الأكراد في تركيا (أرشيف)
الأكراد في تركيا (أرشيف)
الثلاثاء 25 يونيو 2019 / 16:51

الأكراد ينتقمون من أردوغان في إسطنبول

24 - إعداد: شيماء بهلول

لعب الناخبون الأكراد دوراً مهماً في انتخابات الإعادة لبلدية إسطنبول، التي مني فيها حزب العدالة والتنمية الحاكم برئاسة أردوغان، أول أمس الأحد بخسارة مذلة وقاسية، بعد فوز مرشح المعارضة الجمهوري أكرم إمام أوغلو.

وجاء ذلك وسط غضب كبير للحزب إزاء قمع الحكومة للنشطاء الأكراد في السنوات الماضية، حيث رمى بثقله كاملاً خلف إمام أوغلو، وهو ما ظهر جلياً في احتفالات المعارضة مع بروز علم الحزب الرئيسي الموالي للأكراد في ساحات إسطنبول.



حسم التصويت
سعى الأكراد في تركيا من خلال حزبهم الرئيسي، إلى كسر هيمنة حزب "العدالة والتنمية" وحليفه في "الحركة القومية" عبر التصويت لصالح مرشح المعارضة إمام أوغلو.

فالأكراد لعبوا دوراً مهماً في فوز مرشحي المعارضة في بلديتي إسطنبول وأنقرة، بالرغم من أن حزب الشعوب لم يدفع بمرشحين فيهما، إلا أنه أكد أنه سيؤيد تحالف الأمة المكون من الشعب الجمهوري والخير أمام تحالف الشعب المكون من العدالة والتنمية والحركة القومية اليميني المتطرف.

واستفاد الشعب الجمهوري من الكتلة التصويتية للأكراد المقدرة بنحو 10 ملايين صوت في جميع أنحاء البلاد في الفوز بالبلديات في أنقرة وإسطنبول، ما حرم أردوغان من الفوز بالعاصمتين الاقتصادية والسياسية، فضلاً عن هزيمته في إزمير ثالث أكبر البلديات لصالح حزب الشعب.



وأكدت الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي بيرفن بولدان، لمؤيديها في إسطنبول قبل الانتخابات أن حزبها أصبح قطباً رئيساً في البلاد، وقالت: "نستطيع أن نحدد مصير الانتخابات في المدينة"، في إشارة إلى دعم أوغلو في منافسة يلدريم .

وكما اعتبر رئيس حزب الديمقراطي الكُردستاني، محمد أمين كارداش، أن أصوات الأكراد هي التي حسمت المعركة الانتخابية في إسطنبول، وفي استطلاعات مارس(أذار) الماضي، حث الأكراد الناخبين من حزب الشعب الديمقراطي في غرب البلاد على الإدلاء بأصواتهم "بشكل استراتيجي" لمعاقبة الحزب الحاكم وحليفه القومي.

وأوضح المحلل السياسي التركي جواد غوك، أن أحد أهم أسباب خسارة العدالة والتنمية هو ملف الأكراد"، لافتاً إلى تسريب رسالة مؤسس حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان التي طالب فيها الأكراد بالبقاء على الحياد في الانتخابات، إلا أن الأكراد صوتوا لإمام أوغلو.

وبحسب صحيفة "زمان" التركية، فقد اتهم قياديون أكراد، أردوغان بمحاولة بث الفرقة والشقاق بين الكرد، عبر ترديده أن أوجلان يطلب من الأكراد الحياد، خلافاً للزعيم الكردي المعتقل أيضاً صلاح الدين ديمرتاش، الذي طالبهم بدعم مرشح المعارضة، وحديث أردوغان عن تضارب مواقف الرجلين.




حملة إرهاب
كان الأكراد المحافظون الذين اعتادوا التصويت لصالح حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان، قد قاطعوه في الانتخابات الأخيرة بسبب سياساته ضدهم ومحاربتهم ومحاولة إبادتهم عبر تهجيرهم وقتلهم قرب الحدود بزعم محاولتهم زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد.

فقبل نحو عامين سيطرت حكومة العدالة والتنمية على أغلب البلديات الكردية، بعد أن أقالت رؤساء بلديات موالين للأكراد في جنوب شرق البلاد، واستبدلتهم بإداريين معينين من الحكومة المركزية.

واعتقلت السلطات التركية 13 من نواب حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد الذي أصبح في عام 2015 ثالث أكبر الأحزاب الممثلة في البرلمان التركي، واعتقل هؤلاء بتهمة الارتباط بحزب العمال الكردستاني ومنهم الرئيس السابق صلاح الدين دميرطاش، كما استبدلت الحكومة 86 رئيس بلدية.



واستهدف أردوغان أعضاء حزب الشعوب ومرشحيه في أجواء قمعية شديدة، كما هدد بعدم قبول نتيجة انتخابات تسفر عن فوز الأكراد وحزب الشعوب في أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، وكما دأب الديكتاتور العثماني على ممارسة العنف والاضطهاد والعنصرية تجاه الأكراد، كما نفذ العديد من جرائم الإبادة بحقهم، إذ يقبع العديد من أعضاء حزب العمال الكردستاني في معتقلات النظام.

ووفقاً لحزب الشعوب، لا يزال هناك 10 نواب و40 رئيس بلدية ينتمون له وما يقرب من 5 آلاف ناشط في سجون النظام، فيما يضرب الآلاف من السجناء عن الطعام، للمطالبة بإنهاء عزلة أوجلان المسجون انفرادياً منذ عام 1999.



أغلبية كردية
يشكل الأكراد نحو 20% من إجمالي تعداد تركيا، البالغ 81 مليون نسمة، فحزب الشعوب يمثل ثاني أكبر مجموعة معارضة في البرلمان، ويتلقى دعمه من الأكراد في الجنوب الشرقي والمدن الكبيرة، إضافة للجماعات الأخرى التي تناصر حقوق الأقليات.

وأشارت تقارير إلى أن حزب الشعوب الديموقراطي المؤيد للأكراد، لم يقدم مرشحين في أكبر مدن تركيا في انتخابات 31 مارس(أذار) الماضي، مما شجع مؤيديه على التصويت لحزب الشعب الجمهوري، في خطوة شكلت نقطة حاسمة لإلحاق الهزيمة بحزب العدالة والتنمية، على الأقل في إسطنبول.

فالتلاعب والتهديدات من جانب مسؤولي حزب العدالة والتنمية، واستبدال رؤساء البلديات المنتخبين من حزب الشعوب الديمقراطي بمعينين من الحزب الحاكم فضلاً عن سجن قيادات الحزب، كانت دافعاً للأكراد للوقوف بصف المعارضة في وجه النظام الاستبدادي لأردوغان.

وكما مثلت دعوة الزعيم الكردي صلاح الدين دميرطاش لأكراد تركيا بالاصطفاف وراء مرشح المعارضة لانتخابات إسطنبول أكرم إمام أوغلو، علامة بارزة على تراجع الدعم للحزب الحاكم وسط التعثر الاقتصادي.