الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والإيراني حسن روحاني.(أرشيف)
الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والإيراني حسن روحاني.(أرشيف)
الأربعاء 2 أكتوبر 2019 / 21:13

ليلة مُنع روحاني من رفع السماعة!

جهة ما خارج نيويورك، لها اليد الطولى في أي تواصل مع أمريكا، هي التي منعت الرئيس الايراني من إكمال ما وافق عليه في المبدأ

كانت واضحة الجهود التي بذلها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإحداث اختراق في الأزمة بين الولايات المتحدة وإيران على هامش أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع الماضي. وقد تجلى ذلك في الديبلوماسية المكوكية التي أجراها في أروقة المبنى الزجاجي وخارجه لدفع الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والإيراني حسن روحاني إلى الجلوس وجهاً لوجه، أو أقله إلى التحدث عبر الهاتف. وهو بدا في ذلك منسجماً مع فكرة ترامب بأن "الديبلوماسية الشخصية" قادرة على إحداث المعجزات.

لكنّ التقارير التي نشرتها الصحف الأمريكية عما حصل ليلة الرابع والعشرين من سبتمبر (أيلول) في نيويورك والتي تشبه قصص الأفلام، تؤكد مرة جديدة أن "المحادثات الشخصية" التي يسعى إليها الرئيس الامريكي مع الجانب الإيراني بحاجة إلى جانبين متكافيئن لم يكونا حاضرين في نيويورك.

عندما أقامت الديبلوماسية الفرنسية خطاً هاتفياً مؤمّناً بين فندق "ميللينيوم" الذي كانت تنزل فيه البعثة الايرانية، وفندق "لوت" حيث كانت تنزل البعثة الأمريكية، استعداداً لمكالمة لم تتم بين ترامب وروحاني، حصل ذلك بعدما استنتج ماكرون من لقاءاته أن اتصالاً صار ممكناً بين الرجلين. والأهم أن تركيب ذلك الخط حصل بموافقة الجانبين، وأن وجود ماكرون في جناح روحاني تلك الليلة لم يحصل إلا بناء على رغبة فرنسية-ايرانية مشتركة.

كل ذلك يؤكد أن روحاني وافق على التحدث إلى الأمريكيين بلا شروط مسبقة، وأن ذهاب الأمور في اتجاه معاكس تلك الليلة ليس إلا دليلاً على أن جهة ما خارج نيويورك، لها اليد الطولى في أي تواصل مع أمريكا، هي التي منعت الرئيس الايراني من إكمال ما وافق عليه في المبدأ. فعند اتصال الرئيس الأمريكي الساعة التاسعة، كما كان مقرراً، أبلغ روحاني الى الرئيس الفرنسي أنه لن يرد على الاتصال.

خلافاً لما يدعونه بأنهم لن يتحدثوا إلى الأمريكيين قبل رفع العقوبات، أعطى الإيرانيون الضوء الأخضر للمكالمة بلا شروط مسبقة، إذ لا أحد يتصور أن يؤخذ قرار كهذا خلال ساعات. وقد أقر روحاني بذلك صراحة اليوم بقوله إن الفشل في إجراء هذه المحادثة الهاتفية مع ترامب "ليس خطأ باريس ولا خطأ طهران"، مضيفاً أن "الذي أخطأ هو البيت الابيض".

وصارت الصورة أكثر وضوحاً بعد قول المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي أمام حشد من قيادات الحرس الثوري اليوم إن المسؤولين الأمريكيين كانوا يريدون إرغام روحاني على لقاء ترامب "ليرمز إلى استسلام إيران"، وكأنه يقول أنه هو الذي أنقذ الرئيس من "فخ" مزعوم نصب له.

ليس التبجح برفض روحاني الرد على اتصال ترامب واقعياً، وإنما هو تحريف لحقيقة أن روحاني لم يكن مطلق اليدين في نيويورك، وأنها فعلاً كانت ليلة منع روحاني من رفع السماعة!.