عناصر من الحرس الثوري الإيراني في طهران (أرشيف)
عناصر من الحرس الثوري الإيراني في طهران (أرشيف)
الخميس 11 يوليو 2019 / 17:01

أربعة أسس للمشروع الإيراني في سوريا

قال الكاتب جوناثان سباير، في مقال بصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، إن إخراج إيران من سوريا ليس سهلاً، فالقوة الجوية الإسرائيلية لم تعد كافية، وحتى إذا وافقت روسيا على تولي هذه المهمة فإن قدرتها على تحقيقها لاتزال مجهولة.

إنشاء ميليشيات يتم تجنيدها من السكان السوريين وإنشاء هيئات على غرار الباسيج وتوفير الدعم والرعاية وبناء التحالف داخل القوات السورية، وتوطين المواطنين الإيرانيين وغيرهم من المسلمين الشيعة

ويُشير الكاتب، وهو مدير مركز الشرق الأوسط للتقارير والتحليل، إلى أن إسرائيل نفذت ما لا يقل عن 200 غارة جوية ضد أهداف إيرانية في سوريا منذ 2017، لردع إيران عن مواصلة مشروعها التوسعي في سوريا.

الدولة العميقة
ولكن رغم السيطرة الاستخباراتية المذهلة لإسرائيل في سوريا، وبراعة قواتها الجوية، إلا أن المشروع الإيراني في سوريا واسع وعميق ومتعدد الأوجه، وبعض عناصره معرضة بشدة للقصف من الغارات الجوية مثل منشآت البحث، ومواقع الصواريخ والقوافل، ولكن العناصر الأخرى ليست كذلك.

وبحسب الكاتب، تنخرط إيران في جهد واسع يهدف إلى دمج الهياكل الخاضعة لقيادتها في الدولة السورية ذاتها، وكما هو الحال في لبنان، والعراق، تسعى إيران إلى إزالة أي حدود يمكن تمييزها بين العنصر الذي تسيطر عليه إيران، وهيكل السلطة المحلي، وتعتزم إيران غرس "الدولة العميقة" الخاضعة لسيطرتها ضمن آلية الدولة السورية الحالية.

أربعة عناصر للمشروع الإيراني

ويوضح الكاتب أن جهود إيران في سوريا تشمل عناصر عدة، أولها، إنشاء ميليشيات يجند عناصرها بينن السوريين، وتشمل تشكيلات مثل قوات الرضا، ولواء الباقر، والكتيبة 313، وجُندت هذه الهيئات ودربت على يد الحرس الثوري الإيراني بالتعاون مع ميليشيات حزب الله.

العنصر الثاني يقوم على إنشاء هيئات على غرار الباسيج الإيراني، لنظام  داخل قوات أمن الدولة الرسمية في سوريا، وتُعد قوات الدفاع الوطني الهيئة الرئيسية داخل سوريا وتضم من 90 إلى 100 ألف من الجنود الأقوياء الذين جندهم الحرس الثوري، ولكنهم جزءٌ من القوات المسلحة السورية.

أما العنصر الثالث، فهو توفير الدعم والرعاية وبناء التحالف داخل القوات المسلحة الرسمية السورية، وقد عمد الحرس الثوري إلى إقامة علاقات وثيقة مباشرة مع بعض العناصر الأكثر نفوذاً داخل الجيش العربي السوري، وأبرزها الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد، الشقيق الأصغر للرئيس السوري بشار الأسد.

أما الرابع، فعبر توطين الإيرانيين وغيرهم من المسلمين الشيعة من غير السوريين في المناطق التي كان يقطنها السنة السوريون في.

تنافس بين روسيا وإيران
ويلفت الكاتب إلى أن العناصر أعلاه تخدم المشروع الإيراني الذي يستهدف تمكين إيران، على الأمد الطويل، من التحكم عن بعد في سوريا، ومن ثم فإن إيقاف مثل هذا المشروع لن يكون بالقصف الجوي وحده، ولذلك تأمل إسرائيل في إقناع روسيا بالمساعدة في إخراج إيران من سوريا.

وركز اجتماع الأسبوع الماضي بين مستشاري الأمن القومي من الولايات المتحدة، وإسرائيل، وروسيا على قضية سوريا.

ويقول الكاتب إن "روسيا بالتأكيد لديها قوة ونفوذ في سوريا، حيث أن القوة الجوية الروسية أنقذت نظام الأسد من الهزيمة المحتملة في منتصف عام 2015، وبحسب مصادر سورية، يفضل بشار الأسد النفوذ الروسي على إيران، لأن موسكو تريد شريكاً مطيعاً وصغيراً، ولكن طهران لا تريد سوى دمية".

وعلاوة على ذلك، تتوفر لروسيا قوات تابعة في الجيش السوري، مثل قوات النمر التابعة للعقيد سهيل حسن المنشغلة حالياً في محاولة تحويل محافظة إدلب إلى أنقاض.

وثمة دليل على وجود المنافسة الروسية الإيرانية داخل سوريا، فقد اشتبكت قوات النمر والفرقة الرابعة علانية في يناير(كانون الثاني) في محافظة حلب.

وبحسب مصادر سورية، يسعى الروس إلى تعيين ضباط مرتبطين بمصالحهم في تشكيلات تتماشى مع الإيرانيين، وتركز حملة "مكافحة الفساد" الروسية على الدائرة حول ماهر الأسد.

تفكيك سوريا
ويتساءل الكاتب عما إذا كانت روسيا ستتعهد بجدية بتأمين هدف إسرائيل الذي يتمثل في إخراج إيران بالكامل من سوريا، ويجيب قائلاً: "بالتأكيد لا؛ إذ لم تقدم إسرائيل ولا حتى واشنطن أي شيء يحفز فلاديمير بوتين ليضغط على حلفائه، ولا توجد أي مؤشرات على شعور بوتين بأنه مدين لإسرائيل أو الولايات المتحدة ليقوم بذلك، ومن ناحية أخرى، فإن قدرة الروس، أو حتى بشار الأسد على اقتلاع جذور الوجود الإيراني الراسخ في سوريا، لا تزال غير مؤكدة.

ويختتم الكاتب بأنه من المرجح أن تستمر إيران في تنفيذ مشروعها وتفكيك سوريا، وفي الوقت نفسه ستواصل إسرائيل غاراتها الجوية ضد العناصر الخارجية لهذا المشروع دون أن تخترق أعماقه.