رئيس مصلحة تشخيص النظام في إيران صادق لاريجاني (أرشيف)
رئيس مصلحة تشخيص النظام في إيران صادق لاريجاني (أرشيف)
الأحد 18 أغسطس 2019 / 00:18

صراع الأجنحة في النظام الإيراني.. هل بدأ يخرج إلى العلن؟

انهالت انتقادات وهجمات غير مسبوقة على رئيس مصلحة تشخيص النظام في إيران صادق لاريجاني، من قبل شخصيات ووسائل إعلام إيرانية رفيعة، خلال الأيام القليلة الماضية، ما يكشف حقيقة التصدع والانشقاقات التي يعاني منها النظام الإيراني المتآكل.

ووفقاً لوسائل إعلام إيرانية، فإن الهجوم اللاذع الذي تعرض له لاريجاني، جاء بسبب رسالة بعث بها الأسبوع الماضي إلى المرشد الأعلى علي خامنئي، يهدد من خلالها بمغادرة البلاد نحو النجف في العراق، ما لم يتم الإفراج عن المساعد التنفيذي لمكتبه، علي طبري الذي اعتقل أخيراً بتهمة الفساد.


انتقادات لاذعة
وبالنسبة لإيران، فيعد هذا الهجوم أمراً غير معتاد، بالنظر إلى أن لاريجاني الذي ينحدر من أسرة ثرية ذات نفوذ كبير، كان حليفاً موثوقاً به لفترة طويلة، وهو أحد الأبناء الخمسة لهاشم لاريجاني الذي كان من أقرب المقربين للمرشد الأعلى علي خامنئي، وكان موظفاً رئيسياً لديه.

وضجت وسائل التواصل الاجتماعي منذ ذلك الحين، بالانتقادات والهجمات، حيث انتشرت مقاطع لبرامج تلفزيونية إيرانية، تذم وتهاجم لاريجاني على نطاق واسع، بينما توقع الكثيرون أن بث البرامج على التلفزيون الحكومي الذي يسيطر عليه مكتب خامنئي، قد يشير إلى أن لاريجاني يفقد قاعدة سلطته.




وكتب ناشط إيراني على وسائل التواصل الاجتماعي في تغريدة مصاحبة لفيديو يظهر اثنين من مقدمي العروض التلفزيونية يتحدثان عن تجربتهما بعد انتقادهما لاريجاني في برنامج سابق: "عندما يهاجم التلفزيون الحكومي، والموقع الإلكتروني التابع لمسؤول رفيع المستوى في مكتب خامنئي، صادق لاريجاني، فإن هذا يحمل في طياته معنى واحداً فقط، وهو أن تاريخ انتهاء صلاحية سلطة لاريجاني قد حان".

فساد مطلق
وفي مقطع فيديو آخر تم قصه من برنامج بث على التلفزيون الحكومي الإيراني، أخبر أحد رجال الدين المضيف، أن إحدى المدارس الدينية الأكثر فخامة في إيران تخص صادق لاريجاني ورجل الدين نتيق نوري.

وفي مقطع فيديو ثالث، تم قصه أيضاً من برنامج تليفزيوني حكومي، يشرح أحد المشرعين كيف أثرت الرقابة المفروضة على الإبلاغ عن أنشطة لاريجاني سلباً على التقارير الشفافة حول الفساد المالي.

وبحسب موقع "راديو فردا" الإيراني، قال العضو في البرلمان الإيراني والمدير الإداري لصحيفة "ابتكار" محمد علي فاكيلي، إن لاريجاني بصفته رئيس السلطة القضائية، أرهب الإعلاميين المحافظين والإصلاحيين على حد سواء.


من جانبه، رأى مستشار الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، عبد الرزاق دافاري، أن الهجمات المتكررة على لاريجاني من قبل التلفزيون الرسمي، ونشر اعترافات أحد مستشاري لاريجاني، تشير إلى وجود "إرادة حديدية" لمواجهة عشيرة لاريجاني والتهديدات التي يشكلونها ضد النظام".

صمت خامنئي
جادلت الشخصيات السياسية ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في مشاركات مختلفة بأن الهجمات على لاريجاني لا يمكن أن تحدث دون موافقة خامنئي.

