متظاهرون في طهران دعماً للحكومة الايرانية (أرشيف)
متظاهرون في طهران دعماً للحكومة الايرانية (أرشيف)
الأربعاء 15 مايو 2019 / 12:33

خيارات صعبة أمام قادة إيران

في تعليقها على القرارات الأخيرة التي اتخذتها طهران حول سياستها النووية، ترى ماسا روحي، باحثة مع برنامج السياسة النووية ومنع الانتشار النووي لدى المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أن تلك القرارات جاءت بسبب قيود سياسات داخلية حتمية.

لن يزيد تجميع اليورانيوم المنخفض الخصيب ومخزونات الماء الثقيل عن الحدود القصوى لما يقل عن شهرين

وكتبت في موقع "فورين بوليسي" أنه في الذكرى الأولى لانسحاب أمريكا من الاتفاق النووي، أعلنت إيران عزمها على التوقف عن تطبيق بعض التزاماتها بموجب الاتفاق.

ولأن الولايات المتحدة حظرت على إيران تصدير الماء الثقيل، واليورانيوم منخفض التخصيب، ستكف إيران عن الالتزام بحدود الاتفاق لتجميع تلك المواد، 130 طناً مترياً من الماء الثقيل، و202.8 كيلوغراما من اليورانيوم منخفض التخصيب، ويضاف إليه، ما لم تعوض الأطراف الأخرى في الاتفاق عن مبيعات النفط المفقود، والاستفادة من النظام المصرفي العالمي، في ظرف 60 يوماً، فإن إيران ستتوقف عن تطبيق باقي الشروط،رفع الحد الأقصى بـ 3.67٪ لتخصيب اليورانيوم، مع العودة بخطط مفاعل آراك للماء الثقيل إلى ما قبل الصفقة، وهي التي أوقفت العمل به بعد الصفقة النووية.

خيارات صعبة
وحسب كاتبة المقال، وفي رد فعلهم على الإجراءات التصعيدية للحكومة الأمريكية، واجه قادة إيران خيارات صعبة. وبحثوا كيفية الرد بأكبر قدر من الفعالية على حملة "أقصى ضغط" متزايدة تفرضها واشنطن. ولكن لماذا جاء الرد الآن عبر هذه الوسائل المحددة؟.

وتشير الكاتبة إلى السجال بين أنصار الصفقة في الولايات المتحدة وأوروبا حول وجوب مواصلة إيران التحلي بصبرها الاستراتيجي وبسياسة ضبط النفس مع الالتزام بالصفقة.

ويستند الأساس المنطقي لهذا الرأي إلى شقين، أولهما، الانتظار حتى نهاية عهد ترامب على أمل فوز ديمقراطي في انتخابات 2020، وعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي.

أما الشق الثاني فيشير إلى أنه، رغم أن إيران لم تحصد مكاسب اقتصادية كبرى من الاتفاق، فهي تجني بعض المكاسب الديبلوماسية. ولكن إذا خرقت إيران الصفقة، سيفرض الأوروبيون عقوبات إضافية، وستتدهور علاقاتها الديبلوماسية.

ولكن هذا النقاش يخلو من تقييم لضغوط داخلية تواجهها الحكومة الإيرانية. وفي حقيقة الأمر، لا تدور حسابات طهران، في هذه الأوقات، حول السياسة الأمريكية، بل باتت لاعتبارات سياسية داخلية أهمية قصوى.

كسر الجمود
وحسب الكاتبة، ومع إعادة فرض عقوبات، وتبدد الآمال في تعويض الأطراف المتبقية للخسائر، لم تعد الحكومة الإيرانية مدفوعة للتحرك تحت ضغط متشددين وحسب، بل حتى تلبية لدعوات إصلاحيين طالبوا أخيراً بإجراءات وكسر الجمود. وعلاوة على التخلي عن قيود نووية محددة، شملت خيارات اتخاذ إجراءات لتعطيل شحنات نفط تعبر مضيق هرمز، أو استخدام قوات عميلة لتهديد قوات أمريكية، أو حلفائها في العراق وسوريا.

وفي المجال النووي، بحث مسؤولون إيرانيون عدة خيارات، منها الانسحاب الكامل من الصفقة، أو حتى الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وهو ما يؤيده متشددون، ولكن رفع للمناقشة في المجلس الأعلى للأمن القومي.

استعراض قوة
وحسب الكاتبة، ولإبقاء باب الديبلوماسية مفتوحاً، اختارت إيران التصرف دون انتهاك الاتفاق النووي على الفور، وهو ما كان سيغضب الاتحاد الأوروبي، ويقود على الأرجح لإعادة فرض عقوبات أوروبية.

وحسب المعدلات الحالية، لن يزيد تجميع اليورانيوم منخفض التخصيب، ومخزونات الماء الثقيل عن الحدود القصوى لما يقل عن شهرين. وبهذه الطريقة، تستعرض الحكومة الإيرانية قوتها دون إحراق جسورها.

ولكن، في هذا المرة، وعلى خلاف 2012، عندما فرضت على إيران عقوبات من الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وروسيا، والصين، تصرفت شركات أوروبية بداعي الخوف من عقوبات أمريكية ثانوية، حتى في وقت ادعت دول أوروبية وفاءها للنشاط التجاري مع إيران.

والأهم من كل ذلك، حسب الكاتبة، ما زالت تتعثر جهود لتطبيق ما عرف باسم الآلية ذات الهدف الخاص" الأوروبية، لأن شركات تخشى استخدامها إلا في نطاق أعمال إنسانية غير مشمولة بالعقوبات.

إلى ذلك، كرر المرشد الأعلى في إيران انتقاد أوروبا لإخفاقها في الوفاء بالتزاماتها الاقتصادية، حتى أنه وصف الآلية الأوروبية بالـ"نكتة". وتختم الكاتبة بأن لإيران مصلحة حقيقية في الضغط على أوروبا لتفي بعهودها في الصفقة النووية.