السنع، من التقاليد الإماراتية.(أرشيف)
السنع، من التقاليد الإماراتية.(أرشيف)
الجمعة 11 أكتوبر 2019 / 20:21

خطوة إلى الأمام..خطوة إلى الخلف

هل نحاول من خلال السنع –وبهذا المسمى التقليدي تحديداً- أن نلبي شعور هؤلاء بالنوستالجيا في زمن اتضح استعداده لتخطيهم؟

لقنني "السنع" المفروض بـ"حد الخيزرانة"، ولسعات العقال، إلا أجادل من يكبرني سناً وقدراً، وألا أتعمّد التساؤل والتشكيك في أفعاله وأقواله. فكأي فتاة "مسنّعة"، أرفض أن أنساق خلف الانتقادات الواسعة لمعالي حسين الحمادي، وزير التربية والتعليم في البلاد، على قراره بإدراج مادة "السنع الإماراتي" ضمن المناهج.

ولكني أحسب بأن الصدور تتسع لبعض القراءة الخفيفة ما بين السطور. وهو ما أفرط فيه أحياناً دون قصد مني، فتحملوني.
لا يساور أحد الشك بأن المناهج في الإمارات باتت تُصاغ بنظرة استشرافية جادة، نظرة تتطلع إلى المستقبل، وتؤمن بأن الغد لن يسمح لأي منا بالتقوقع على نفسه، والتمسّك بمنهجية التفكير العتيقة التي طالما غلّبت النقل على العقل.

وأعتقد أن معالي جميلة المهيري، وزيرة الدولة لشؤون التعليم العام، أحسنت في اختصار هذه الرؤية.
لقد قالت معاليها إن "المهارات الأساسية التي يحتاج إليها الطلبة يأتي في مقدمتها تقدير ثقافة الاختلاف والتنوع الإنساني، وأن يدرك الطلبة أن تقدير النفس لا يعني تهميش الآخر، وأن تكون المدارس أكثر أمناً وشمولاً".

بل حتى حينما لجأ معالي حسين الحمادي إلى "تويتر" لطرح فكرة تدريس مادة "السنع الإماراتي" على الجمهور، نجد أن تغريدته قد وصفت المجتمع الإماراتي بأنه "منفتح على الآخر ومتسامح، وهو الشيء الذي نريد من خلال المنظومة التربوية أن نكرسه، ونعمق معانيه، وأهميته في النشء".

هناك من يشعرون بالتهديد الشديد جرّاء هذه الرغبة العارمة في تقبّل الاختلاف والتنوع، أو مد قدم واحدة لما هو خارج الصندوق الضيق.

أتذكّر جيداً حينما تعالت أصواتهم على برامج البث المباشر الإذاعية قبل سنوات معدودة ليعترضوا على وجود "قصة حب" –والعياذ بالله- في كتاب اللغة العربية لإحدى الصفوف الابتدائية، والتي رأوا أن من شأنها إفساد أبنائهم العفيفين.

واستمرت أصواتهم في الارتفاع، حتى اضطربوا في الآونة الأخيرة لرفض الاختلاط بين الجنسين، وأعني هنا بين أطفال لم تسقط أسنانهم اللبنية بعد!

وكل ذلك يدفعني للتساؤل حول الهدف الحقيقي من إدراج مادة "السنع الإماراتي"، لا سيما وأنه قد سبقها مقترح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بإدراج مادة التربية الأخلاقية.

هل الهدف من "السنع" هو طمأنة البعض بأن مجتمع الإمارات لا زال "مجتمعاً محافظاً، ولا يزال على أصالته وتقاليده وقيمه"، كما جاء في نفس التغريدة سالفة الذكر لمعالي حسين الحمادي، والتي أيضاً وصف من خلالها مجتمعنا بالانفتاح والتسامح؟

هل نحاول من خلال السنع –وبهذا المسمى التقليدي تحديداً- أن نلبي شعور هؤلاء بالنوستالجيا في زمن اتضح استعداده لتخطيهم؟ هل نخمد غضبهم من التغييرات بأن نوهمهم بأهمية تعليم صب القهوة باليد اليسرى، ومد الفنجان باليمنى؟
وإذا كانت الإجابة هي نعم، فإلى متى سنستطيع الموازنة بنجاح بين التقدم وبين مجاملة كارهيه؟