الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.(أرشيف)
الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.(أرشيف)
الإثنين 5 أغسطس 2019 / 15:32

إرث أوباما يتقلص.. حتى عند الديمقراطيين

انطلاقاً من المناظرات التي يجريها المرشحون الديموقراطيون إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة، رأى الباحث في معهد المشروع الأمريكي جوناه غولدبيرغ أنّ إرث الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما يتقلص بشكل كبير. وكتب في مجلة "ناشونال ريفيو" أنه لبعض الوقت، لم يكن يفترض بأي شخصية معاصرة أن تكون بهذا الحجم من التأثير، مع صعوبة وصف المبالغات خلال الأيام الأولى من عهد أوباما.

هجرة الديمقراطيين نحو اليسار ليست قصة آيديولوجية أو تحول فكري وحسب. إنها أيضاً من تداعيات رئاسة أوباما

وجد كثير من المفكرين ووسائل الإعلام مثل مجلتي تايم ونيوزويك أنّ أوباما هو أبراهام لينكولن أو فرانكلين روزفلت القرن الحادي والعشرين، بينما قال الكاتب والمدرب التحفيزي ديباك شوبرا إنّ أوباما مثل "قفزة كمية في الوعي الأمريكي". وشبهه المخرج جورج لوكاس بشخصية جيدي في أفلام حرب النجوم حيث أنّ مهمته ضمان الأمن والعدالة في الكون. كان أوباما ظاهرة عالمية. وفي خطوة أحرجته هو نفسه، قامت لجنة نوبل بإعطاء أوباما جائزة السلام استباقاً لما كانت متأكدة مما سيفعله.

ما الفرق بينه وبين ريغان؟
كانت توقعات أوباما على المستوى الشخصي أقل بكثير من تلك الآمال. أراد أن يكون رونالد ريغان الديمقراطيين. ولوقت ما، بدا للعديد أنه نجح بذلك. في أواخر أبريل (نيسان) 2017، قال الإعلامي السياسي في شبكة سي أن أن فريد زكريا: "طمح أوباما كي يكون رئيساً تغييرياً، مثل ريغان. حتى اللحظة، من المنصف القول إنه نجح". لكن ثبت أن ذلك ذلك كان وهماً.

استشهد الكاتب بمقال لزميله راميش بونورو في المجلة نفسها سنة 2017 حين كتب أنّ أوباما غادر البيت الأبيض متمتعاً بالشعبية نفسها تقريباً التي حازها ريغان. لكن عندما رحل الأخير إلى كاليفورنيا، ترك حزبه في وضع أقوى مما وجده حين ترشح عبره إلى الانتخابات، مع كسبه المزيد من المناصب المنتخبة على مستوى الولايات والاتحاد. كذلك، شعر الجمهور بمزيد من التفاؤل حول اتجاه البلاد حينها. في الوقت الذي غادر أوباما منصبه، كان حوالي 1000 ديموقراطي قد خسروا مناصبهم فيما وجد الحزب الجمهوري نفسه في موقع أفضل من أي وقت منذ عشرينات القرن الماضي.

مبالغة؟
يجادل بعض المحللين بشكل معقول أنّ هذه الإحصاءات مبالغ فيها بشكل غير عادل لأنّ أوباما واجه مصاعب كثيرة سنة 2008. لكن حتى مع ذلك، فشل أوباما وفقاً لمعاييره الخاصة في ما يتعلق بقدرة الرؤساء التغييريين على توسيع قواعد حزبهم كما فعل روزفلت وريغان.

للإنصاف، يتابع غولدبيرغ، كان لهذين الرئيسين امتيازاً لم يتوفر لدى أوباما وهو أنّ من خلفهما كانا من الحزب نفسه. بما أنّ كثيراً مما يفعله الرؤساء يمكن أن يُعكس بأمر تنفيذي، كما فعل أوباما خلال ولايته، يحتاج الأمر إلى أوامر تنفيذية تستكمل تلك التي أصدرها الرئيس السابق لتعزيز إرثه الرئاسي. قلَبَ دونالد ترامب العديد من سياسات أوباما بشطبة قلم مثلما قد يفعل خلف ديموقراطي مع سياسات الرئيس الحالي. ومع ذلك، كان صعباً إدراك مدى التقلص الرهيب في رئاسة أوباما حتى المناظرات الديموقراطية الأخيرة.

لم يروا شيئاً مماثلاً
ركّز معظم تحليل هذه المناظرات على الصراع بين نائب أوباما جو بايدن وبعض المعتدلين في مواجهة اليسار الأكثر عدداً والذين هاجموا العديد من سياسات الرئيس السابق وأهمها أوباما كير لكن أيضاً سياسات بشأن الهجرة والاقتصاد. ومع أنّ الكاتب تأسف لازدياد انتقادات إرث ريغان من جانب بعض المثقفين من اليمين، أكد أنّ الأمريكيين لم يروا شيئاً مماثلاً حتى من بعيد لما حدث في المناظرات الديموقراطية عند الجمهوريين. إنّ مهاجمة سياسي جمهوري لريغان سيكون محفوفاً بالمخاطر على الرغم من أنه غادر منصبه منذ أكثر من ثلاثة عقود.

تداعيات رئاسته.. من جناح إلى ريشة
إنّ هجرة الديمقراطيين نحو اليسار ليست قصة آيديولوجية أو تحول فكري وحسب. إنها أيضاً من تداعيات رئاسة أوباما. وعند احتساب الخسائر الإجمالية الديمقراطية في عهد أوباما، ليس الجزء المهم مرتبطاً بالكمية بل بالنوعية. تم تجويف صفوف الديمقراطيين المعتدلين والمحافظين في عهد أوباما، بينما اندفع الديمقراطيون في عمق مناطقهم أكثر باتجاه اليسار.

 الديمقراطيون البارزون الذين نجوا من حقبة أوباما أكثر قلقاً عموماً من اليساريين خلال التحديات التمهيدية مما هم عليه تجاه من سيكون على يمينهم في الانتخابات النهائية. نتيجة لذلك، يواجهون صعوبة في الحديث إلى جماهير لا توافقهم في المسائل الكبيرة.

يشبه المعتدلون في مناظرات الحزب الديمقراطي لاجئين من جناح حزب تقلص إلى ريشة. وحده بايدن يقف كشخصية كبيرة بسبب الوقت الذي أمضاه إلى جانب أوباما. لكنّ غولدبيرغ يؤكد ختاماً أنّ قرب بايدن من أوباما ينقلب إلى ثقل عليه، أقله على مستوى المناظرات.