في مقر اللجنة الوطنية للانتخابات بالإمارات.(أرشيف)
في مقر اللجنة الوطنية للانتخابات بالإمارات.(أرشيف)
الأحد 6 أكتوبر 2019 / 20:26

النظرية البرلمانية

الشعب الذي أرسل رائده يرتاد الفضاء، كان في الوقت نفسه يتوافد إلى صناديق الانتخاب لممارسة حقه والمشاركة في بناء وطنه

لم تعد تجربة، إنها نظرية. الوصف والتوصيف السابقين للعمل البرلماني الإماراتي. وهو إن كان مبالغاً فيه، إلا أني أراه توصيفاً منصفاً مقارنة بواقع نعيشه ونحياه. فبالأمس كان الناخبون يختارون مرشحيهم. وقبلها كان المرشحون يقدمون برنامجهم. وبين العرض والتصويت ظهرت معالم ما يسميه البعض تجربة. وأسميه نظرية.

ثمة دول شقيقة وجارة تعاني الأمرين من العمل البرلماني. كانت تفاخر بأسبقيتها وتعلن ريادتها، لكنها اليوم تشكو التعثر، وسوء التطبيق، وعرقلة المشاريع، وتدخل الأجندات الحزبية، وسيطرة التكتلات القبلية، وبيع الذمم المالية، وخروج عن النص المجتمعي، وخروج عن عرف الحوار الصحي.

ثمة دول أخرى تنظر إلى الإمارات بعين المترصد، فتبحث عن الزلة، وتتصيد في النظام الأساسي للانتخابات، وتنتقل إلى قوائم الناخبين، ثم تفتش في برامج المرشحين، وبعد هذا كله يرتد إليها البصر خاسئاً وهو حسير.

لست أدعي لتجربة العمل البرلماني الإماراتي كمالاً بل اكتمالاً، ولا ازدهاراً بل إبهاراً. فالشعب الذي أرسل رائده يرتاد الفضاء، كان في الوقت نفسه يتوافد إلى صناديق الانتخاب لممارسة حقه والمشاركة في بناء وطنه. بعض الناخبين والمرشحين قال في خطابه إنه يشارك لإثراء التجربة، وما درى أن الأمر خرج من إطار التجريب والتدريب إلى إطار النظرية والإلهام.

أعضاء الهيئات الانتخابية الذين وضعوا أصواتهم في الصناديق، وضعوا قبل ذلك ثقتهم في النظام البرلماني الإماراتي الذي اتسم بالتدرج المدروس، والأسس العلمية، والقوانين المنظمة، والالتزام التام. وضعوا ثقتهم في القيادة ورؤيتها التي تستلهم الواقع وتقرأ المستقبل.

أعلنت النتائج بعد مدى زمني قصير من إغلاق باب التصويت. وكانت الممارسات أرقى وأنبل. من خسر فاز بحب الوطن وشرف المحاولة، ومن فاز تحمل المسؤولية وأقسم مبادراً طائعاً راغباً على قسم الولاء للوطن والقيادة. فالمسؤولية ملقاة عليه أن يبذل للوطن والمواطن، للقيادة والقاعدة. ويترك أثراً هادياً للأجيال.

هذه هي الإمارات التي تلهم وتعلم، تنتصر للقيم التقدمية، وترفع مشعل التنوير. كل رهان غير رهان الوطن خاسر، وكل تجمع تحت راية سوى راية الوطن فرقة وشتات. ومن كان عاقلاً فليختار. فالوطن قرار، وأجمل اختيار.