عمال يكدسون قطع الخشب المنقولة من كونار، في مستودع في جلال أباد.(أرشيف)
عمال يكدسون قطع الخشب المنقولة من كونار، في مستودع في جلال أباد.(أرشيف)
الخميس 18 يوليو 2019 / 13:52

غابات أفغانستان..مصدر دخل جديد لداعش

كتبت ستيفاني غلينسكي، صحفية ومصورة تكتب عن الصراعات والأزمات الإنسانية عن تحوّل غابات أفغانية إلى مورد ربح وفير لتنظيم داعش الإرهابي.

تعتبر هذه التجارة مصدر دخل رئيسي في منطقة يعيش ما بين 60٪ إلى 70٪ من أبنائها تحت خط الفقر. ويجني داعش أموالاً غير مشروعة من تجارة الأخشاب، وكذلك الشرطة"

وهي التقت في منطقة كونار الأفغانية، بمطيع الله صافي، ضابط شرطة أفغاني، الذي أخبرها وهو يمسك بندقيته الآلية، عن هضبة مكسوة بأشجار ينتشر فيها مقاتلون من داعش.

وتشير في مقل في مجل "فورين بوليسي" لوجود أعداد قليلة من مقاتلي داعش في مقاطعة خوراسان، الفرع الأفغاني للتنظيم الإرهابي، في منطقة كونار، منذ 2015. لكن المعقل الجديد لداعش انتقل إلى أعماق غابات كونار الكثيفة، حيث ورث صناعة أخشاب مزدهرة سيطرت عليها سابقاً حركة طالبان، وأصبحت اليوم تدر ربحاً متزايداً لمتشددي داعش.

ويقع مخفر صافي التابع للحكومة الأفغانية في مقاطعة شاوكي، على طول أحد الخطوط الأمامية للحرب ضد داعش. لكن المنطقة تمثل أيضاً نقطة عبور رئيسية لمهربين ينقلون الأخشاب من الغابات إلى مناطق أخرى في أفغانستان أو إلى باكستان المجاورة، مستخدمين بغالاً لعبور منطقة جبلية وعرة، أو يخفون الألواح الخشبية في صناديق سرية داخل شاحنات تعبر الحدود الرسمية.

إزالة غابات وتصحر
وتلفت الكاتبة لحظر فرضته حكومة المنطقة في عام 2016، على بيع الأخشاب خشية زيادة التصحر وقطع الأشجار، وحيث تفقد الغابات ما يعادل عشرة هكتارات سنوياً، حسب إنعام الله صافي، المشؤول في مديرية الزراعة في كونار.

وقال الكولونيل محمد يوسف، نائب قائد الشرطة في كونار: "بعد الإرهاب، يعد تهريب الأخشاب ثاني أكبر مشكلة في هذا المكان".

وأمسك يوسف بهاتفه وعرض على الكاتبة صورة تظهر مئات الألواح الخشبية طافية على سطح نهر. وقال: "عثرنا على هذه الأخشاب قبل بضعة أسابيع عندما كانت في طريقها إلى باكستان، ولكننا استطعنا وقفها. يوجد في مقاطعتنا بعض أفضل أنواع الأخشاب في العالم، وتلك الحقيقة تدمرنا".

وكانت أشجار البلوط والصنوبر والجوز تغطي منطقة كونار، ولكن على مدى العقود الثلاثة الماضية فقدت المنطقة 40٪ من أشجارها، مما جعل من السهل الوصول إلى جبال باتت جرداء وجافة في الصيف. وأصبح الوصول إلى أعماق الغابات يستغرق عدة ساعات.

وأما في العاصمة الإقليمية أسد أباد، والتي يمر نهر كونار في وسطها، لم يعد هناك سوى بضع أشجار، ولم تعد المساحات الخضراء سوى هضاب وعرة تكسوها فقط حشائش.

تجارة مربحة
ويقول محمد كامل، أب لخمسة أطفال من منطقة شاوكي وكان يعمل في صناعة الأخشاب طيلة العقدين الأخيرين، إن حوالي 20 ألف شجرة يتم تهريبها إلى باكستان سنوياً. ويضيف أن العملية معقدة، كما هي الأرقام، لافتاً إلى أن معظم المناطق الحراجية أصبحت اليوم تحت سيطرة داعش بعدما كانت في عهدة طالبان. وقال: "باتت المنطقة معقلاً لداعش. وكنت في الماضي أدفع لطالبان، ولكن اليوم تؤول الأموال إلى الداعشيين".

ويوضح كامل أن ثمن كل شجرة يبلغ ما بين 3000 و 5000 روبية باكستانية – العملة المستخدمة غالباً في المنطقة- بما يعادل 20 و 30 دولاراً.

ورغم محاولات الحكومة الأفغانية القضاء على هذه التجارة، يغض معظم المسؤولين الطرف عن العاملين فيها. وقال: "تعتبر هذه التجارة مصدر دخل رئيسي في منطقة يعيش ما بين 60٪ إلى 70٪ من أبنائها تحت خط الفقر. ويجني داعش أموالاً غير مشروعة من تجارة الأخشاب، وكذلك الشرطة".

تنافس حاد
ويقدر كامل وعدد من مهربي الأخشاب وجود ما بين 1000 و 2000 مقاتل تابعين لتنظيم داعش في منطقة يربو عدد سكانها عن نصف مليون، وهو الرقم الذي ينفيه زوبعي عارف، الناطق باسم وزارة الدفاع الأفغانية، والذي يقول: "تم القضاء على أكثر من 95٪ من أعضاء داعش في البلاد".

لكن بلال أحمد، مقاتل في داعش من باكستان، أقام سابقاً في كونار، وانتقل مؤخراً إلى إقليم نانغارهار المجاور يلفت إلى أن" ليس لدى هذا الرجل أية فكرة. يرغب عدد كبير من الشباب بالمشاركة في الجهاد معنا. التقيت هنا بأوزبكيين وصينيين وهنود، وحتى أوروبيين".

وتشير كاتبة المقال إلى أنه، قبل عام واحد فقط، كانت غابات كونار الرئيسية في وديان مازار وديوغال وكورينجال تحت سيطرة طالبان، ولكن داعش غزا المنطقة مؤخراً. وقد هرب آلاف من بيوتهم عندما اندلع القتال، تاركين بضعة متطرفين. ويبدو أنه ما بين غارات حكومية وهجمات متمردين وعدد لا يحصى من خطوط القتال، لا أحد يربح الحرب في كونار.

وقال الكولونيل كانت بيترز، المتحدث باسم الناتو في أفغانستان: "نشهد باستمرار قتالاً عنيفاً بين طالبان وداعش في منطقة خراسان في نانغارهار وكونار. وغالباً ما يتناوب التنظيمان في السيطرة على المنطقة".