إخوان داخل قفص الاتهام في إحدى المحاكم المصرية (أرشيف)
إخوان داخل قفص الاتهام في إحدى المحاكم المصرية (أرشيف)
الأربعاء 21 أغسطس 2019 / 01:04

24 يكشف أبعاد "مبادرة الدية" الإخوانية الجديدة

24 - القاهرة - عمرو النقيب

طرح شباب الإخوان داخل السجون مبادرة للتصالح مع النظام المصري، والحصول على العفو الرئاسي، والتغاضي عن الأحكام القضائية، مقابل دفع "الدية"، تحت مسمى "تبرع" أو "دعم"، لصندوق تحيا مصر.

وأشار شباب الإخوان في مبادرتهم المسربة عبر وسطاء من السجون المصرية، إلى أن "مبادرة الدية"، بعيدة تمام عن القيادة الهرمية للتنظيم، أو قيادات، وأنه لا دخل لهم من قريب أو بعيد في هذا الطرح الذي يهدف لإنهاء أزمة سجن الإخوان في مصر، من وجهة نظرهم.

لكن "مبادرة الدية" والوثائق المسربة والتي انفرد 24 بنشرها تكشف عددا من الأبعاد لوضع القواعد التنظيمية للإخوان داخل السجون اليوم. 

ويمكن تعداد الدلالات والأبعاد، وإحصاؤها لتكون أولاً: أن الجماعة تمر بتفكك تنظيمي فعلي داخل السجون.

ثانياً: قيادات الإخوان، تأكدت أنه ليس لديها ثقل أوقدرة للتأثير على النظام المصري الحالي، أو الدخول معه في مفاوضات نهائياً.

ثالثاً: قيادات الإخوان أدركت أن أي حل للأزمة الحالية سيكون فردياً وليس تنظيمياً، وأن يكون بعيداً عن الهرم القيادي والتنظيمي، وهو ما أكدته بنود "مبادرة الدية"، التي شددت على أنه طرح فردي.

رابعاً: شباب الإخوان فقدوا الثقة في القيادات، في ظل انتشار تمرد تنظيمي كشفته الوثائق الأخيرة المتبادلة بين الشباب والقيادات، التي طالبتهم بالتراجع لاتاحة فرصة التفاوض مع النظام.

خامساً: المبادرات المطروحة وفي مقدمتها "مبادرة الدية" نوع من الانتهازية والمقايضة السياسية،  للخروج من السجون، دون دفع ثمن الجرائم، والعنف الإخواني، ولم يطرحوا أو يقدموا أي "مراجعات فكرية" تنتقد فكرة وأدبيات الجماعة على مدار تاريخها، ما يعني أنها مجرد "تقية سياسية".

سادساً: شباب الإخوان وقياداتهم لم يجرؤوا على طرح مبادرة "المراجعات الفكرية"، ولا يملكون القدرة على نقد أفكار وأدبيات حسن البنا، وسيد قطب، ومنير الغضبان، وعبد الكريم زيدان، وغيرهم من مرجعيات التنظيم، لأنهم يرون أن الجماعة اخطأت في التنفيذ والتطبيق سياسياً وتنظيمياً في إطار ظروف دولية معينة، وفي مرحلة زمنية محددة، وأن مشروع حسن البنا،  لايزال جزءاً مهماً من حياتهم فكرياً وسلوكياً.

سابعاً: بعض عناصر الإخوان أعلنوا انشقاقهم فعلياً في السجون، لكن غالبيتهم لا يملك القدرة المنهجية والفكرية على نقد أو مراجعة أدبيات مشروع حسن البنا، وسيدقطب، خاصةً أن تكوين بعضهم حركي تنظيمي فقط، وبعضهم لم يقرأ بوضوح أفكار البنا وسيد قطب من الأساس، لكنهم هيئوا وفقا للتلقين الفكري والسلوكي، والانصياع لمبدأ الولاء والبراء لـ"الفئة المؤمنة" من وجهة نظرهم، ويستثنى من ذلك مجموعة "إخوان الفيوم" التي يزعمها عمرو عبد الحافظ، التي قدمت طرحاً لم ير النور حتى الآن لأخطاء الممارسة السياسية للإخوان منذ 2011.

