الإثنين 2 سبتمبر 2019 / 13:08

أمريكا في سوريا...عقبة أمام طموحات إيران وروسيا وتركيا

بات شرق سوريا عند منعطف في ما يتعلق بقرارات سياسية هامة تتخذ في واشنطن. وتقع المنطقة وسط أزمة متصاعدة في العلاقات الأمريكية التركية، فيما يعرقل الوجود الأمريكي هناك المكاسب الإيرانية والروسية في سوريا.

شرق سوريا يقع عند منفذ أو مخرج النفوذ الأمريكي من المنطقة

ويرى سيث فرانتزمان، الكاتب بموقع "ميديل إيست فورم"، ومؤسس مركز الشرق الأوسط للتحرير والتحليلات، أن شرق سوريا يشكل نقطة أساسية في استمرار هزيمة داعش. ولذلك يفترض أن ترى واشنطن في شرق سوريا أحد أهم المحاور الاستراتيجية التي برزت بعد نصف قرن من الصراع في الشرق الأوسط.

عقدة مستعصية
وكما كتب فرانتزمان، في موقع "ديلي بيست"، أصبحت منطقة شمال شرق سوريا، أين تلعب الولايات المتحدة اليوم دوراً أساسياً، بمثابة عقدة مستعصية. وفيما لخصوم أمريكا، مثل روسيا وإيران، أهداف واضحة في سوريا، خاصةً دعم الحكومة السورية، وترسيخ نفوذهما، يبدو أن هدف السياسة الأمريكية أقل وضوحاً.

ومن جانب آخر، هددت تركيا أخيراً، وهي الحليف التاريخي لأمريكا، بإطلاق عملية عسكرية في شرق سوريا ضد شركاء أساسيين للولايات المتحدة ساعدوا في هزيمة داعش، ما يضع واشنطن في موقف صعب، فإما أن تغادر شرق سوريا وتضيع خمسة أعوام من محاربة داعش، أو تواصل إثارة أزمة مع تركيا.

واختارت الولايات المتحدة حلاً مؤقتاً، قائلة لأنقرة إنها ستعمل على إنشاء" منطقة آمنة" على طول الحدود السورية التركية.

أربعة محاور
ويرى الكاتب أن الولايات المتحدة وجدت نفسها، إما جزئياً بالصدفة، أو بسبب طول مهمتها، عند أربعة أهم محاور للسياسة الخارجية التي تربط الشرق الأوسط بالعالم، وهي استراتيجية إيران في المنطقة، وخطط روسيا، وأّهداف تركيا، واحتواء داعش. وتأتي أهمية ذلك المثلث البري لارتباطه بعدة أجندات، علاوة على قابليته للاشتعال.

ولم يكن ذلك حال المنطقة في السابق. فقد كان شمال شرق سوريا منطقة فقيرة منسية معظم سنوات القرن العشرين.

وفي بداية الصراع السوري، عمقت إدارة أوباما مشاركتها فيه بدعم متمردين ضد الأسد، ولكنها حولت أنظارها بعد 2015 لمحاربة داعش. وتشكل تحالف من 75 دولة لمحاربة التنظيم في العراق، مع دعم محدود لعمليات ضد داعش في سوريا.

حرب مفتوحة
وكانت تلك الحرب مفتوحة، حسب كاتب المقال، لإلحاق الهزيمة بداعش، وتحولت لدعم قوات سوريا الديمقراطية، قسد شريكاً أساسياً في محاربة داعش على الأرض. لكن الرئيس الأمريكي ترامب قرر في ديسمبر( كانون الأول) 2018 الانسحاب من سوريا، من ثم ارتأى التمهل. وفقد داعش آخر أكبر معاقله في مارس (آذار) الماضي، ولكن آلافاً من فلوله شكلوا خلايا نائمة.

وفي خريف 2018، برزت سياسة أمريكية ثانية في سوريا. ورغم توقف إدارة ترامب عن دعمها لمتمردين سوريين، قال مستشار الأمن القومي جون بولتون إن الولايات المتحدة ستبقى في سوريا حتى رحيل إيران.

ويدرك مسؤولون أن السيطرة على منطقة واسعة من سوريا، بما فيها قاعدة التنف العسكرية القريبة من الحدود الأردنية، تفرض ضغطاً على دعم إيران للنظام السوري، وترسيخ وجودها في سوريا. ويعيق الوجود الأمريكي أنشطة الحرس الثوري الإيراني، ويمنعه من توسيع عملياته عبر العراق وسوريا. وهذا بدوره يمثل هاجساً لإسرائيل التي نفذت أكثر من 1000 غارة جوية ضد أهداف في سوريا لعرقلة الدعم الإيراني لحزب الله.

نظرة قاتمة

من جهة أخرى، يشير كاتب المقال إلى انتقاد تركيا للدور الأمريكي في سوريا، متهمة واشنطن بتدريب إرهابيين مرتبطين بحزب العمال الكردستاني، وتوفير "معبر إرهابي" يهدد أنقره. وسعت واشنطن لتهدئة غضب أنقره، وأعلنت في 2018، مكافأة لمن يُدلي بمعلومات عن مكان ثلاثة من قادة العمال الكردستاني، والموافقة على العمل مع تركيا لإقامة منطقة آمنة على طول الحدود السورية.

ولكن التوترات مع تركيا يعود إلى مشاكل أخرى أكبر، مثل شراء أنقرة منظومة الصواريخ الدفاعية الروسية S-400.

وتبرز بعض تلك الخصومات بسبب نظرة تركيا القاتمة للسياسة الأمريكية في شرق سوريا.

ويختم الكاتب رأيه بالقول إن شرق سوريا يقع عند منفذ أو مخرج النفوذ الأمريكي من المنطقة.