ناقلة النفط البريطانية "ستينا إمبيرو" (أرشيف)
ناقلة النفط البريطانية "ستينا إمبيرو" (أرشيف)
السبت 20 يوليو 2019 / 16:02

لماذا احتجزت إيران الناقلة البريطانية وهل ترد واشنطن؟

24- نيفين الحديدي

في تطور هو الأحدث من نوعه، بعد التدهور الأخير في العلاقات البريطانية الإيرانية، وسط نزاع أوسع بين طهران وواشنطن، وتزايد التوترات في المنطقة منذ أكثر من شهرين، يعلن الحرس الثوري الإيراني عن احتجاز ناقلة نفط بريطانية في مضيق هرمز، زاعماً أن احتجاز الناقلة بسبب عدم احترامها قواعد الملاحة الدولية.

ويأتي استيلاء إيران على ناقلة النفط البريطانية "ستينا إمبيرو" قبالة الساحل الإيراني، الجمعة، لدى عبورها مضيق هرمز، بعد أسبوعين من احتجاز البحرية البريطانية لسفينة إيرانية بالقرب من جبل طارق على شبه جزيرة البحر المتوسط، مما زاد من تدهور العلاقات السيئة بالفعل بين لندن وطهران.

ورداً على هذه الخطوة، حذر وزير الخارجية البريطانية جيرمي هانت، إيران من العواقب الوخيمة، إذا لم تفرج عن الناقلة، واعتبر أن الأمر "غير مقبول"، داعياً إلى حرية الملاحة في الخليج.


فيما قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إنه سيتحدث إلى بريطانيا بعد أن قال الحرس الثوري الإيراني، إنه صادر ناقلة نفط بريطانية في الخليج. 

واعتبر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أن التصعيد الإيراني تجاه بريطانيا يؤكد أنه كان محقاً بشأن موقفه من إيران، ولمح للصحفيين إلى إمكانية أن يكون الحرس الثوري الإيراني قد احتجز أكثر من ناقلة.

وزعم الحرس الثوري الإيراني، أن ناقلة النفط البريطانية "ستينا إمبيرو"، تسببت ببعض المشاكل: إغلاق جهاز التتبع عن بعد، الدخول من مخرج مضيق هرمز وليس مدخله، وتجاهل التحذيرات الموجهة لها.

وفي تعليقه على هذا التصعيد، فند المحلل خالد الغرابلي، في موقع "فرانس 24"، الجمعة، مزاعم الحرس الثوري الإيراني التي تحدث فيها عن تلويث مياه المنطقة، وأن السفينة البريطانية لم تكن وجهتها واضحة، وبأنها لم تحترم القوانين الدولية، مؤكداً "صعوبة تصديق هذه المزاعم".


وأكد أن "هذه الناقلة حديثة ومتطورة جداً، والمكان الذي تبحر فيه هو مكان ضيق، وفي ظل التوتر السائد في المنطقة، يصعب تخيل أن السفينة يمكن أن تخطئ طريقها، أو يمكن أن تجازف بارتكاب أخطاء مهنية معينة، تجعلها تدخل المياه الإقليمية الإيرانية، أو لا تحترم قواعد مرورية معينة".

ورجح محلل "فرانس 24"، أن يكون الاحتمال الأكبر، هو أن إيران أرادت مصادرة ناقلة النفط البريطانية "ستينا إمبيرو"، وذلك على خلفية قرار حكومة جبل طارق قبلها بساعات تمديد احتجاز ناقلة النفط الإيرانية "غريس 1" لمدة شهر.

وقال، إن إيران أرادت من احتجاز ناقلة النفط البريطانية أن توصل رسالة إلى بريطانيا، بأننا "نتعامل معك الند للند"، ولا "يهمنا إن كانت بريطانيا عضو في حلف شمال الأطلسي"، "لديكم ناقلة إيرانية لتردوها لنا لنطلق سراح هذه السفينة البريطانية".

واشتعل التوتر بين بريطانيا وإيران في وقت سابق من الشهر الحالي، عندما احتجزت البحرية البريطانية ناقلة نفط إيرانية اشتبه في أنها تخرق عقوبات يفرضها الاتحاد الأوروبي. 


وكانت بريطانيا اشتبهت في أن الناقلة "غريس 1"، التي احتُجزت في الرابع من يوليو(تموز) بالقرب من جبل طارق، كانت تنقل نفطاً لسوريا. ورداً على احتجاز الناقلة، هددت إيران باحتجاز ناقلة نفط بريطانية.

وأضاف الغرابلي، أنه في الآونة الأخيرة كان هناك مفاوضات بين بريطانيا وإيران لتسليم سفينة "غريس 1" للإيرانيين، بشرط أن تقدم طهران تعهدات بأنها لن النفط لن يذهب إلى سوريا، ولكن كان هناك رغبة لدى بريطانيا في البحث عن مصير مواطنة بريطانية من أصل إيراني محتجزة في إيران، وقد تكون هذه هي المشكلة التي أعاقت المفاوضات، وبعدها قررت سلطات جبل طارق تمديد احتجاز السفينة الإيرانية.

كما رجح أن "تكون هناك رغبة من الولايات المتحدة التي طلبت من بريطانيا احتجاز ناقلة النفط الإيرانية "غريس 1" أن تزيد فترة احتجاز هذه السفينة، مؤكداً أن جميعها احتمالات ورادة في ضوء المعلومات المتوفرة حالياً".

