الشقيقان الليبيان عابدي هاشم وسلمان منفذ الهجوم في مانشستر (أرشيف)
الشقيقان الليبيان عابدي هاشم وسلمان منفذ الهجوم في مانشستر (أرشيف)
الأحد 26 مايو 2019 / 15:55

التطفل التركي القطري يعرقل العدالة في تفجيرات مانشستر

لماذا لا يزال أحد المشتبه بهما الرئيسيين في تفجيرات مانشستر أرينا محتجزاً في ليبيا؟ كان هذا السؤال الذي طرحه الصحافي البريطاني كون كوغلين في صحيفة "ذا ناشونال" الإماراتية بعد عامين من الاعتداء الإرهابي الذي طال المدينة الإنجليزية.

تركيا تروّج لتصعيد كبير في النزاع عبر شحن أسلحة إلى حكومة الوفاق في خرق للقرارات الأممية

وكتب أنه منذ بداية التحقيقات البريطانية، تركز الاهتمام على علاقات سلمان عابدي، الانتحاري الإرهابي الذي قتل 22 شخصاً في حفل المغنية أريانا غراندي في مايو (أيار) 2017، بإسلامويين متطرفين موجودين في ليبيا.

ويحرص المحققون تحديداً على استجواب شقيق الإرهابي هاشم عابدي، بعدما اكتشفوا أن الشقيقين سافرا إلى ليبيا قبل وقت قصير من الهجوم. سلمان عاد إلى بريطانيا مباشرةً قبل الاعتداء بينما بقي هاشم في ليبيا.

وسُلط الضوء على أهمية هاشم بالنسبة إلى التحقيقات البريطانية في وقت مبكر بعدما أصدرت السلطات في مانشستر مذكرة توقيف ضده وتقدمت بطلب رسمي إلى ليبيا لتسلمه، ولكن هاشم محتجز يبقى محتجزاً تحت رقابة حكومة الوفاق الوطني.

تأجيل إضافي؟
بغض النظر عن التطمينات المستمرة من وزراء الحكومة بمن فيها رئيسها فايز السراج حول تسليم هاشم للسلطات البريطانية، يبقى الإرهابي المشتبه به في طرابلس تحت حماية وزير داخلية حكومة الوفاق الوطني.

وتسببت المراوغة المستمرة في إحباط هائل للسلطات البريطانية وتذمر مسؤول بارز من تعرضهم للخداع من الليبيين. الآن، من المحتمل أن يتأجل التسليم أكثر، إذ يعتقد المحققون أنّ لديهم دليلاً كافياً للتعجيل بإصدار اتهامات بالقتل، والسبب في ذلك التقارير الصادرة الأسبوع الماضي التي أشارت إلى أن تركيا تروج لتصعيد كبير في النزاع عبر شحن أسلحة إلى حكومة الوفاق في خرق للقرارات الأممية.

قطر وإخوان ليبيا
واحد من أحدث أعذار حكومة الوفاق لتأجيل تسليم هاشم هو تصاعد التوترات عقب الهجوم العسكري الذي شنه المشير خليفة حفتر للسيطرة على العاصمة الليبية.

رغب حفتر في سحق المجموعات الإسلاموية التي لا تزال تسيطر على مناطق واسعة من العاصمة والتي تبدو غير مهتمة كثيراً بدعم جهود الوساطة الأممية لتأمين الاستقرار السياسي في هذه الدولة المحورية في شمال أفريقيا.

وتحصل مجموعات إسلاموية عديدة على دعم قوى خارجية مثل قطر، التي تريد أن ترى ليبيا خاضعة لنظام إسلاموي شبيه بالحكومة الإخوانية التي سيطرت على السلطة لفترة وجيزة في مصر وأدت إلى نتائج كارثية.

متطفل ثانٍٍ.. تركيا
الآن هناك متطفل أجنبي آخر، تركيا التي تدعم بقوة المؤيدين الإسلامويين لحكومة الوفاق عبر تسليحهم. ومن بين هذه الأسلحة عشرات العربات من طراز بي أم سي كيبري المدرعة والمصنعة في تركيا والتي صُورت مصطفة على رصيف ميناء طرابلس.

وتعتقد الاستخبارات الغربية أن هذه العربات ستُسلم إلى لواء الصمود بقيادة صالح بادي، وهو قائد ميليشيا إسلاموية خاضع للعقوبات الأممية والأمريكية، لانخراطه في أعمال عدوانية تهدد أمن واستقرار ليبيا.

ولعيه فإن اتهام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بمساعدة هذه المجموعات منطقي لأنه يشترك مع القطريين في الترويج للمجموعات الإسلاموية التي تملك أجندات سياسية شبيهة بأجندات الإخوان المسلمين.

تصميم حفتر لم يتأثر
وفقاً لعدد من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي في الأسبوع الماضي، تريد الميليشيات الإسلاموية استخدام هذه العربات لتعزيز قوتها في الدفاع عن طرابلس، علماً أنها شحنات المحظورة من الأمم المتحدة التي تشرف على جهود ديبلوماسية لتوحيد الفصائل المتحاربة، لذلك فإن وصول شحنات جديدة من الأسلحة سيسبب على الأرجح تصعيداً درامياً للأحداث.

أما التقارير عن الدعم النشط الذي تقدمه تركيا للإسلامويين في طرابلس فلا يبدو أنها أثرت بأي شكل من الأشكال على تصميم حفتر على الفوز. بعد اجتماعات باريس في الأسبوع الماضي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، استبعد الجنرال بشكل قاطع وقفاً لإطلاق النار وأخبر المسؤولين الفرنسيين بأنه ملتزم بتخليص العاصمة من الميليشيات الإسلاموية التي قال إنها "اكتسحت" الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة.

لماذا يتفادون تسليمه؟
إن أي تصعيد في العنف يعني احتمالاً أقل لتسليم هاشم عابدي إلى بريطانيا، وهو وضع يناسب محتجزيه الإسلامويين. أحد الأسباب التي تدفع المحققين للقول بتردد السلطات الليبية في التعاون معهم هو المعلومات التي قد يوفرها هاشم عن تورطه وتورط أخيه في المجموعات الإرهابية داخل ليبيا.

ورمضان عابدي، والد الشقيقين، هو عضو سابق في الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، التي شاركت  في الإطاحة بالديكتاتور الليبي السابق معمر القذافي واستبدال حكومته بحكم إسلاموي.

وواصل رمضان، مثل ولديه، الاحتفاظ بروابط مع مجموعات إسلاموية بعد حل جماعته رسمياً. ويبدو بشكل متزايد أنّه من أجل منع بروز تفاصيل عن دور هذه المجموعات المحتمل في تفجيرات مانشستر، يصمم القادة الإسلامويون على تفادي تسليم هاشم إلى بريطانيا مهما كان الثمن.