رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب (أرشيف)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب (أرشيف)
الثلاثاء 9 أبريل 2019 / 20:49

من خارج النفق الفلسطيني

ينتهي النفق الفلسطيني المظلم الى جدار بلا نوافذ مع إجراء انتخابات الكنيست الإسرائيلي وقرب العد التنازلي للموعد التقريبي الذي حددته الإدارة الأمريكية لإطلاق "صفقة القرن" التي تُلقي ظلالها على أداء الأطراف الإقليمية، وتوابعها في المنطقة.

قد تكون صفقة القرن والاندفاع الإسرائيلي المتزايد نحو اليمين مدخلاً لتحويل الاخفاقات إلى فرص لكن أنماط التفكير الفلسطيني الراهنة وأشكال العلاقات بين الحالات الفلسطينية أبعد ما تكون عن الاستفادة من الخسارة وأقرب إلى الدخول في حالة من الإحباط

تسريبات الصفقة تلتقي عند الإبقاء على كيانين فلسطينيين منفصلين في الضفة والقطاع غير واضحي المعالم يحتفظ الجانب الإسرائيلي بما يكفي من شروط ضبط إيقاعهما حين يتعارض أداءهما مع استراتيجية تهويد وأسرلة فلسطين التاريخية، والتخلص من سكانها العرب .

هشاشة الحالات الفلسطينية لا تترك لها هوامش المناورة للحد من سرعة قطار الصفقة بعد وضعه على السكة حيث تلاشت إمكانيات استعادة الثقة بين رام الله وغزة، فيما تحاول الأطراف الأكثر حيوية في قيادة ما وراء الخط الأخضر، إصلاح المشهد المتهالك في الضفة والقطاع على أمل الاستقواء به في مواجهة تضخم اليمين الإسرائيلي وعدوانية طروحاته، ولأسباب عديدة معظمها من إفرازات اتفاق أوسلو، هُمش الشتات الفلسطيني الذي اعتاد أن يكون فاعلاً منذ النكبة.

المآلات التي انتهت إليها الحالات الفلسطينية المتآكلة والعاجزة عن الاستمرار تستدعي ما هو أبعد من الاكتفاء بإعلان مواقف أو الانكفاء عن مسارات الأحداث والتمسك بآليات عمل أثبتت عبثيتها.

أول متطلبات تطوير الأداء، على ضوء ما وصل إليه المسار السياسي، حل السلطة الفلسطينية باعتبارها نقطة خلاف، وإعادة تحميل مسؤولية المناطق المحتلة فعلياً للاحتلال.

ومن المفترض أن يكون حل السلطة توطئة لإحداث قطيعة مع الإرث الذي انتهى بالقيادة وشعبها إلى ما انتهيا إليه سواءً فيما يتعلق بالتفكير السياسي والعلاقة بين الاستراتيجية والتكتيك، أو أشكال الائتلافات والهيكليات، والبنى الداخلية الموروث بعضها عن النظام الرسمي العربي.

التفكير من خارج النفق يقود إلى ضرورات البحث عن أشكال مختلفة من العلاقة بين مكونات الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومناطق الخط الأخضر، والشتات على ضوء تزايد وضوح استراتيجية المشروع الصهيوني في محطته الراهنة، مع مراعاة تفاصيل ظروف هذه المكونات، فمن شأن مثل هذا التجديد توفير الزخم المطلوب لإيجاد حركة وطنية فلسطينية مختلفة.

تملي مغادرة التفكير النمطي وتخطي حالة الجمود التي أوصلت الفلسطينيين إلى ما وصلوا إليه استبدال واجهة المشهد الفلسطيني التي أثبتت فشلها في إدارة الدفة، وفقدت مبررات وجودها لاسيما وأن بعضها يتحمل المسؤولية بشكل مباشر عن الانكفاءات والهزائم التي منيت بها الحركة الوطنية منذ خمسينيات القرن الماضي.

ففي المرحلة المقبلة ستكون الحاجة ماسة لمن يحظى بثقة قطاعات واسعة من الفعاليات الفلسطينية القادرة على الحشد والتأثير.

قد تكون صفقة القرن والاندفاع الإسرائيلي المتزايد نحو اليمين، مدخلاً لتحويل الإخفاقات إلى فرص لكن أنماط التفكير الفلسطيني الراهنة، وأشكال العلاقات بين الحالات الفلسطينية أبعد ما تكون عن الاستفادة من الخسارة، وأقرب إلى الدخول في حالة من الإحباط تحول دون القدرة على التعامل مع المستجدات، ما يعني استمرار الفلسطينيين في المراوحة بين هزيمة وأخرى.