فرقاطة بريطانية (أرشيف)
فرقاطة بريطانية (أرشيف)
الثلاثاء 23 يوليو 2019 / 00:31

قوة غربية جديدة في هرمز.. الخناق يضيق على إيران

يستمر النظام الإيراني في تصرفاته العدائية ومغامراته العسكرية غير المحسوبة والتي كان آخرها احتجاز ناقلة النفط البريطانية في مضيق هرمز، في تطور هو الأحدث في سلسلة الأعمال الاستفزازية الإيرانية، وعلى الرغم من أن التوترات كانت تنحصر بين إيران والولايات المتحدة، إلا أن بريطانيا أصبحت طرفاً في النزاع، بعد احتجاز الحرس الثوري الإيراني لناقلة نفط تابعة للمملكة المتحدة في مضيق هرمز.

وبريطانيا كانت من أكثر الدول الأوروبية التي تسعى للتوسط في حل الصراع بين طهران وواشنطن بشأن مصير الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة بشكل أحادي في مايو 2018(آيار)، غير أنها أصبحت اليوم من الدول التي ترغب وبشدة في الوقوف بوجه غطرسة نظام الملالي الإرهابي وحماية مصالحها في منطقة الخليج من قرصنة إيران، وذلك بتشكيل قوة أمنية بحرية بقيادة أوروبية لضمان الملاحة الآمنة في مضيق هرمز.

قوة أوروبية
وأعلن وزير الخارجية البريطاني، جيرمي هانت، اليوم الإثنين، أن "مهمة بلاده هي ضمان حرية الملاحة، في الخليج العربي من التهديدات الإيرانية، و أن المملكة المتحدة ستعلن عن خطة لتشكيل قوة حماية بقيادة أوروبية في منطقة الخليج العربي".

والسلوك الإيراني تجاه بريطانيا، وضع الأخيرة في موقف صعب لمواصلة الدفاع عن الاتفاق النووي مع كل من ألمانيا وفرنسا، حيث أضاف هانت في كلمة له أمام مجلس العموم البريطاني، أنه "إذا استمرت إيران في التصعيد فستعزز بريطانيا حضورها العسكري في الخليج العربي"، وتابع قائلاً إن "دبلوماسيتنا تركز على تخفيف التوتر مع التزامنا بتطبيق القانون الدولي"، مؤكداً أن فرقاطة بريطانية ستصل إلى مياه الخليج العربي خلال أسبوع واحد، لتضمن سلامة وحرية الملاحة في المنطقة، كما أوضح أن التعزيزات البريطانية ستطالب السفن التابعة للمملكة المتحدة برفع العلم حتى يتم تأمينها جيداً.

انتقادات
لكن صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، انتقدت التراخي البريطاني أمام العدوان الإيراني والهجمات المتكررة على السفن في مضيق هرمز، واستمرار محاولات بريطانيا لإنقاذ الاتفاق النووي رغم السلوكيات الإيرانية في المنطقة، موضحة أنه "بالإضافة إلى التوترات الدبلوماسية، تمر المملكة المتحدة بفترة من عدم اليقين المرتبط بالوضع السياسي الداخلي، حيث إن تيريزا ماي لم تحضر الاجتماعات الطائرة التي جرت ليل الجمعة الماضي وبعد ظهر السبت".

ووفقاً للصحيفة الفرنسية، فإنه سيتم الكشف عن اسم رئيس الوزراء البريطاني الجديد خلال ساعات، والذي يرجح بقوة أن يكون وزير الخارجية البريطاني السابق بوريس جونسون الذي يُعد مفضلاً كبيراً لدى الناخبين، لذا تأتي هذه الأزمة في لحظة حساسة للغاية للسياسة البريطانية، منذ التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016.

ومن جهته، أعرب الاتحاد الأوروبي عن "القلق البالغ" بشأن هذه الخطوة، وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، اليوم "لا نريد مزيداً من التصعيد".