وما زاد على ذلك، هو بدء التشكيك في سلطة صادق لاريجاني ونزاهته بعد التحقيق في قضية فساد مالي كبيرة تتعلق بأحد أقرب مساعدي لاريجاني، أكبر طباريبور.


ولا تزال القضية التي تقدر بعدة تريليونات قيد التحقيق على الرغم من نفي لاريجاني، الذي يعمل خصومه السياسيون بجد لتسليط الضوء على هذه القضية وصلتها بلاريجاني. ويقال إن القضية أدت إلى أكبر عملية تطهير للعاملين في النظام القضائي والمصرفي الإيراني.

شكاوى نجاد
وبحسب وسائل إعلام إيرانية، فإنه خلال العام الماضي، اشتكى الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد مراراً وتكراراً من أداء القضاء الإيراني القوي والمحايد سياسياً في عهد صادق لاريجاني عبر رسائل موجهة إلى خامنئي.

وكانت الرسائل تشير بشكل خاص إلى الإخوة لاريجاني الخمسة، وخاصة علي وصادق ومحمد جواد لاريجاني، الذين تولوا مناصب رئيسية في الحكومة الإيرانية.


ومن ضمن المواضيع التي أثيرت مؤخراً أيضاً عبر وسائل الإعلام الإيرانية، فيديو يظهر أحمدي نجاد عندما كان لا يزال في منصبه كرئيس لإيران، وهو يتحدث خلال خطاب ألقاه أمام البرلمان حول شريط فيديو مسرب يظهر فيه أحد أشقاء لاريجاني، أثناء مناقشة مع المدعي السابق  حول كيفية إبرام صفقة غير مشروعة بشكل علني.

فضائح لاريجاني
وتقول بعض تقارير وسائل التواصل الاجتماعي إن فضل لاريجاني، الرجل في شريط الفيديو الذي تم بثه في جلسة البرلمان، غادر إيران هرباً من المحاسبة بعد انتشار الفيديو بشكل واسع النطاق على وسائل التواصل.

كما كشف نجاد في كلمة أخرى عن ملفات اختلاس صادق لاريجاني خاصة قضية فتحه 63 حساباً مصرفياً شخصياً باسم السلطة القضائية وتدر له الملايين شهرياً من أموال الغرامات والأموال والممتلكات المصادرة للمواطنين.



وكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أشار في خطاب موجه إلى الأمريكيين من أصل إيراني في يوليو (تموز) الماضي، إلى أن صادق آملي لاريجاني يستحوذ على 300 مليون دولار على الأقل من اختلاس الأموال العامة في حسابه المصرفي الخاص.

احتمالات وتأويلات
وفي سياق متصل، رأى مراقبون للشأن الإيراني، بينهم صحافيون، أن الهجمات على لاريجاني ما هي إلا دعاية خالصة لصالح رئيس القضاء الجديد إبراهيم الريسي المدعوم من خامنئي، الذي قال في كلمة له بمحافظة كرمنشاه غرب إيران، الخميس الماضي: "حان وقت القضاء على المفسدين وعمرهم في إيران أوشك على الانتهاء، من الآن فصاعداً لن نسمح أبداً بالتحرك لكل من يريد ترويج الفساد الاقتصادي في البلاد".


فيما أشار البعض إلى أن هذا الهجوم يعد جزءاً من خطة أكبر لربط بعض المتنافسين الطموحين لمنصب المرشد الأعلى، وتمهيد الطريق لخلافة سلسة بعد خامنئي، حيث إن القضاء على الأفراد مثل لاريجاني من بين المتسابقين سيضيق خيارات الخلافة، ويمهد الطريق لابن خامنئي مجتبى ليخلف والده.

ووسط هذه الضجة الإعلامية في إيران، لم يأبه خامنئي في التعليق على أي منها، ما اعتبره البعض بمثابة موافقة على ما يحدث، وهو ما ينذر بقرب انحلال النظام الإيراني من الداخل، في ظل الظروف السيئة التي تعيشها إيران في الوقت الراهن بعد تضييق الخناق عليها بالعقوبات الأمريكية الأخيرة.