الإثنين 22 يوليو 2019 / 16:47

حين حاولت إيران اغتيال فضل الله.. قتلتْ 85 لبنانياً

عام 2000 حاول أحد عناصر حزب الله اغتيال رجل الدين السيد محمد حسين فضل الله في مسجد الحسنين بحارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، صوّب الشاب خلال صلاة الجمعة مسدسه الكاتم للصوت باتجاه فضل الله، ولكن مرافقيه كانوا أسرع في القفز باتجاه مطلق النار وإبعاد يده، ما أنقذ فضل الله من موتم محتم، فالرصاصة أصابت الجدار قرب رأسه.

عملية الاغتيال هذه لم تكن الأولى التي يتعرض لها رجل الدين الشيعي، الذي كان قريباً لحزب الله، ولكنهم ابتعدوا عنه بسبب مواقفه الدينية التي اعتبروها غير متلائمة مع تطرفهم كحزب يتلقى دعمه وأوامره من متشددين في طهران.

رغم أن عماد مغنية رافق فضل الله خلال انتمائه لحركة فتح الفلسطينية، وبعد الاجتياح ساهم في تأمين الحماية له، إلا أن عام 1984 كان بداية الفصل بين فضل الله الذي سمى نفسه آية الله، وبدأ يصدر فتاوى دينية وصولاَ إلى إعلان نفسه مرجعاً دينياً، وبين الخمينية.

كانت أسباب الخلاف عديدة مع رجال الدين الشيعة الإيرانيين، ولكن الشأن الديني فيها هو الأبرز، وتحديداً مسألة التشيع والتطرف وتقديس آل البيت والموقف من الصحابة. كان فضل الله طرح عام 1984 كتيباً حرّم فيه شتم الصحابة بشكل كامل، وناقض الروايات الإيرانية، في قضية فاطمة الزهراء.

موقف فضل الله المتقدم هذا لم يعجب الخميني وتابعيه في طهران. فاشتعل الخلاف الديني، ووصل إلى حد محاولات الاغتيال وإصدار الكتب التي هاجمت فضل الله.

ولكن ما لم يعرفه سكان منطقة بئر العبد في الضاحية الجنوبية أن تفجير 12 مارس 1985 الضخم لم يكن من عمل أجهزة المخابرات الأمريكية، ولا كذلك أحزاب لبنانية منها القوات اللبنانية التي كان يقودها إيلي حبيقة في تلك الفترة. كان التفجير الذي أودى بخمسة وثمانين قتيلاً هو من صناعة الحرس الثوري، بفتوى من آية الله أردبيلي في طهران. فقرار الاغتيال السياسي لفضل الله يحتاج إلى فتوى من شخص قريب للخميني، وليس فتوى من أي شيخ عادي، وتأثير اغتيال فضل الله أكبر من اغتيال أي فرد آخر.

نجا فضل الله من الاغتيال، البعض يقول إنها صدفة، وآخرون يشيرون إلى شاب من بلدة مشغرة البقاعية، نبه فضل الله أن يتأخر قليلاً للخروج من المسجد، فوقع الانفجار بفارق دقيقتين بعبوة قدر وزنها بـ 250 كيلوغراماً من مادة تي ان تي. لاحقاً نفى إيلي حبيقة أي دور له أو للقوات اللبنانية، بالتفجير.

خلال أشهر قليلة من التفجير، أعدم حزب الله خلال 13 عنصراً من أجهزته الأمنية، ومنهم الشاب من بلدة مشغرة، باتهامات مختلفة لكل واحد منهم. ولكن التهمة الحقيقية أن هؤلاء الشبان كشفوا محاولة الاغتيال، واسم المسؤول عنها، ومن سينفذها. الشبان ظنوا في البداية أنه الاغتيال سيتم عبر قناص يطلق الرصاص على فضل الله ولم يعلموا بالعبوة الناسفة إلا لحظة وقوع الانفجار.

أخفى حزب الله قصة الموت المعلن لعشرات المدنيين والمصلين في مسجد بئر العبد، وبقي على روايته باتهام الولايات المتحدة وإسرائيل ودول عربية. رغم أن عائلات الشبان الـ 13 يعرفون القصة الحقيقية، للقتل غير المعلن.