ثامناً: قيادات الإخوان تأكدت أن النظام السياسي المصري، يتعامل معها رسمياً وفقا لأحكام القضاء، بعيداً وليس تياراً فكرياً أو كياناً تنظيمياً له اتباع، وأنه لن يحيد عن ذلك .

تاسعاً: غالبية العناصر الإخوانية المتورطة في تنظيم المظاهرات أو الاشتراك فيها حصلت على أحكام قضائية مخففة تتراوح بين 3 و 5 أعوام، وبعضهم فعلياً قضى مدته، والبعض  خرج بعد قضاء 4/3 المدة ، والبعض الآخر حصل على عفو رئاسي، خاصة العناصر غير المحسوبة على التنظيم.

عاشراً: المجموعة التي طرحت "مبادرة الدية"، متورطة في عنف مسلح، وصدرت ضدها أحكام في عدة قضايا تتراوح بين 20 و70 عاما مجمعة ، ما يعني أنهم سيقضون بقية حياتهم داخل السجون في ظل انهيار أسطورة الجماعة والتنظيم، وشعورهم بالعجز، وبأن دوائر صنع القرار الدولي لن تجبر النظام المصري على الإفراج المباشر عن الإخوان، مثلما أقنعتهم قياداتهم.

الحادي عشر: الأجهزة الأمنية المصرية، تتعامل مع ملف سجناء الإخوان وفق معايير محددة وتتخذ قرارات هادئة لحل الأزمة بعيداً عن الضجة الإعلامية، والضجيج، إذ قسمت سجناء الإخوان لعدة دوائر وفقاً لدرجة الانتماء التنظيمي، فوضعت القيادات في مكان، بعيداً عن العناصر التنظيمية الأخرى، وفصلت المتعاطفين مع الجماعة وغير المحسوبين على التيار الفكري والتنظيمي، أو المغرر بها، بهدف توصيفهم ومراقبتهم تدريجيا، ووضعهم على قوائم العفو الرئاسي، وهو ما يتم حرفياً.

الثاني عشر: كل المؤشرات تؤكد تعامل الدولة المصرية بنوع من الفردية مع سجناء الإخوان، واضعة في حساباتها ، تفكيك "مركزية الجماعة"، وفصل القواعد عن رأس التنظيم، والقضاء على مستقبل التنظيم ووجوده نهائياً، وتحويل قضية "المراجعات الفكرية"، إلى قرار شخصي وليس توجهاً تنظيمياً في إطار التفاوض السياسي، الأمر الذي أزعج قياداة الجماعة في ظل التمرد الشبابي الواضح عليها.

الثالث عشر: الدولة المصرية لن تسمح بأي ضغوط عليها سواء داخلياً أو خارجياً للإفراج عن الإخوان  في ظل تورطهم في عنف ممنهج، و اشتراك بعضهم في جمع المعلومات، أو تجهيز، أو إيواء عناصر الجناح الإخواني المسلح، وحصولهم على أحكام قضائية نهائية.

الرابع عشر: الرسائل الأخيرة المتبادبة بين شباب الإخوان وقياداتهم داخل السجون والتي سُربت أخيراً، كشفت سعي القيادات لاستغلال الأمر لتمرير "المصالحة" وايجاد حاضنة شعبية للفكرة، وإيصال اطباع للرأي العام، بأن الأوضاع داخل السجون متوترة، وأن الدولة عاجزة عن احتواء المشهد.

الخامس عشر: فكرة "الدية"، ليست جديدة وموجودة منذ حسن البنا الذي طرحها بعد اغتيال النقراشي باشا رئيس وزراء مصر في 1948، ما يعني أن قيادات الإخوان هي صاحبة الطرح والدعم المالي أيضاً، بهدف تصدر المشهد داخل السجون، وتحمل تكلفة اخطائهم أمام الشباب، على أن تُمول بشكل مباشر من استثمارات خيرت الشاطر، وحسن مالك في خارج مصر.