شبان يتابعون خطاباً للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في الضاحية الجنوبية لبيروت.(أرشيف)
شبان يتابعون خطاباً للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في الضاحية الجنوبية لبيروت.(أرشيف)
الإثنين 7 أكتوبر 2019 / 19:37

في وقت واحد

ما جرى يدل على اللخبطة التي يعيش فيها لبنان بعد أن بدأ يعاني مشكلته الاقتصادية والسياسية ايضاً

في وقت واحد تقريباً كان اقتحام المسيرات الاسرائيلية للضاحية الجنوبية وخطاب السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله الذي يبدو انتصارياً ومهدداً، واستقالة نواف الموسوي نائب حزب الله من النيابة بعد أن تصدى بقوة لصهره الذي يلاحق طليقته أي بنت النائب، واستدعاء بشارة شربل للمثول أمام شرطة الجنايات لأن جريدته «نداء الوطن» نشرت في أحد مانشيتاتها عبارة «جمهورية خامنئي» في إشارة الى الحكم اللبناني.

كل هذه إذاً اجتمعت مع كلام رئيس الجمهورية ورئيس حزب رئيس الجمهورية المبجل للمقاومة، وهي جناح حزب الله العسكري، وبالقياس الى ذلك بدا ما جرى في السفارة اللبنانية غريباً وصادماً، فهذه السفارة دخل الى حفلها عامر الياس الفاخوري الغائب عن لبنان منذ الانسحاب الإسرائيلي في الثمانينات، وهو الذي كان مديراً لسجن الخيام الإسرائيلي ويتحمل بطبيعة الحال مسؤولية ما كان يجري في سجن الخيام وبعضه اعتداءات وحشية.

مضى على ذلك عشرون سنة وهي "كما فهم البعض" تُسقط التهم عنه وتجعله بريئاً منها. أما الأعجب من ذلك فهو دخوله الى السفارة مصحوباً بعميد في الجيش والتقاط صور له مع قائد الجيش اللواء جوزيف عون الذي هو بداهة أحد المرشحين لرئاسة الجمهورية، فيكون بذلك الجنرال الخامس الذي يصل الى رئاسة الجمهورية، وحظه في أن يصل وافر، ومنافسوه الذين يستشعرون ذلك يعرفونه جيداً. أما خاتمة هذه الغرائب فكانت صورة للعميل مع قائد الجيش ومع مدير المخابرات والعميد الذي صَحِبه الى السفارة. هذه بالطبع اعجوبة في الزمن الحالي الذي تشكل فيه المقاومة ركناً في المعادلة اللبنانية.

أصدرت قيادة الجيش بياناً مفاده أن قائد الجيش لا يعرف من هو عامر الفاخوري، أما صورته معه فهي الدليل على ذلك. فالتصور مع قائد الجيش في حقل تقليد شائع ولو كان الجنرال عون يعرف عامر الفاخوري لأبى أن يتصوّر معه أما صحبة العميد يوسف يونس للعميل فهي بسبب قرابة بينهما.

ليس لبنان جمهورية الخامنئي، مع ذلك دعي مدير جريدة "نداء الوطن" إلى التحقيق في نفس الوقت الذي كانت فيه صورة الجنرال عون مع عامر تتسرب وتنتشر، أما حجة عامر الفاخوري فهي أن الوقت الذي يتجاوز 20 عاماً يحله من كل التهم ويتيح له أن يعود مواطناً عادياً له حقوق المواطنين العاديين، أما قصة هذه البراءة فتعود إلى المادة 303 والتي كان الجيش يعتمدها قد تخلى عنها، ثم أن عدداً لابأس به من المتعاونين مع إسرائيل قد شملهم العفو وسقطت عنهم التهم بمعايير وأنظمة ارتأى القضاء وارتأت الجهات السياسية اللبنانية انها تعفيهم من هذه التهم.

أياً كان الأمر فإن ما جرى يدل على اللخبطة التي يعيش فيها لبنان بعد أن بدأ يعاني مشكلته الاقتصادية والسياسية ايضاً، ظهور عامر الفاخوري في السفارة على النحو الذي تم . هذا الظهور هو ما يتسرب من الماضي القريب، وهو ماضي الحرب الأهلية وتبعاتها واثارها. ذلك الماضي الذي يستمر في نخر الحاضر اذ لا ننسى أن إسرائيل طرف بارز في الحرب الأهلية، كما لا ننسى أن متعاوناً بارزاً قد وصل ذلك الحين الى منصه الرئاسة، وأن المصالحة كما فهمتها أحزاب وفهمها، أفراد صاروا في السلطة تقتضي درجة من التغاضي إذ لا ننسى أن عدداً من حكامنا اليوم قد تعاون ولا يزال الى الآن يغص بكلمة "العدو".