مقاتلون من الحوثيين في اليمن.(أرشيف)
مقاتلون من الحوثيين في اليمن.(أرشيف)
الجمعة 21 يونيو 2019 / 19:34

ناس وناس

لا يعقل أن يكون تصور أحد بهذه السذاجة عن الميليشيا، وكأنما مدافعها محشوة بقصاصات الورق الملوّن

آثرت التجاهل قبل سنوات حينما رأيت تغريدة تنتقد التدخل السعودي-الإماراتي في اليمن، فالمغردة التي أقسمت أغلظ الأيمان على بغضها للحوثي انتقدت كذلك الحلفاء "الذين يجيشون كل هذه القوة لحرب قبيلة مستضعفة مسكينة".

ضحكت، فلا يعقل أن يكون تصور أحد بهذه السذاجة عن الميليشيا، وكأنما مدافعها محشوة بقصاصات الورق الملوّن.

ولكني أعتقد اليوم أنني أخطأت بالصمت. فما حسبتها مجرد سذاجة كانت الابنة غير الشرعية لسردية خبيثة شيطنت التحالف حتى لم يعد معارضو الحوثي يقوون على انتقاده.

فعلى الرغم من أن رحى الظلم الحوثي ضد الطائفة البهائية -والتي لا يزيد عددها على 3 آلاف شخص- تدور دون توقّف منذ بدء سيطرة الميليشيا على صنعاء، فإن هذه الجرائم تمر بشكل إعجازي تحت جميع رادارات مدّعي الإنسانية والحرية والكرامة، لا سيما في وطننا العربي.
من أين عسى لي أن أبدأ؟

إن تهمة "الكفر" هي الوحيدة التي تلتصق ببهائيي اليمن. حرفياً! فالعقول الحوثية المدمنة على "تخزين" التبعية أكثر حتى من تخزين القات لم تجد سبباً مقنعاً آخر لتنفيذ أجندة إيران، والتي قمعت بهائييها وأشبعتهم قمعاً، ثم راحت توجّه مطاياها بفعل الأمر نفسه ببقية أبناء الأقلية في العالم الإسلامي.

ولا يخجل الحوثيون من كراهيتهم لأبناء وطنهم. فلعبدالملك الحوثي خطبة عصماء دعا فيها إلى "الاستنفار الجاد" للقضاء على البهائيين، كما قد توعّدت النيابة في صنعاء غير ذي مرة بملاحقة وسجن وقتل البهائيين لأنهم كفُار.

وهذه الكراهية الممنهجة لا ترتكز في أعلى الهرم الحوثي فحسب، فالناشط الحوثي أحمد عايض كان قد طالب كذلك بقتل معتنقي البهائية، بينما اتهمها المحامي حامد القرم بكونها مؤامرة ضد الإسلام.

وبالطبع، دفع البهائيون الثمن باهظاً. فالحوثيون يسومونهم عذاب الاعتقال، والتعذيب، والترويع، والتهديد، والترهيب، واقتحام المنازل، والتحريض، ومصادرة الممتلكات، وحظر المؤسسات.

وتعاظم الظلم حتى تمخّض عن أحكام بالإعدام تعزيراً على 22 بهائياً بتهمة الكفر، منهم حامد بن حيدرة، زعيم الطائفة، والذي شهدت الأيام القليلة الماضية تأجيلاً فحسب لمحاكمته.

ولا يبدو لي –حتى الآن- أن بن حيدرة سينجو من السيف.
فلم أرَ العالم وكأن على رؤوسهم الطير مما يحدث في صنعاء بينما يقاسي البهائيون محاكم تفتيش مماثلة لما قاساه مسلمو الأندلس؟ وكيف أفسّر تغاضيهم عن سلمية حيدرة وقلة حيلته، مقارنة باستماتتهم –مثلاً- في الدفاع عن الحكم بإعدام الإرهابي نمر النمر، والذي لم يسقط أصلاً في يد الأمن السعودي إلا بعد مطاردة أمطرهم خلالها بوابل من الرصاص؟

لا أعتقد للحظة بأن أحرار العالم راضون عما يقترفه الحوثي، أو بأنهم يشاركونه المبادئ والتوجهات. ولكن موافقهم باتت تنبع بشكل لا يقبل الجدل من المقولة الشهيرة، "ليس حباً في علي، ولكن كرهاً في معاوية".
والدليل يلتف حول عنق حيدرة. فهلا اعترفنا بتفوّق من نجحوا في شيطنة التحالف دون سواه؟