فتى أفغاني في منزل تعرض لهحوم في أفغانستان.(أرشيف)
فتى أفغاني في منزل تعرض لهحوم في أفغانستان.(أرشيف)
الأحد 18 أغسطس 2019 / 10:42

انسحاب أمريكي متسرّع من أفغانستان ينذر بعودة الحرب الأهلية!

على الولايات المتحدة التي تضع اللمسات الأخيرة على اتفاق مع حركة طالبان، أن توفق بين حقيقتين متناقضتين: أولاهما اعتقاد خاطئ بأن الولايات المتحدة كانت قادرة على القضاء على حركة تمرد في أفغانستان، وأنه كان يفترض بها التفاوض على انسحاب عسكري منذ مرحلة مبكرة، والثانية أنها تتفاوض الآن على اتفاق قد يزيد وتيرة العنف عوض تخفيفه.

ليس من الصعب تخيل أن يقود تراجع مالي وعسكري أمريكي إلى حرب أهلية متعددة الأطراف مع شبه فراغ في السلط

هو رأي عبر عنه، في موقع "فورين بوليسي"، لوريل ميلر، مدير برنامج آسيا لدى مجموعة الأزمات الدولية، ومسؤول بارز سابق في وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون أفغانستان وباكستان.

وبين تلك الحقيقتين، هناك برأي الكاتب، مساحة ضيقة تستطيع الولايات المتحدة من خلالها إنهاء أطول حروبها، وتجنب تفاقم حرب أهلية. وسوف يعتمد تحقيق تلك الأهداف على تفاصيل الاتفاق.

وحسب الكاتب، يطغى على المحادثات الجارية حالياً نية واشنطن الواضحة في الانسحاب من أفغانستان. وقد نضج المنطق السياسي لانسحاب أمريكا قبل وقت طويل من إعلان دونالد ترامب عن رغبته فيه حينما رشح نفسه للرئاسة الأمريكية.

وكانت كلفة وتحديات بناء دولة في أحد أفقر وأضعف دول العالم، وعدم وجود تحديات أمنية مباشرة على الولايات المتحدة بعد الإجهاز على القاعدة، تعني بأن تلك الفكرة سوف تتبلور في يوم ما لدى واشنطن.

تهاون
ولكن كون القوات الأمريكية لن تبقى ولا ينبغي لها أن تبقى في أفغانستان، لا يعني أن تتهاون إدارة ترامب في كيفية انسحابها. وكان يفترض بالولايات المتحدة أن تتفاوض مع طالبان وهي في أوج قوتها، عندما كان لها هناك 100,000 جندي. كما وجب عليها استباق وقوع تمرد من خلال تشجيع تكامل سياسي مع حركة طالبان عندما كانت في أضعف أوقاتها، في السنوات الأولى بعد أحداث 9/11. ولكن أمريكا لم تفعل. ومع تخفيض عدد القوات الأمريكية إلى قرابة 14,000 اليوم، بعدما خفض عددها إلى 80,000 قبل عامين، ضيعت الولايات المتحدة عاماً بعد آخر مصدر نفوذها. ورغم ذلك، لن تتحقق مصالح أمريكية ولا أفغانية، في حال تركت أفغانستان لتنهار على طريق الانسحاب الأمريكي.

مأزق دموي
وحسب الكاتب، بغض النظر عن مدى مهارة الولايات المتحدة في المفاوضات الحالية، لربما تقع أفغانستان في حرب أهلية أوسع وممتدة بعد الانسحاب الأمريكي. وقد وصل الصراع فعلياً إلى مازق دموي، وحيث أثبتت حركة طالبان استمرار قوتها فيما تستفيد من مزايا تكتيكية لتمرد ليس بحاجة للسيطرة على كامل البلاد. وفي عام 2018، كان النزاع في أفغانستان الأكثر دموية في العالم بأثره.

ولكن، برأي الكاتب، خلال العقدين الأخيرين، وفر الدعم الأمريكي لحكومة كابول ولقواتها الأمنية، مبرراً لفصائل سياسية وإثنية معادية لطالبان للتكاتف. ولذا ليس من الصعب تخيل أن يقود تراجع مالي وعسكري أمريكي – ما لم يتم التوصل إلى تسوية سياسية بين جميع الفصائل وطالبان – إلى حرب أهلية متعددة الأطراف مع شبه فراغ في السلطة – كما جرى في التسعينات.

مهمة شاقة
وباعتقاد الكاتب، سيكون شاقاً التوصل إلى تسوية سياسية أفغانية. فهل ستقبل طالبان، التي تزعم أنها لا تسعى للسيطرة على السلطة، بديمقراطية انتخابية؟. وإذا رفضت، كيف سيتحقق شمول سياسي؟. وهل ستصر حركة طالبان على أن يكون لها قائد تطلق عليه اسم "أمير المؤمنين". وماذا سيكون دوره؟ ولم تشر الحركة قط لتصور بشأن تحولها إلى حزب سياسي، وإذا لم تكن كذلك، ما هو دورها في أفغانستان تنعم بسلام؟

وحسب الكاتب، إذا تواصلت عملية التفاوض، إما أن تخفف تحركات أمريكية قادمة من خطر حرب أوسع مع صعوبة التوصل إلى تسوية سلمية، أو أن تزيد الوضع سوءاً على سواء.