى الأراضي المحتلة، وضرورة حصول كافة الدول العربية على استقلالها، والعمل على نهوض الشعوب العربية وتنمية دولهم.


وبعدها بنحو 10 سنوات، في 13 نوفمبر(تشرين الثاني) 1956، تلقى تسعة رؤساء عرب دعوةً من الرئيس اللبناني كميل شمعون، لحضور القمة الثانية في بيروت، بعد العدوان الثلاثي على مصر، أو حرب السويس، على قناة السويس، وشبه جزيرة سيناء، وقطاع غزة، التي شنتها إسرائيل، وبريطانيا، وفرنسا.

وخلص البيان الختامي للقمة، إلى التشديد على دعم مصر، وحق الدفاع عن النفس، تبعاً لقرارات الأمم المتحدة، وأيضاً تأييد نضال الشعب الجزائري من أجل الاستقلال عن فرنسا.

وبعد حوالي 8 أعوام، دعا الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، في مقر الجامعة العربية بالقاهرة في 1964، القادة العرب إلى قمة خرجت ببيان يدعو إلى توحيد الصف العربي لمواجهة الكيان الصهيوني، وتشكيل قيادة عربية موحدة للجيوش العربية.


أبرز المحطات
وانطلاقاً من قمة القاهرة، بدأت القمم العربية في الانتظام بشكل دوري إلى حد ما، وصدرت عنها  قرارات عدة مهمة اتخذها القادة العرب في سنوات عاشت فيها المنطقة أحداثاً خطيرة ومتسارعة وبعضها جذري، من أبرزها:

في سبتمبر (أيلول) 1964 رحبت قمة الإسكندرية بإنشاء منظمة التحرير الفلسطينية واعتمدتها ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني في تحمل مسؤولية العمل لقضية فلسطين، وبعدها بثلاثة أعوام، عقدت قمة الخرطوم، بعد نكسة يونيو (حزيران) 1967 وتبنت شعار اللاءات الثلاث "لا صلح، ولا مفاوضات، ولا اعتراف بإسرائيل".

المصالحة الأردنية الفلسطينية
وفي قمة استثنائية استضافتها القاهرة في سبتمبر (أيلول)، في أوج المواجهات بين الأردن والفلسطينيين، قررت القمة التي قاطعتها سوريا، والعراق، والجزائر، والمغرب، تشكيل لجنة رباعية لحل الخلاف وأفضت إلى مصالحة بين عاهل الأردن الملك حسين والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات.

واستمرت القمم العربية في الانعقاد، فاستضافت الرباط في أكتوبر (تشرين الأول) 1974،  القمة التي اعتمد فيها القادة العرب، منظمة التحرير الفلسطينية، "ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني".

وبعدها بعامين، شهدت الرياض قمة عربية سداسية للبحث في الحرب الأهلية في لبنان، ودعت إلى وقف إطلاق النار وتطبيق "اتفاق القاهرة"، وقررت تعزيز قوات الأمن العربية لتصبح قوة ردع، قوامها ثلاثون ألف جندي.


مشروع سلام سعودي.. وإدانة إيران
وسعياً من السعودية للوقوف إلى جانب أشقائها العرب، جاء مشروع الملك فهد للسلام في الشرق الأوسط، وأقر مشروعاً للسلام العربي، في مؤتمر القمة العربي العادي الـ12 في فاس المغربية الذي عقد بين 1981- 1982.

وفي نوفمبر(تشرين الثاني) 1987، استضافت العاصمة الأردنية عمان، قمة غير عادية أجمع فيها القادة العرب على إدانة حتلال إيران لأراضي العراق، والتضامن الكامل مع العراق للدفاع عن أرضه وسيادته، كما أدانوا الاعتداءات الإيرانية على الكويت، داعين إلى ضمان حرية الملاحة الدولية في الخليج العربي وفقاً لقواعد القانون الدولي.

وفي مارس (آذار) 2001، عقدت قمة عربية عادية في العاصمة الأردنية عمان، مؤكدة تضامنها التام مع الشعب الفلسطيني، وسيادة الإمارات على جزرها الثلاث طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى، وتأييد جميع الإجراءات والوسائل السلمية التي تتخذها لاستعادة سيادتها على جزرها التي تحتلها إيران.

وبعدها بعام، استضافت بيروت قمة عربية تبنت فيها مبادرة السلام السعودية، ودعمت ميزانية السلطة الفلسطينية بـ 330 مليون دولار ولمدة ستة أشهر قابلة للتجديد، ودعت الدول الأعضاء إلى دعم إضافي بـ 150 مليون دولار لفائدة صندوقي الأقصى وانتفاضة القدس، لدعم مجالات التنمية في فلسطين.


قمة السلام.. وتحصين الهوية العربية
وفي مارس (آذار) 2005، استضافت الجزائر قمة عربية، جدد فيها القادة العرب الالتزام بمبادرة السلام العربية، وإدانة استمرار إسرائيل في بناء الجدار التوسعي.

