رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ومستشار الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر (أرشيف)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ومستشار الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر (أرشيف)
الإثنين 3 يونيو 2019 / 21:38

قرن بلا صفقة

يُبالغ من ينفي وجود صفقة القرن، ويبالغ أكثر من يؤكد وجود هذه الصفقة وامتلاك الإدارة الأمريكية صيغة جاهزة للطرح.

لا شيء اسمه صفقة لأن الصفقة بين طرفين، لكن هناك مخططاً وضعه كبار رموز اليمين في إدارة ترامب يعتمد على الصدمة وليس الصفقة

واقع الأمر أن هناك قراراً أمريكيا بالشراكة الكاملة مع إسرائيل، ليس فقط في تعزيز أمنها وترسيخ وجودها في المنطقة، بل في المجاهرة بالعداء الأمريكي للشعب الفلسطيني، وهو العداء الذي طالما كان موجوداً لكنه لم يكن معلناً في أي يوم قبل مجيء دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

لذا فإن إدارة ترامب تدرك جيداً أنها لن تتمكن، وهي غارقة في العداء للفلسطينيين، من إنجاز صفقة سياسية يقبلها الفلسطينيون أو يوقعون عليها.

وربما لهذا السبب يتم الحديث عن الصفقة الموهومة ولا تعلن تفاصيلها ولا تطرح صيغتها، بل يواصل صهر رئيس أمريكا جاريد كوشنر وشريكاه في خلية إدارة الشراكة مع إسرائيل غرينبلات، وفريدمان الحديث عن هذا العنوان دون الإفصاح عن محتوى الخطة الأمريكية التي يتم تأجيل الإعلان عنها لأسباب مختلفة، لكن السبب الحقيقي هو أنها غير موجودة بالفعل.

كل ما في الأمر أن الأمريكيين ماضون في إجراءات خلق واقع جديد على الأرض، ومحاولة ترسيخ هذا الواقع رغم الرفض الفلسطيني والدولي الذي لا تخترقه إلا كيانات هامشية وغير ذات قيمة مثل مكرونيزيا مثلاً.

يحاول الأمريكان أيضاً الإيحاء بأن الحل اقتصادي، ويسعون إلى ترويج هذا الوهم في ورش عمل ومؤتمرات لن تخرج بشيء حقيقي، لأن الفلسطينيين يقاطعونها ولا يهتمون بها، ولا ينتظرون وعودها، لأنهم مشغولون بما هو أخطر وأهم مثل الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمةً لإسرائيل، والاعتراف الأمريكي بسيادة الاحتلال على الجولان، والاستعداد الأمريكي للاعتراف بمستوطنات الرعاع في الضفة الغربية المحتلة واعتبارها أرضاً إسرائيلية، مقدمةً للاعتراف بضم إسرائيل لكل الضفة.

لا شيء اسمه صفقة لأن الصفقة بين طرفين، لكن هناك مخططاً وضعه كبار رموز اليمين في إدارة ترامب يعتمد على الصدمة وليس الصفقة، ويسعى إلى تحقيق ما كان صعباً ومستبعداً في المراحل السابقة، وفرض واقع جديد يعتقدون أن الفلسطيني سيكون مضطراً للقبول به.

يؤكد هذا التوجه كل ما قيل عن جهل هذه الإدارة بالتاريخ، وجهلها أيضاً في قراءة الواقع، وربما كان ذلك من حسن حظ الفلسطيني الذي ساعدته رعونة الإدارة الأمريكية على معرفة سقوف التوجه السياسي في واشنطن، ومواقف الأطراف الإقليمية مما يطرح.

وبالعكس من النظرة المتشائمة التي عبر عنها كتاب فلسطينيون كثر، فإن ما جرى كان مناورة مهمة كشفت حقيقة المواقف للدول ذات التأثير المركزي في القضية الفلسطينية، وهي دول الجوار الفلسطيني، حيث تأكد تماماَ رفض الأردن، ومصر لمحاولات الضغط والإملاء الأمريكية، ومن يعرف حقائق الإقليم يدرك أن لا حل ولا نهاية لهذا الصراع دون قبول مصري وأردني مبني أصلاً على قبول فلسطيني.

بالطبع لن يوقف هذا الرفض مشروع الإدارة الأمريكية، ولكن شتان ما بين الإجراءت القسرية والأحادية، وما بين صفقة مقبولة فلسطينياً.

ولأن رئيس أمريكا يخلط بين السياسة والبزنس، فإنه لا يعرف أن كلمة صفقة لا تليق بحل صراع بين شعب محتل وقوة احتلال. لذا كان الرد الفلسطيني على كل ما تم طرجه أمريكياً أن "فلسطين ليست للبيع".

يحاول الأمريكي التسويق بأسلوب التشويق لخطته، والإيحاء بوجود صفقة يتم تأجيل الإعلان عنها على طريقة الدراما الفاشلة التي تعتمد المطمطة لزيادة عدد الحلقات.

واقع الأمر أن المسألة مملة وسمجة ولا مزاج فلسطينياً لهذا التشويق الهوليوودي.