الأحد 27 أكتوبر 2019 / 14:05

تقرير: تركيا تمارس الإرهاب في سوريا عبر وكلائها

أعد جيريمي أندريه تقريراً في صحيفة "لوبوان" الفرنسية أظهر فيه كيف تجند تركيا المجموعات المتطرفة لخدمة أجنداتها في الشمال السوري. وتطرق بداية إلى مقتل هفرين خلف التي كانت رمزاً حياً للمرأة الكردية وصاحبة ابتسامة هادئة ونظرة لامعة. هي سياسية سورية (34 عاماً) تعرضت للتعذيب والقتل في 12 أكتوبر الحالي على يد جماعة أحرار الشرقية التي تستخدمها تركيا في اجتياحها لشمال شرق سوريا.

إذا كان الأتراك يقدّمون مرتزقتهم تحت عنوان طنان وهو "الجيش الوطني السوري" المقسم وفقاً لفصائل، فإنّ هؤلاء المرتزقة بعيدون من أن يكونوا موحدين

إنّ تقرير تشريح الجثة الصادر عن مستشفى ديريك، المدينة التي أبصرت فيها خلف النور، يسرد الأعمال الوحشية من أعدموها: "جرح رصاصة ب 12 سنتيمتراً و 1.5 سنتيمتراً والبشرة متفحمة حوله، ومن الصدغ الأيمن إلى الفم، كسور في العظام الصدغية، الوجنية والفك السفلي، المنطقة غائرة..." ويمتد الوصف التقني لآثار التعذيب على جسم هذه المدنية على مدى صفحتين.

فرح الإعلام التركي المدمن على البروباغندا بإزالة هذه "الإرهابية". لكنّ صديقها سيرزات حسين أكد أنّ هفرين لم تكن مقاتلة وأنها لم تستخدم قط السلاح بل كانت امرأة هادئة ومتزنة وصوتها مسموع في المجتمع الكردي. وأضاف: "لقد قتلوها لأنها كانت واحدة من الشخصيات الأكثر شعبية عند الأكراد والعرب في شمال سوريا. لقد كانت ديموقراطية حقيقية". بمساعدة الأمريكيين، أسست هذه المهندسة حزب مستقبل سوريا المستقل عن وحدات حماية الشعب الكردية.

مشاهد قاسية أخرى
ليست خلف سوى أشهر ضحايا الإعدام خارج إطار القضاء والتي شنتها جماعة أحرار الشرقية صباح اليوم نفسه على طريق أم-4 التي تمتد على شمال سوريا من القامشلي في الشرق إلى منبج في الغرب. قُتل سائقها وستة مدنيين آخرين في المكان نفسه وفقاً للإدارة الذاتية وأكده بحث الصحيفة نفسها الذي استند إلى صور لأربع من هذه العمليات. ولم يتردد أعضاء الجماعة الموالية لتركيا في تصوير ونشر إعداماتهم. وأظهرت مشاهد قاسية رجلاً ممدداً على الأرض ومقيداً، وقد أصيب ب 25 رصاصة. ويظهر قائد أحرار الشرقية، أبو حاتم شقرا، في صورة ملتقطة في الإطار نفسه. وأمسك مدنيين أسيرين في فيديو بتاريخ 16 أكتوبر. ويحمل الفيديو رسالة ضمنية مفادها أنّ من يستسلم من دون مقاومة، ربما يتم العفو عنه.

ليست وثائق الإعدامات في 12 أكتوبر الإثباتات الوحيدة على عمليات القتل. بحسب مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا، انتشر فيديو وخمس صور في اليوم التالي حيث بدا مقاتلون من أحرار الشرقية يقفون أمام جثث مدنيين بالقرب من سولوك التي تقع في منتصف الطريق بين الحدود التركية وطريق أم-4 السريع. وأظهرت ثلاث صور في 17 أكتوبر أعضاء من فرقة ميليشيا السلطان مراد التركية وهم يتلاعبون بجثتين تعودان لتاجرين من مدينة رأس العين ذات الغالبية الكردية. ولا يخفي مرتكبو هذه الجرائم نواياهم.

مرتزقة متطرفون
يشير أندريه إلى أنّ من تابعوا عملية "غصن الزيتون" التي اجتاح فيها الأتراك منطقة عفرين سنة 2018، لا تثير الأحداث الأخيرة أي مفاجأة. ليست عملية "نبع السلام" التي تم إطلاقها هذا الشهر سوى المصراع الثاني للمعركة الأولى وبمشاركة نفس اللاعبين. كي تشن غزواتها في شمال سوريا، تستخدم تركيا ما يصفه الباحث في مركز الأمن الأمريكي الجديد نيكولاس هيراس بأنه "قوة وهمية". إذا كان الأتراك يقدّمون مرتزقتهم تحت عنوان طنان وهو "الجيش الوطني السوري" المقسم وفقاً لفصائل، فإنّ هؤلاء المرتزقة بعيدون من أن يكونوا موحدين بل هم تكتل من المجموعات المحلية المتفاوتة التطرف وهي أحياناً على تناقض.

أكثر الوكلاء تطرفاً
نظرياً، تستقبل هذه الوحدات "ثواراً" سوريين فقط، ويجب عليها ألا تكون منتمية إلى تكتلات الجهاد الدولي كالقاعدة وداعش. عملياً، تم رصد جهادين وغرباء في صفوفها. بقيت جماعة أحرار الشرقية بعيدة من الضوء لفترة طويلة وهي تشكل واحداً من أكثر وكلاء تركيا تطرفاً. بعدما تأسست على يد زعيم ديني داعشي من الموصل، أعادت جماعة أحرار الشرقية ضم إرهابيي النصرة وداعش القدماء. وبالتأكيد ليس من الصدفة أنّ تقوم هذه الجماعة تحديداً، وفقاً لصحيفة ذا تيليغراف البريطانية، باستعادة نساء داعشيات كنّ محتجزات في مخيم عين عيسى. ويتحدر معظم أعضاء أحرار الشرقية من مدينة دير الزور.

تركيا لن تفلت من المسؤولية
ينتمي أبو حاتم شقرا إلى قبيلة بكارة القوية وهو مقاتل سابق في النصرة وأحرار الشام. ومنحت تركيا وساماً في شباط لدوره في "حماية الممتلكات" في عفرين. لكنّ هذه الخطوة مثيرة للسخرية: فرجاله من بين أكثر المنخرطين في الرعب والنهب والابتزاز ضد السكان. وتساءل أندريه ساخراً عما إذا كان أبو شقرا سيحصد المزيد من الأوسمة. يرى الكاتب أنّ أعماله الأخيرة جعلته شهيراً.
منذ 15 أكتوبر، أدانت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في منظمة الأمم المتحدة أحرار الشرقية مشيرة إلى أنّ أعمال القتل التي مارستها في 12 أكتوبر ترقى إلى "جرائم حرب". ويوم الجمعة التالي، أصدرت منظمة العفو الدولية التي يتهمها الأكراد بالتساهل مع الأتراك والثوار، بياناً متفجراً: "لا يمكن تركيا الإفلات من مسؤولياتها عبر تحويل جرائم حربها إلى مجوعات مسلحة".