السبت 6 أبريل 2019 / 19:54

رجب حوش صاحبك عني

كلمة السر هي "رجب" والتعظيم الدفين للمحتل التركي والإعجاب العميق بكل تاريخه الإجرامي، بكل تفاصيله. وأدنى إطلالة على سلسلة قنوات "الجزيرة" ستنقل لك هذا الشعور

زعم بعض المتخصصين في لغة الجسد، أن مغادرة أمير قطر تميم بن حمد لمقر مؤتمر القمة العربية في تونس، شابها بعض التردد الخفي، مما يوحي بأن أمير قطر "قد أوحي إليه" بمغادرة المكان، ولم يكن هذا القرار اجتهاداً منه. لا يمكن أن نجزم بهذا، لكن تلك المغادرة كانت لغز الأسبوع الماضي، فأمير قطر قد حضر للقمة العربية في تونس برغبته، وهو بكامل قواه العقلية، وكان على وشك أن يلقي كلمة في تلك القمة، فما الذي جعله يغادر هذا المحفل العربي الكبير في تونس الخضراء، بهذه الصورة التي أثارت فضول كل من كان يشاهد التلفزيون وأحرجت أصحاب الدعوة؟!

قناة الجزيرة وكل الصحف والمواقع والشخصيات المشهورة في شبكات التواصل الاجتماعي ممن يُحسبون على النظام القطري، كلهم لاذوا بالصمت ولم يُعلقوا على الحادثة بقليل ولا بكثير، كل أولئك الذين اعتدنا أن نراهم يطلقون ألسنتهم ويحشرون أنفسهم في كل قضية، لم يجدوا تبريراً واحداً يذكرونه للدفاع عن أميرهم ومغادرته المريبة. من الواضح أن تلك المنصات لا تعمل إلا بتوجيه، ومن الواضح أيضاً أن هذا التوجيه لم يأت، إلا أن هناك مصادر محسوبة على القطريين قد أشارت إلى أن أمير قطر قد غادر مقر القمة احتجاجاً على كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الذي أعلن بكل حصافة ولباقة سياسية، عن موقف عربي موحّد ضد تدخلات "جيران الإقليم" وبالأخص تركيا وإيران في الشئون العربية.

هذا هو السبب وكلمة السر هي "رجب" والتعظيم الدفين للمحتل التركي والإعجاب العميق بكل تاريخه الإجرامي، بكل تفاصيله. أدنى إطلالة على سلسلة قنوات الجزيرة ستنقل لك هذا الشعور، وبالأمس القريب بثت الجزيرة الوثائقية برنامجاً عن "الأخوة التركية/العربية" عبر التاريخ، عنوان لا يخلو من سخرية واستظراف واستخفاف بعقول المتابعين لتكريس كذبة الأخوة التي ليست سوى دعوة لخضوع القطريين للمحتل الأجنبي.

حقيقة، لقد بقينا لأيام، ننتظر أن يعتذر أمير قطر بسبب آخر غير هذا، ثم تبين فعلا أنه، ككل من تولى تربيته "الإخوان"، غضب مما اعتبره تطاولاً على "خليفته" الذي يرى فيه بقية "السلف الصالح" لكن بمواصفات الألفية الثالثة! أو أنه فعلاً قد أوحي إليه بأن يغادر، لا يوجد إلا هذين التفسيرين. ولو أن قائداً من القادة العظماء، كالملك سلمان بن عبد العزيز أو الشيخ محمد بن زايد، كان في نفس الموقف، وسمع انتقاداً يُوجه لحليفه في محفل عام كهذا، فإنه بلا شك ما كان ليغادر بهذه الصورة، بل كان سينتظر دوره في ذلك المحفل وسيرد على تلك الاتهامات في لحظتها، مقارعاً الحجة بالحجة ومُلجماً الخصوم بالأدلة التي تثبت بطلان دعواهم، هذا هو السلوك الطبيعي للعظماء الشجعان. تميم لم يفعل هذا، بل اكتفى بمغادرة باردة خرساء.
نحن أمام مشهد يُصرّ فيه بعض العرب من أبناء منطقتنا على إعلان كله إصرار، عن الخضوع المُذل لمحتلهم التركي، ويبدو أن "رجب" قد عزل صاحبه أمير قطر عنا في الخليج، وعن كل العرب، ولم يعد لنا ألا أن نقول لقطر الأرض وقطر الشعب "معوضين" في قيادتكم العليا، إذ لم يعد لكم قيادة. خصوصاً أن "رجب" في هذه الأيام، بعد الانتخابات الأخيرة، بدأ يلفظ أنفاسه السياسية الأخيرة وها هو يسير نحو الانهيار، بعد أن اتضح أنه من غير المرجح أن يبقى في المشهد السياسي بعد 2023.