وفي التاسع من يوليو(تموز) رفعت بريطانيا درجة التهديد للملاحة البريطانية في الخليج إلى "حرجة"، وهي أعلى درجة إنذار.

وبعد ذلك بيوم، حاولت قوارب إيرانية احتجاز ناقلة نفط بريطانية في المنطقة، قبل إصدار سفينة تابعة للبحرية البريطانية إنذاراً، حسبما قالت وزارة الدفاع. ونفت إيران ضلوعها في أي محاولة لاحتجاز الناقلة.


"الحل في التفاوض"
ومن جهته، قال مراسل شؤون الدفاع في شبكة "بي بي سي" البريطانية، جونثان ماركوس، اليوم السبت، أن الإجابة المرجحة لحل هذه الأزمة هي التفاوض، مشيراً إلى أن هذا قد يتطلب إعادة الناقلة التي احتجزت في جبل طارق.

وفي هذا الإطار، هل كان قرار احتجاز الناقلة التي يُزعم أنها كانت في طريقها إلى سوريا، قراراً صائباً، خاصة في سياق الأزمة الحالية في الخليج؟ وهل استجابت الحكومة البريطانية بفعالية لتهديدات طهران؟

وأجاب ماركوس عن هذه التساؤلات، وفق تقرير "بي بي سي" بقوله: "لقد علمنا أن القرار النهائي لإرسال سفينة حربية ثانية إلى الخليج تم اتخاذه بعد تفكير وتروٍ، لتحقيق التوازن بين ضرورة تجنب التصعيد والتهديد الواضح للسفن التي تحمل العلم البريطاني. وفي هذا الحدث، فإن الإيرانيين لم يرتدعوا أو يتراجعوا".

وكانت إيران أعلنت، الجمعة، أنها احتجزت ناقلتين نفط في مضيق هرمز، "ستينا إمبيرو" التي ترفع العلم البريطاني، و"مصدر" التي ترفع علم ليبيريا، ولكن تديرها شركة بريطانية.
وأعلن الحرس الثوري الإيراني، الجمعة، أنه احتجز ناقلة النفط البريطانية "ستينا إمبيرو" لدى عبورها مضيق هرمز، زاعماً "عدم احترامها القانون البحري الدولي".


واحتجزت ناقلة ثانية بريطانية الملكية، وهي "مصدر"، وتحمل العلم الليبيري لفترة وجيزة، ولكن أفرج عنها لاحقاً، بعد أن تم توجيه تحذير لها، وواصلت رحلتها في الخليج. وفق ما ذكرت وكالة "تسنيم" الإيرانية شبه الرسمية للأنباء.

وذكرت وكالة أنباء "فارس" المقربة من الحرس الثوري، اليوم السبت، أنه جرى نقل ناقلة النفط البريطانية إلى ميناء بندر عباس المطل على المضيق.

وأشارت إلى أن الناقلة "تورطت في حادث مع قارب صيد إيراني قبل أن يتم احتجازها"، دون أن تقدم مزيداً من التفاصيل.

كما ذكرت أن أفراد طاقم الناقلة المحتجزة الآن في ميناء بندر عباس سيبقون على متنها "لحين انتهاء التحقيق".


وتشهد المنطقة توتراً متصاعداً بين الولايات المتحدة ودول خليجية من جهة، وإيران من جهة أخرى، منذ أن خفضت طهران بعض التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، الموقع في 2015.

واتخذت إيران تلك الخطوة، في مايو(أيار) الماضي، بعد مرور عام على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، وفرض عقوبات مشددة على طهران، لإجبارها على إعادة التفاوض حول برنامجها النووي، إضافةً إلى برنامجها الصاروخي.

وخلال الأشهر الأخيرة، شهد مضيق هرمز وخليج عُمان عدداً من مغامرات إيران التي هددت حركة الملاحة البحرية، وخصوصاً ناقلات النفط، الأمر الذي استدعى إدانات دولية، ودعوات للعمل من أجل وقف هذه الاعتداءات.

وتنوعت هذه الاعتداءات بين اعتراض سبيل ناقلات النفط، ومحاولة جر عدد منها عنوة إلى المياه الإيرانية، وآخرها احتجاز ناقلة نفط بريطانية، الجمعة، فضلاً عن تأكيد واشنطن أن لديها أدلة كافية على تورط إيران في هجمات بالمتفجرات، طالت ناقلات نفط في خليج عُمان.


وكان الجيش الأمريكي، قال الجمعة، إنه أسقط طائرة إيرانية بدون طيار، بعد شهر من قيام الحرس الثوري بتدمير طائرة تجسس أمريكية بدون طيار في الخليج، يُزعم أنها انتهكت المجال الجوي الإيراني.

ورجح محللون، أن إيران تريد من تصعيدها الأخير مع بريطانيا والولايات المتحدة، في ظل التوترات المتزايدة في المنطقة، أن توصل رسالة إلى الولايات المتحدة في هذا التوقيت بالذات، مفادها أنها لن تسمح بتنظيم الأمن في مضيق هرمز، بدون موافقة إيران والتنسيق معها".

وتسعى الولايات المتحدة مع الحلفاء إلى إنشاء قوة بحرية لتأمين حماية حرية الملاحة في مضيق هرمز ومضيق باب المندب، ويرجح، وفق المحللين، أن إيران تريد أيضاً توجيه رسالة للضغط على الأوربيين بأن "عليكم أن تتحركوا، لإنقاذ الاتفاق النووي"، و"حمايتنا من العقوبات الأمريكية".