رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون (أرشيف)
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون (أرشيف)
الأربعاء 4 سبتمبر 2019 / 20:26

معركة 10 داونينغ ستريت

اتهم البرلمانيون رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، بالتعدي الصارخ على ديمقراتيتهم العريقة، ووصفوه بالديكتاتور، لكنهم أغفلوا الملكة إليزابيث الثانية التي وافقتْ على تعليق البرلمان، وقالوا إن الملكة لا تتدخل في السياسة، مع أن خطوة تعليق البرلمان البريطاني، كانت مرهونة بدعم الملكة.

على أرض الواقع، تنخفض دائماً، طموحات المحافظين المتمردين إلى تأجيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بضعة أشهر، تحقيقاً للمثل السائر: تمخض الجبل فولد فأراً

يخاف البريطانيون من ذكرى تاريخ الحرب الأهلية بين البرلمانيين والملكيين في القرن السابع عشر، والتي انتهتْ بإعدام تشارلز الأول، وفوز البرلمانيين.

التحدي الأكبر للمتمردين المحافظين، هو الوقت. عاد البرلمان إلى العمل في 3 سبتمبر (أيلول) 2019، ويُجبر بذلٍ، على الإغلاق في 9 سبتمبر(أيلول) 2019. أسبوع فقط أمامه، لتشريع قانون يمنع خروج المملكة المتحدة، خروجاً فوضوياً، من الاتحاد الأوروبي. البرلمان البريطاني أهدر ثلاث سنوات من الوقت، منذ 2016 إلى 2019، في اللا فعل، والجمود، وعدم اليقين، لكنه يأمل في سبعة أيام فقط، بأن يجد شيئاً مُنقذاً في أضابير الممارسات البرلمانية عبر القرون السابقة.

يعود البرلمان بعد خمسة أسابيع، في 14 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، مع خطاب للملكة، تُغرق به البرلمان في أولويات، وخطط عمل، وبروتوكولات، ليس من بينها قضية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وهكذا يُصبح البرلمان على موعد مع الخروج النووي من الاتحاد الأوروبي، في 31 أكتوبر 2019.

تسبيقاً وإحباطاً للبرلمانيين المتمردين، قال مايكل جوف مستشار دوقية لانكستر في حكومة بوريس جونسون: من الممكن أن يتجاهل رئيس الوزراء قانوناً يمنع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أيضاً يستطيع بوريس جونسون، في حالة تمرير قانون البرلمانيين المتمردين، مُطالبة الملكة بعدم منح القانون صك المُوافقة الملكية.

كما أشار مايكل جوف إلى إمكانية عقاب المحافظين الذين يقومون في الخفاء، بتعيين متمردين ضد الحكومة. ربما كانت إشارة مايكل جوف إلى وزير الخزانة ساجد جاويد الذي قام بتعيين سونيا خان مستشارة إعلامية له.

الرجل القوي، في حكومة بوريس جونسون، مُساعده، ومُستشاره، دومينيك كامينغز الذي يستدعي الرهبة في عالم السياسة، كما كان الشاعر الأمريكي إدوارد إستالين كامينغز، يستدعي الرهبة في علم الشعر، بسبب تركيباته اللغوية غير النحوية. دومينيك كامينغز ضبط المستشارة الإعلامية سونيا خان التي قامت بتسريب تقرير حكومي لفيليب هاموند، وزير المالية في حكومة تيريزا ماي السابقة، وهو من المتمردين ضد البركسيت.
  
خرجتْ سونيا خان من 10 داوننغ ستريت، تحت حراسة ضابط أمن، يحمل السلاح، بعد أن سلًّمَتْ بشكل مهين، هاتف عملها، وهاتفها الخاص. إجراء طرد سونيا خان، تجاوز وزير الخزانة ساجد جاويد الذي يزداد عزلة وضعفاً في حكومة بوريس جونسون.

دافع ساجد جاويد عن إلغاء خطاب له، حول الاقتصاد بشكل مُفاجئ، بسبب الإعلان عن خطاب الملكة في 14 أكتوبر (تشرين الأول) 2019. وقال كل مَنْ يتحدث عن أنني لا أمارس سلطتي كاملة، كوزير للخزانة، هم من خصوم الحكومة.

وفي نفس السياق رفض ساجد جاويد التعليق على طرد مستشارته الإعلامية سونيا خان دون أخذ رأيه، ربما خوفاً من دومينيك كامينغز، وقال إن علاقته برئيس الوزراء بوريس جونسون، رائعة. شككت التايمز في استقلال ساجد جاويد كوزير للخزانة، عندما تدخل بوريس جونسون، لزيادة ميزانية الإنفاق الدفاعي من 800 مليون جنيه إسترليني إلى 1.6 مليار جنيه إسترليني.

هدد بوريس جونسون بتفجير أغلبيته البرلمانية، وسحب امتياز السوط من النواب المحافظين المتمردين، وحرمانهم من الترشح في الانتخابات إلا كمستقلين، وهو تهديد شديد اللهجة، يعني الذهاب إلى إجراء انتخابات عامة مبكرة.

كما قال جونسون إن الوقوف ضد خروج بريطانيا، يعني الوقوف مع جيريمي كوربين، زعيم حزب العمال، إمّا أنا، أو كوربين. يعرف جونسون أن المحافظين لا يتصورون جيريمي كوربين الماركسي، رئيساً للوزراء، حتى لو كان كوربين طوق النجاة الوحيد، وهو ليس كذلك بالمناسبة.

بموجب قانون الانتخابات، يحتاج بوريس جونسون إلى موافقة ثلثي عدد البرلمان، 434 صوتاً، للذهاب إلى انتخابات مبكرة. تعقيدات القوانين لا تنتهي في معركة جونسون والمحافظين المتمردين، وكل خطوة مشروطة بخطوة سابقة. قال نايجل فرج، وهو من زعماء البريكسيت: إن الطريق الوحيد، لخروج نظيف، من الاتحاد الأوروبي، هو إجراء انتخابات عامة.

في بيان لبوريس جونسون أمام 10 داونينغ ستريت، قال إنه عازم على المضي قدماً لتنفيذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر(تشرين الأول) 2019، باتفاق، أو بدون اتفاق. ولن يطلب من بروكسل المزيد من التأجيل. على أرض الواقع، تنخفض دائماً، طموحات المحافظين المتمردين إلى تأجيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بضعة أشهر، تحقيقاً للمثل السائر: تمخض الجبل فولد فأراً.