عملية الحارس
ومن بريطانيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي تقود جهوداً حثيثة لتضيق الخناق على نظام الملالي ووضع حد لتجاوزات إيران المتكررة والتي بات تشكل مصدر تهديد كبير لإمدادات النفط العالمية، بعد ثبوت تورطها في هجمات منسقة على ناقلات نفط في المنطقة، كشفت واشنطن عن أولى خطوات تشكيل التحالف البحري الدولي لتحصن الملاحة في المنطقة.

وأطلقت الولايات المتحدة، لمواجهة الشيطنة الإيرانية في البحر، عملية دولية، تحت عنوان "الحارس"، الجمعة الماضية، وتعتبر هذه العملية العسكرية البحرية صفعة لنظام الملالي الإرهابي الذي كان يهدف لإرهاب البحر في مضيق هرمز وتهديد الملاحة البحري.

وتهدف "عملية الحارس" إلى "تعزيز الاستقرار والأمن البحري وضمان المرور الآمن وعدم تصعيد التوترات في المياه الدولية في كل مياه منطقة الخليج من مضيق هرمز إلى مضيق باب المندب وخليج عُمان".

وأكد المبعوث الأمريكي الخاص بإيران برايان هوك، الأربعاء الماضي، أن 65 دولة ستبحث في البحرين أمن الخليج البحري. وكان رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال جوزيف دانفورد، صرح أيضاً، الأسبوع الماضي، بأن الولايات المتحدة أعدت خطة سيتولى بموجبها تحالف عسكري دولي حماية المياه الاستراتيجية.

وقال دانفورد: "نتواصل الآن مع عدد من الدول لتحديد ما إذا كان بإمكاننا تشكيل تحالف يضمن حرية الملاحة في كل من مضيق هرمز ومضيق باب المندب، لذا فإنني أعتقد أن من المحتمل أن نحدد خلال الأسبوعين المقبلين الدول التي لديها الإرادة السياسية لدعم هذه المبادرة، وسنعمل بعد ذلك بشكل مباشر مع الجيوش لتحديد الإمكانيات المحددة التي ستدعم ذلك".

الخطة الأمريكية
وبحسب الأهداف المعلنة، تريد واشنطن من التحالف الجديد "ضمان حرية الملاحة" في مضيق هرمز، وهو من المواقع البحرية الإستراتيجية الأساسية التي توفر الوصول إلى طرق التجارة الأساسية من المحيط إلى الخليج والبحر الأحمر، ويمر عبره خُمس صادرات النفط العالمي، كما يمر ما يقرب من 4 ملايين برميل من النفط يوميًا عبر مضيق باب المندب إلى أوروبا والولايات المتحدة وآسيا، بالإضافة إلى البضائع التجارية.

وحتى الآن، لم تُحدد الدول التي ستنضم إلى هذا التحالف، لكن دانفورد قال إن "البنتاغون وضع خطة محددة، ويعتقد أنه سيكون من الواضح في غضون أسبوعين الدول التي لديها "الإرادة السياسية" لدعم الخطط، مشيراً إلى أن واشنطن ستعمل بعد ذلك مباشرة مع الجيوش لتحديد القدرات التي يمكن لكل دولة توظيفها في دعم هذه المبادرة.

وبموجب الخطة التي تم الانتهاء منها فقط في الأيام الأخيرة، ستوفر الولايات المتحدة سفن "تحكم وسيطرة" تقود جهود المراقبة للتحالف العسكري في البحار قبالة سواحل إيران واليمن، ومع ذلك، فإن الهدف أن تقدم دول التحالف الأخرى سفنًا لتسيير دوريات بالقرب من سفن القيادة الأمريكية، وسيشمل الجزء الثالث من المهمة أفرادًا من التحالف لمرافقة سفن بلادهم التجارية التي تحمل أعلامها عبر المنطقة.

وهذه التفاصيل، أوضحها دانفورد لمجموعة صغيرة من الصحافيين في فورت ماير بولاية فرجينيا، عقب اجتماعين بشأن التحالف، أحدهما مع القائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، والآخر مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، وقال بشأنها: "هذه الخطط تسير في نفس الاتجاه".

