(أرشيف)
(أرشيف)
الثلاثاء 1 أكتوبر 2019 / 19:28

علمُ مصرَ الذي أشرق في العُلا

لهذا تعرفُ دولةُ الإمارات العربية المتحضرة، قيمةَ مصر وحجمها فلا تدخّر جهدًا لدعمها، معنويًا وماديًّا وأدبيًّا وفكريًّا في جميع لحظات العُسر واليُسر

فقط المتحضرون في العالم يعرفون قيمةَ مصر ويدعمون وجودَها واستقرارَها؛ إن لم يكن بالعمل والفعل، فبالرجاء والدعم المعنوي. فقط المثقفون في هذا العالم يدركون مكانة مصر وثِقَلَها التاريخيّ؛ فيقدمون لها يدَ العون والسند لتخرج من كبوتها وتنتصر في معركتها الشرسة ضد الإرهاب الأسود؛ حتى تجتاز تحدياتها الصعبة في رحلة النهوض والإنماء. فقط العارفون بتاريخ هذا الكوكب يعرفون قدر مصرَ وريادتها للعالم في غبش الأزمنة، فيرفضون انكسارَها لأن في انكسارِها خللاً تاريخيًّا وشرخًا هائلاً في جدار العروبة. لهذا قرَّر "برجُ خليفة"، أعلى ناطحة سحاب فوق هذا الكوكب، أن يتزيّن يوم الجمعة الماضية بعلم مصر الجميل على مدار اليوم، في رسالة أدبية فنيّة هادئة وأنيقة تقول: “ستظلُّ مصرُ صامدةً وعاليةً وشاهقة، رغم أنف الحاقدين".

المتحضرون يعرفون قيمة المتحضرين. قاعدة ثابتة لا تتغيّر. لهذا تعرفُ دولةُ الإمارات العربية المتحضرة، قيمةَ مصر وحجمها فلا تدخّر جهدًا لدعمها، معنويًا وماديًّا وأدبيًّا وفكريًّا في جميع لحظات العُسر واليُسر. في لحظة عُسرٍ مُرّة وموجعة مثل احتراق المجمع العلمي بالقاهرة؛ أهدتنا الإماراتُ مخطوطاتٍ نادرةً ولوحاتٍ ووثائقَ لا تُقدّر بثمن، قدّمها الشيخ د. سلطان القاسمي من مكتبته الخاصة، لدعم هذا الصرح الحضاري العريق الذي حفظ فرائد الإرث الإنساني قرابة قرنين ونصف القرن، وأحرقته أصابعُ ملوّثةٌ بالجهالة والنَّزَق لتحرق ذاكرة مصر وذاكرة التاريخ العالمي. وفي لحظة حشدٍ شعبي مصري مثل الجُمعة الماضية، أضاءت الإماراتُ "برجَ خليفة" الشاهق بألوان علم مصر، كأنما تقول للعالم: “ها هي مصرُ فوق قمة الذُّرى يراها كلُّ إنسان في العالم، ويشهدُ على ثباتها في وجه المحن".

وعصيٌّ على الحصر والتذكّر مئات المواقف النبيلة التي قدّمت فيها الإماراتُ الحبَّ والاحترام لشقيقتها مصر. وتلك وصيةُ طيب الذكر الزعيم العربي الخالد الشيخ زايد بن نهيان الذي أوصى أبناءه وأبناء أشقائه وأبناء شعبه بأن يظلّوا على رباط المحبة مع مصر وأن يستمسكوا بالعروة الوثقى التي تربطُ بين قلوب الشعب المصري والشعب الإماراتي منذ عقود طوال. فظلّت وتظلُّ وسوف تظلُّ محبةُ الشعبين في خبيئة الزمان، داخل عُروةِ الشجر الذي لا تسقطُ أوراقُه في شتاء ولا خريف. تقفُ الإماراتُ الراقيةُ ظهيرًا لمصرَ ضد صغارٍ نسيوا ما قدّمته مصرُ لهم حتى ينهضوا ويكبروا ويصيروا دولاً على الخريطة. تقفُ معها في وجه الهمجية والإرهارب ووأد الإنسانية والتحضر. تقف إلى جوارها ضد من يحلمون بهدم كلّ جميل في هذا العالم. ومَن يأتي على مصرَ لا يجعلُ اللهُ له مخرجًا، هو القائلُ في قرآنه: “ادخلوا مصرَ إن شاءَ اللهُ آمنين.” صدق اللهُ العظيم. وهو القائلُ في إنجيله: “مباركٌ شعبي مصرُ".

كانت الجمعةُ الماضية يومًا مصريًّا شعبيًّا استثنائيًّا، خرج فيه المصريون في الصباح من كل صوب لاستقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي في مطار القاهرة عائدًا من رحلته إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي المساء احتشدنا عند المنصّة في طريق الأوتوستراد في حفل شعبي مهيب ضمَّ حشدًا من الأدباء والفنانين والإعلاميين وجميع أطياف الشعب المصري الذي جاء من كل أرجاء مصر ليدعم مصر وجيشها ورئيسها.

قابلتُ عند المنصّة فلاحاً بسيطا مُسنًّا اسمه (سيد هزاع) جاء من بلدة (شبين القناطر ) ليدعم مصر بقصيدة فاتنة بالعامية المصرية، تقول كلماتُها: (أنا العاشق أنا المفتون/ أصبّح عليكي يا مصر/ صباح متحنّي بالنسمة وفرحة شعب/ صباح مكتوب على جبينه/ بادلني يا اخويا حب بحب/ صباح طالع على بلادنا بأنواره/ صباح فاتح لبرهان تاره/ مبيبصش على العتمة/ ولكن جاي يفكرنا/ بناس كانت تكفرنا/ ويوم ما نزلنا نتمرد/ تهدننا بنار قادت في جتتنا/ حلفنا يومه ما يعد/ ولا يكمل سوى عامه/ فراح كاشف عن بومه وغربانه/ ولا سكتنا/ يوم ٣٠ من يونيه خرجناله/ وشهدت الدنيا على الشاشات وفي الطرقات/ وفي الميادين / علم واحد وشعب أصيل يوحّد الواحد/ وكان الريس قائدنا اللي فوضناه/ حلف بالله/ مصر اللي في قلبي وقلوبكم/ راجعالكم/ ورب العرش حاميها/ نعيش فيها ونحميها/ وتحيا مصر.)
ذلك هو نبضُ الشارع المصري الذي لن يقبل أن تُجهِض نهضةَ مصرَ أصابعُ سوداءُ تحاول عرقلة مسيرتنا. شكرًا لكل كريم يحبُّ مصرَ الطيبة. وتحيا مصرُ عاليةً مشرقة.

***