رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد (أرشيف)
رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد (أرشيف)
الجمعة 11 أكتوبر 2019 / 16:18

آبي أحمد.. من محارب قديم إلى حمامة سلام

24 - إعداد: شيماء بهلول

أسندت الأكاديمية السويدية اليوم الجمعة، أكبر وأهم الجوائز في العالم، جائزة نوبل للسلام 2019، إلى رئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد، تقديراً للجهود التي بذلها من أجل إقرار السلام والتعاون، في بلاده، ومع الجارة أريتريا، وفي منطقة القرن الأفريقي، وشرق أفريقيا بشكل عام، وفق ما جاء في بيان الأكاديمية.

والواقع أن السياسي الأثيوبي، الذي استقطب الأنظار منذ توليه مهامه، بعد نجاحه في وضع حد لعقود من العداء المتبادل بين أثيوبيا وجيرانها خاصةً أريتريا، وتهدئة التوترات الطائفية والعرقية الخطيرة التي كانت تعصف بأثيوبيا نفسها.

ونجح أبي خاصةً باحتلاله منصب رئيس الوزراء، في مصالحة أكبر مجموعة عرقية أثيوبية، "الأورومو" مع النسيج الاجتماعي والسياسي في البلاد، والنجاح في التداول على السلطة بين أكبر مجموعتين عرقيتين هما الأورومو، والتيغراي، الذين احتكروا السلطة طيلة عقود.



مصالحة تاريخية
وفور توليه السلطة، سارع الرجل إلى تحسين علاقة بلاده بجيرانها وحل الخلافات المتراكمة، خاصةً مع الجارة أريتريا المقاطعة المتمردة السابقة، والدولة التي انفصلت عن أثيوبيا ودخلت معها في حروب ونزاعات حدودية، فأدى زيارة تاريخية إلى أسمرا، لإطلاق مصالحة مع أريتريا، إلى جانب الانفتاح على الدول المجاورة الأخرى، أو الصديقة مثل الإمارات والسعودية.

وأعلنت أثيوبيا وإريتريا انتهاء الحرب بينهما وبدء مرحلة السلام، ووقّع أبي أحمد، والرئيس الإريتري أسياس أفورقي "إعلان سلام وصداقة" مشترك في العاصمة أسمرا، في يوليو(تموز) 2018، بدعم ودفع من الإمارات التي احتضنت قمة ثلاثية بين إريتريا وإثيوبيا، ودفعت جهود البلدين للمصالحة وإرساء التقارب بينهما، وأشرف الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة شخصياً عليها، فاستقبل زعيمي البلدين، وقلدهما وسام "زايد" تقديراً لجهودهما في إطلاق مسيرة السلام بين بلديهما.



تصالح مع مصر
وفي مصر، نجح أبي أحمد في التصالح مع القاهرة، رغم مشكلة سد النهضة، وفي أول زيارة إلى القاهرة، أرسى معالم علاقة جديدة مع مصر وقيادتها، ونجح في استصدار عفو رئاسي من الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن 30 مسجوناً أثيوبياً في مصرن عادوا معه على متن طائرته إلى أديس أبابا.



نهاية النزاعات
وفي السودان، نجح أبي في وضع حد للتوتر مع النظام السابق، قبل أن يلعب دوراً محورياً في الأزمة التي أعقبت سقوط نظام البشير، وتوجت باتفاق المجلس العسكري، والمعارضة على وثيقة دستورية، وعلى مجلس سيادي، وتشكيل حكومة جديدة، وإطلاق المجال لعودة السودان، إلى المجتمع الدولي إيذانا بتعافيه.

وفي بلاده عمل أبيي أحمد، على تركيز المصالحة بين القوميات والشعوب، وتعزيز العمل المؤسساتي ، والتقليص من الحكم المركزي، وإطلاق مسيرة سياسية جديدة، تعتمد على الحريات والديمقراطية، وإلغاء الطوارئ، والتضييق على الحريات الفردية والعامة.



سياسي مخضرم
ولكن الرجل الذي نجح في فترة زمنية قصيرة، في تحقيق هذا الكم من الإصلاحات والإنجازات داخلياً وخارجياً، لم يكن مرشحاً لمثل هذه المكانة الدولية، إذ ولد آبي أحمد في منطقة أغارو بمدينة جيما بإقليم الأورومو، في عائلة فقيرة، ثم التحق بالعمل المسلح كما أغلب شباب جيله، في1990، للعمل على إسقاط النظام، ضمن "الجبهة الديمقراطية لشعب الأورومو".

وبعد سقوط النظام الشيوعي بقيادة منغستو، التحق أبي رسمياً بالجيش الجديد في 1991، ضمن وحدة المخابرات والاتصالات العسكرية، وتدرج فيها إلى رتبة عقيد في 2007، وفي 2010، غادر المخابرات والجيش، للتفرغ للعمل السياسي، وتدرج في مناصب قيادية في حزب الجبهة الديمقراطية لشعب أورومو، ثم عضواً في اللجنة التنفيذية للائتلاف الحاكم بين 2010 و 2012، وبعد مسيرة برلمانية ناجحة، عُين وزيرًا للعلوم والتكنولوجيا في الحكومة الفيدرالية بين 2016 و 2017.

وارتقى الرجل إلى منصب رئيس ائتلاف الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية أبي أحمد، ثم رئيساً للوزراء خلفا لرئيس الوزراء السابق هايلي مريام ديسالين، الذي استقال إثر اندلاع أعمال عنف واحتجاجات مناهضة للحكومة، بسبب نزاعات سياسية وطائفية، لينطلق عهد أبي أحمد بالعمل على إطفاء الحريق قبل أن يتطور، ليكرس نفسه قائداً أثيوبياً من نوع جديد، لم يتورع عن التخلي عن السلاح والقتال، من أجل تحقيق السلام والاستقرار بالحوار والتفاوض، من أديس أبابا إلى نوبل للسلام.