الجمعة 19 أبريل 2019 / 00:49

الأمريكي الراحل باسكيات في أبوظبي.. بين الموسيقى وفن الشارع

24 - الشيماء خالد

أقام متحف "جوجنهايم أبوظبي"، أمسية ثقافية موسيقية مميزة، ليلة الخميس، احتفت بالفنان الأمريكي الراحل جان ميشيل باسكيات (1960-1988)، الذي شكل عمله الفني "كابرا" (1981/1982)، المعروض حالياً في متحف اللوفر أبوظبي، كجزء من مجموعة جوجنهايم الفنية.

وانطلقت الأمسية، تحت عنوان "كانال زون ريمكس"، في حفل أقيم في منارة السعديات في العاصمة الإماراتية، وأعاد الحفل للذاكرة، حفلاً شهيراً من زمن مضى، باسم "كانال زون"، في المنطقة الشهيرة في مدينة نيويورك الأمريكية، يوم 29 أبريل (نيسان) 1979، وشكلت نقطة انطلاق مسيرة باسكيات في عالم الفن.

روح
وقدم الحفل أمسية مفعمة بالموسيقى والعروض الأدائية والفنون المستوحاة من أعمال باسكيات ليتحول إلى مشهد يشابه إحدى نوادي وسط منطقة منهاتن في نيويورك، حيث تختلط أنماط الثقافة المستقلة مع الفنانين المبدعين والموسيقيين، في أماكن مثل نادي "مود كلوب" الليلي، حيث قدم باسكيات موسيقاه التجريبية برفقة فرقته "غراي".

ومزج منسقي الأسطوانات (الدي جي)، بين موسيقى الراب الكلاسيكية، والبانك، وموسيقى النو ويف، No-wave مع الموسيقى المحلية، فضلاً عن تركيبات فنية وعروض فيديو، وعقدت لقاءات مع فناني الغرافيتي، في أجواء استوحيت من حفل كانال زون، وروح أبوظبي.

أشهر فناني القرن العشرين
ويسلط متحف غوغنهايم أبوظبي عبر برنامج خاص هذا الشهر، على أعمال الفنان المبدع جان ميشيل باسكيات الذي انطلق من المشهد الفني المحلي لمدينة نيويورك ليكون واحداً من أشهر الفنانين في أواخر القرن العشرين.

ونظمت دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، احتفاءً بالذكرى الأربعين لانطلاق مسيرة باسكيات الفنية، باقة من الفعاليات في متحف اللوفر أبوظبي، ومنارة السعديات، وتضمنت جلسات نقاش، وعرضاً سينمائياً.

وأقيم الأربعاء 17 أبريل، جلسة "حوار مع أصدقاء باسكيات"، بحضور أصدقائه وأقربائه، بمن فيهم جيفري ديتش، وليونارد هيلتون مكغرر المعروف باسم "فيوتشرا"، لعرض تجاربهم الشخصية التي جمعتهم مع الفنان.

وأدارت الجلسة النقاشية الباحثة شايدريا لابوفير المتخصصة في أعمال باسكيات، وتناولت الإرث الفني لباسكيات والذي امتزج مع الموسيقي التجريبية وفنون أداء الشارع.

"الطفل المتألّق".."كابرا"
واستضاف متحف اللوفر أبوظبي الجلسة النقاشية، وسبقها عرض سينمائي لمدة 20 دقيقة لفيلم جان ميشيل باسكيات بعنوان "الطفل المتألّق" الذي عرض في "مهرجان صندانس السينمائي" في 2006.

وتعرض حالياً لوحة "كابرا"، التي رسمها باسكيا بين 1981 و1982 في متحف اللوفر أبوظبي، وهي المستوحاة من الضربة القاضية التي سددها الملاكم الأمريكي محمد علي كلاي في 1970 في نزاله مع الأرجنتيني أوسكار بونافينا، والتي تصوّر جمجمة ثور على خلفية حمراء قاتمة، يحوم فوق حلبة الملاكمة مع رسوم هيروغليفية في أعلاها تشكل اللفظة (TKO) الضربة الفنية القاضية.

و"كابرا" كلمة إسبانية تعني "الماعز "، وتشير إلى اختصار لقب الملاكم محمد علي GOAT "Greatest Of All Time" والتي تعني الأعظم على الإطلاق.

حياته.. مأساته
وخاض باسكيات في حياته القصيرة، العديد من التحديات لتأسيس فنونه واكتساب شهرته في ريعان الشباب وسط المشهد الفني المتنامي لحي "إيست فيليدج" في ثمانينيات القرن الماضي، وولد في منطقة بروكلين بنيويورك في 1960 لوالد من هايتي ووالدة من بورتوريكو، وواجه مشاكل أسرية بدأت بانفصال والديه وإصابة والدته بمرض دماغي.

ومنذ طفولته كان يجيد الفرنسية والإسبانية والإنجليزية، وشجعته والدته على اكتشاف موهبته فى الرسم مبكراً، وحضرا معاً معارض متحف مدينة نيويورك، وفي سن السادسة كان اسمه مسجلاً بالفعل كعضو جديد فى متحف بروكلين.

وفي صغره تعرض باسكيات لحادث سيارة، خضع على إثره لعملية جراحية لإزالة طحاله، وبعد طلاق والديه، عاش مع والده، خاصة أن والدته دخلت مصحة نفسية ولم تعد برأي الأطباء صالحة لرعايته، وفى النهاية كان يهرب إلى الشارع، وعلى الرغم من أنه كان قد التحق بالمدرسة بشكل متقطع في نيويورك وبورتوريكو، فقد ترك أخيراً المدرسة في سنة 1978.

ونظّم باسكيات أول معارضه في العشرين من عمره بعنوان "ذا تايم سكوير شو" في 1980، ليشكل انطلاقةً مهمةً لمسيرته.

وفي 1982، بدأ عمله الفني يظهر بانتظام، وبرز في مشاركة وجيزة مع الموسيقى ديفيد باوى كما ظهر على غلاف مجلة نيويورك تايمز فى عام 1986.

وسطع نجمه لاحقاً ليبدأ التعاون مع آندي وارهول، والاستعانة بماري بون لتنظيم معرض، لكن صراعه مع متاعبه الشخصية، ووفاة صديقة وارهول، رغم نجاحه، أدى لوفاته المفاجئة في السابعة والعشرين من العمر في 1988.

أغلى لوحة.. الفصل العنصري
لكن ظلت أعمال باسكيات شاهدة عن الفصل العنصري في الولايات المتحدة كما تندد بالوضع الاجتماعي للأقليات المهمشة.

ويعد هذا الفنان المبدع، صاحب سادس أغلى لوحة في العالم، حيث حققت لوحته العام الماضي، كانت قد بيعت مقابل 19 ألف دولار فى عام 1984، حققت رقماً فلكياً عند بيعها في مزاد بدار سوثبى إذ حصدت اللوحة 110.5 ملايين دولار، بما يعنى أن سعرها تضاعف 5700 مرة في 33 سنة، وهو ثاني أعلى سعر على الإطلاق يحققه عمل فنى معاصر.

وحققت اللوحة التي رسمها باسكيات عام 1982 ولا تحمل اسماً، سادس أعلى سعر يحققه عمل فنى يطرح للبيع في مزاد، ولازال اسم هذا الفنان راسخاً كأكثر المبدعين شعبية، وأحد أبرز الاتجاهات حدة في الفن الحديث.