الخميس 17 أكتوبر 2019 / 10:40

ترامب توّج بوتين ملكاً جديداً لسوريا

رأى الكاتب الأمريكي جوناثان سباير أن واشنطن غيّرت ميزان القوى في الشرق الأوسط بضربة واحدة، من خلال منحها تركيا الضوء الأخضر لغزو شمال سوريا، معتيراُ أن روسيا هي الرابح الأكبر.

إذا كانت إسرائيل ترغب في مواصلة حربها السرية ضد نقل الأسلحة الإيرانية وبناء البنية التحتية في سوريا، فستكون قادرة على القيام بذلك فقط بإذن روسي

وكان للهجوم التركي الذي ينفذ بالتعاون مع جماعات إسلامية عربية سنية في شمال سوريا، تأثير متوقع وهو التسبب بمطالبة الأكراد، حلفاء واشنطن السابقين، بمساعدة بشار الأسد. وفر حوالي 150 ألف مدني كردي بالفعل من منازلهم هربًا من تقدم الجيش التركي ووكلائه الإسلاميون.

ونشر الأسد قواته في تل تمر ومنبج وطبقة وكوباني، وهي بلدات كانت خاضعة سابقًا لسيطرة القوات الكردية. وبدأت التفاصيل تتسرب من الصفقة المقترحة بين الأكراد والأسد. ويستمر الهجوم التركي لكنه لم يحقق سوى تقدم بسيط. وما زالت الولايات المتحدة تسحب قواتها وتنقلها إلى كردستان العراق.

الحكم الاستراتيجي
ولفت إلى أن فلاديمير بوتين بات الآن الحكم الاستراتيجي الذي لا غنى عنه في سوريا. لا يمكن لأي من القطع المتبقية على رقعة الشطرنج المكسورة أن تتحرك بدون يده.

ويدين نظام الأسد بالبقاء للتدخل الجوي لموسكو في سبتمبر (أيلول) 2015. وأشار الكاتب إلى أن المراسلين يلاحظون الحضانة التي يتمتع بها أفراد الأمن الروسي، وبقاءهم خارج سلطة السلطات المحلية.

واختارت موسكو قادة مهمين داخل قوات الأمن السورية، وفي مقدمهم العقيد سهيل حسن، قائد قوات النمر. وفي ما عدا الأسد، كان العقيد حسن القائد السوري الوحيد المدعو للقاء الرئيس بوتين عندما زار القاعدة الجوية الروسية في حميميم في أواخر عام 2017 للاحتفال بانتصارات هذا العام الدرامية ضد داعش. ولروسيا أيضًا قواتها الخاصة في الجيش العربي السوري، وخاصة في الفيلق الخامس.

اتفاق الأسد-الأكراد

وأفاد داني مكي، المحلل البريطاني - السوري الذي تربطه اتصالات في الحكومة السورية أن تفاصيل اتفاقية الأسد - الأكراد تتضمن بنداً ينص على "إلغاء قوات سوريا الديمقراطية" - القوات الديمقراطية السورية التي يقودها الأكراد – وانضمام القوات الكردية الحالية والجماعات العسكرية إلى الفيلق الخامس الخاضع للسيطرة الروسية.

ورأى سباير أن تركيا ستعتمد أيضًا على روسيا للحفاظ على مشروعها في شمال سوريا. وليس من الواضح ما إذا كانت هناك معرفة روسية سابقة بالعملية التركية. لكن من خلال إطلاقها خروج أمريكا ثم اندفاع الأكراد إلى حضن الأسد، قدمت تركيا هديتين طال انتظارهما لموسكو.

مهمة صعبة
لكن بصفتها الحكم الفعلي، تواجه روسيا الآن مهمة صعبة، إذ يجب أن تقف بحزم ضد مشروع تركي طموح للغاية يمكن أن يؤدي إلى الفوضى وحتى حرب بين الأسد وتركيا شرق نهر الفرات. وفي الوقت نفسه، تهدف موسكو إلى السماح لتركيا بمكاسب كافية لتسريع انحرافها عن منظمة حلف شمال الأطلسي وتجاه الاتّحاد مع روسيا.

إسرائيل وإيران
ويشير سباير أيضاً إل إسرائيل وإيران. فمع مغادرة الأمريكيين (باستثناء الوجود المتبقي في التنف)، ستنتهي أيضًا سيطرة الولايات المتحدة الفعلية على سماء شرق سوريا. وتطالب قوات سوريا الديمقراطية بإنشاء منطقة حظر طيران روسية فوق شرق سوريا لحماية الأكراد من القوات الجوية التركية.

وإذا كانت إسرائيل ترغب في مواصلة حربها السرية ضد نقل الأسلحة الإيرانية وبناء البنية التحتية في سوريا، فستكون قادرة على القيام بذلك فقط بإذن روسي، في ساحة أصبحت فيها يد موسكو الآن أقوى بعكثير. ويتوقع زياراتن مكوكية لموسكو لرئيس الوزراء الإسرائيلي العتيد، أياً كان.

وخلص سباير إلى أن الأسد والأكراد وتركيا وإسرائيل يعتمدون الآن على موافقة موسكو لتعزيز مصالحهم في سوريا. وتحقق ذلك و دون إطلاق رصاصة روسية واحدة. وباتت جميع الطرق المؤدية إلى سوريا تمر الآن عبر موسكو. ولا يمكن لبوتين أن يطلب المزيد.