وعقب اجتماعات المسؤولين الأمريكيين، قال دانفورد: "حجم الحملة يعتمد على عدد الدول التي تقرر الالتزام بها، لدينا مفهوم واضح جداً لما نريد القيام به"، واقترح دانفورد أن يبدأ المبادرة بتحالف صغير، وقال: "سيكون هذا قابلاً للتطوير، لذلك مع وجود عدد صغير من المساهمين، يمكن أن تكون لدينا مهمة صغيرة وسنعمل على توسيعها مع تحديد عدد الدول التي ترغب في المشاركة".

ويرى مراقبون أن واشنطن ستعمل على مزيد من تضييق الخناق على طهران التي باتت تشكل تهديدا كبيرا لمصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة وإجبارها على القبول بمباحثات جديدة وفق شروط تتماشى مع تطورات الوضع.

تهديدات إيرانية 
ودأبت إيران وأذرعها الإرهابية المنتشرة بالمنطقة على استهداف السفن التجارية، لا سيما ناقلات النفط؛ الأمر الذي تكرر في أكثر من حادث خلال الأشهر القليلة الماضية.

ولكن التطورات الأخيرة عززت ما كان يحذر منه المسؤولون الأمريكيون وتحديداً من الرئيس دونالد ترامب في الأيام والأسابيع الأخيرة، حول الخطر الذي تشكله إيران على أمن الخليج، بحسب واشنطن.

وقبل ساعات على قيام إيران باختطاف الناقلة، كان الممثل الأمريكي الخاص لإيران برايان هوك يقدم مطالعته في هذا الاجتماع أمام نحو 100 دبلوماسي يمثلون نحو 60 بلدا، يشرح فيها مبادرة إدارة ترمب للأمن البحري في منطقة الخليج.

وبعد ساعات، كانت إيران تؤكد ما حذر منه هوك عبر اختطافها الناقلة البريطانية، ما يعتقد أنه رد على احتجاز بريطانيا للناقلة الإيرانية في مضيق جبل طارق كانت تنقل نفطاً إلى مصفاة بانياس المدرجة على قائمة العقوبات الأوروبية على النظام السوري، بحسب ما اعترف به الإيرانيون لاحقاً.

وترى أوساط أمريكية أن ما جرى في الأيام الأخيرة يصب في مصلحة الرؤية الأمريكية و"قد تكون إيران انزلقت فعلياً نحو تعزيز عزلتها، بما يعطي واشنطن الشرعية السياسية والدولية لتشكيل التحالف الدولي البحري ضدها"، بعدما نزعت الشرعية السياسية عن وزير خارجيتها محمد جواد ظريف، مطالبة رأس السلطة بالتحاور مباشرة معها.

الكرة في الملعب الأوروبي 
ومن جهتها، وصفت القيادة المركزية الأمريكية، خطط تشكيل التحالف، بأنها جهود بحرية متعددة الجنسيات. وبحسب القيادة المركزية، فإن هذا الإطار سيمكّن الدول المعنية، خصوصاً دول المنطقة والدول التي تعتمد على إمدادات النفط منها، على توفير حراسة لسفنها التي ترفع علمها، والإفادة من تعاون الدول المشاركة من أجل التنسيق وتعزيز الوعي في المجال البحري ومراقبته.

واعتبرت أوساط دبلوماسية أن شمول اقتراح تشكيل التحالف البحري كل منطقة الخليج وصولاً إلى باب المندب، يأتي في سياق جهود متكاملة تضغط الولايات المتحدة لتحقيقها، عبر ضمان أمن المنطقة، وإنهاء الخطر الذي تشكله الممارسات الإيرانية المزعزعة للاستقرار في المنطقة.

ووفقاً لتقارير إعلامية، أكدت أوساط في واشنطن بأن "سلوك إيران وضع الكرة في الملعب الأوروبي وعمل على تعقيد قدرته على الدفاع عن الاتفاق النووي".

كما يواصل المسؤولون الأمريكيون التنسيق مع الحلفاء والشركاء في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط حول التفاصيل والقدرات اللازمة لعملية الحارس لتمكين حرية الملاحة في المنطقة وحماية ممرات الشحن الحيوية.