وفي 2007، استضافت العاصمة السعودية الرياض في مارس (آذار)، القمة العربية العادية الـ19، وصدر البيان الختامي للقمة بتأكيد ضرورة العمل الجاد لتحصين الهوية العربية، وأهمية نشر ثقافة الاعتدال والتسامح والحوار والانفتاح ورفض كل أشكال الإرهاب والعنصرية.

كما جدد "بيان الرياض"، ضرورة التسوية السلمية للصراع العربي الإسرائيلي، استناداً إلى مبادئ الشرعية الدولية وقراراتها، ومبدأ الأرض مقابل السلام، إضافةً إلى إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل.



الأزمة السورية
وفي مارس (آذار) 2012، ومع تصاعد الأزمات السياسي في عدة دول، خاصة بعد تعليق مشاركة سوريا في  الجامعة، والمنظمات والأجهزة التابعة لها، التقى القادة العرب في العاصمة العراقية بغداد، لدعوة السلطات السورية والمعارضة، إلى الحوار، مطالبين دمشق بالتطبيق الفوري لخطة الموفد الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية في سوريا يومها، كوفي انان.

ودعوا الحكومة السورية إلى الوقف الفوري لأعمال العنف والقتل كافة، مشددين على موقفهم الثابت في الحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها وسلامتها الإقليمية وتجنيبها أي تدخل عسكري.

رفض يهودية إسرائيل
واستمرت مسيرة القمم العربية، فاستضافت الكويت قمة صدر عنها "إعلان الكويت"، الذي جدد فيه القادة العرب التعهد بإيجاد الحلول اللازمة للأوضاع الدقيقة والحرجة التي يمر بها الوطن العربي برؤية عميقة وبصيرة منفتحة.

وأكد الإعلان الرفض المطلق والقاطع للاعتراف بإسرائيل دولةً يهودية، واستمرار الاستيطان، وتهويد القدس، والاعتداء على مقدساتها الإسلامية والمسيحية، وتغيير وضعها الديمغرافي والجغرافي.


وفي 2016، احتضنت موريتانيا، القمة العربية الـ27، التي أكدت في بيانها الختامي جوهرية القضية الفلسطينية في العمل العربي المشترك، والمضي قدماً في دعم صمود الشعب الفلسطيني في وجه العدوان الإسرائيلي، ورحبت بالمبادرة الفرنسية الداعية إلى عقد مؤتمر دولي للسلام يمهد له بوقف جميع الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية بما يكفل حق الشعب الفلسطيني "وفق إطار زمني" في إقامة دولته المستقلة على حدود 4 يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كاملة السيادة على مجالها الجوي ومياهها الإقليمية وحدودها الدولية، والحل العادل لقضية اللاجئين، ورفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة، وإطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين، ووقف الاعتداءات على المسجد الأقصى.

"قمة الظهران"
وأخيراً في العام الماضي، أعلنت "قمة الظهران" في السعودية، التي حملت اسم"قمة القدس"، بحضور 22 دولة، رفض كل الخطوات الإسرائيلية الأحادية  لتغيير الحقائق وتقويض حل الدولتين، ورفض  الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل، ومطالبة دول العالم بالامتناع عن نقل سفاراتها إلى القدس أو الاعتراف بها عاصمةً لإسرائيل.

وأدان البيان الختامي بأشد العبارات ما تعرضت له السعودية من استهداف لأمنها عبر إطلاق ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران، وجدد الدعمه والمساندة للسعودية والبحرين في كل ما تتخذانه من إجراءات لحماية أمنهما ومقدراتهما من "عبث التدخل الخارجي وأياديه الآثمة".

وطالب البيان المجتمع الدولي بتشديد العقوبات على إيران وميليشياتها ومنعها من دعم الجماعات الإرهابية، ومن تزويد ميليشيات الحوثي بالصواريخ الباليستية التي توجه من اليمن للمدن السعودية والامتثال للقرار الأممي رقم 2216 الذي يمنع توريد الأسلحة للحوثيين، ومساندة جهود التحالف العربي لدعم لشرعية في اليمن لإنهاء الأزمة اليمنية، على أساس المبادرة الخليجية.


"قمة تونس" وأبرز التوقعات
وفي القمة العربية الثلاثون، يتوقع محللون ومتابعون للأوضاع في المنطقة، أن يتحد الزعماء العرب لرفض القرار الأمريكي بالاعتراف بضم إسرائيل للأراضي العربية التي استولت عليها في 1967.

وقال مسؤولون عرب، بحسب رويترز، إن تحول الموقف الأمريكي من الجولان السوري المحتل، والمطالب الفلسطينية بتأسيس دولة مستقلة في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، ستُهيمن على القمة.

وتأتي القمة بينما تشهد الجزائر والسودان اضطرابات سياسية، واستمرار الحرب في اليمن، وتصاعد نفوذ إيران في منطقة الشرق الأوسط.

وستكون قمة تونس أول مرة يلتقي فيها زعيما السعودية وقطر في اجتماع واحد، منذ مقاطعة أربع دول عربية هي الإمارات، والسعودية، ومصر، والبحرين للدوحة في 2017، لدعمها الإرهاب والتقارب مع إيران.