رهائن أمريكيون أمام السفارة الإمريكية في طهران (أرشيف)
رهائن أمريكيون أمام السفارة الإمريكية في طهران (أرشيف)
الإثنين 4 نوفمبر 2019 / 21:15

بعد 40 عاماً من أزمة الرهائن... عزلة دولية وديكتاتورية وعنف واقتصاد إيراني مدمر

أحيت إيران اليوم الذكرى الأربعين لاقتحام السفارة الأمريكية، وهتف الموالون للنظام "الموت لأمريكا"، وبُث المشهد في كل أنحاء العالم، الأمر الذي أثار تصريحات غاضبة من الولايات المتحدة وحكومات الأخرى.

بعد مرور فترة طويلة ، ما زال قادة الجمهورية الإسلامية يخدعون أنفسهم ومواطنيهم ولم يقروا علانية بحقيقة تلك الكارثة

وكتب جون ليبرت، أحد الرهائن السابقين في السفارة الأمريكية في طهران، في موقع "أتلانتيك كاونسيل"، أن السموم التي انتشرت في طهران منذ أربعة عقود لم تتبدد بعد.

وفي الواقع ، هي لا تزال راسخة في النظام، والدليل على ذلك بانكر، وسياماك نامازي، ونازانين زاغاري راتكليف، وآخرون سجنتهم السلطات في طهران لا لسبب آخر غير ادعائها أنهم "يتجسسون" على "ميت".

وقال الكاتب إن إيران وفي 40 عاماً لم تتعلم شيئاً، ضاعفت أخطائها الأصلية واستمرت في المسار المدمر كما في أزمة الرهائن الذي انطلق في أعقاب ثورة عنيفة. وأوقع هذا المسار، وهو كتاب مدرسي للدبلوماسية غير الماهرة، الأمة وملايين الإيرانيين في الفوضى.

قرارات سيئة
ولفت الكاتب إلى أن السجل الإيراني واضح، ومُحبط. ومنذ أربعين عاماً، اتخذ المسؤولون في إيران قرارات سيئة دفع الإيرانيون الذي لم يؤخذ رأيهم في القرار الثمن، بعد أن أصبحوا ضحايا أخطاء زعمائهم. وكانت النتائج حرباً، وعزلة دوليةن وديكتاتورية، وعنفاً واقتصاداً مدمراً، وفراراً للمتعلمين والمهرة.

ووجد الإيرانيون نفسهم بعملة بلا قيمة، وجواز سفر مرفوض في كل مكان تقريباً، ومع الآلاف من ضحايا الحرب والأرامل والأيتام والمعوقين.

وعندما هاجم الرئيس العراقي صدام حسين إيران في سبتمبر(أيلول) 1980، لم يجد الإيرانيون بسبب سوء تصرفاتهم الديبلوماسية، أي دعم أو تعاطف أجنبي تقريباً.

ولفت الكاتب إلى أن تلك الأحداث أثرت عليه شخصياً بصفته واحداً من 50 رهينة أمريكية اعتقلوا 444 يوماً، مقراً بأنه عندما سمع للمرة الأولى من داخل سجن الكوميت، الطائرات العراقية تهاجم طهران كانت ردة فعله: "حسناً، لقد حصلوا على ما يواجهونه".

ولفت إلى أن أحداً لم يدافع عن إيران. وبعد ذلك بسنوات، التزمت الولايات المتحدة والمجتمع الدولي الصمت على استخدام صدام الغاز السام ضد إيرانيين، وأكراد عراقيين. ومع ذلك، لم يحصل الإيرانيون على أي تعاطف.

وبعد أربعين عاماً، يجب أن يعرف، حتى أكثر العارفين، أن احتجاز الرهائن بين 1979 و1981 كان كارثة على إيران وشعبها. لكن اللافتً أنه بعد مرور كل هذا الوقت لا يزال قادة إيران يخدعون أنفسهم ومواطنيهم، ولم يقروا علانية بالكارثة، ولن يعترفوا على الأرجح بخطئهم.

وكان أكثر ما وصلوا إليه في 1998، عندما أخبر محمد خاتمي الرئيس المنتخب حديثاً، كريستيان أمانبور من "سي إن إن" بأنه "يأسف" للجروح التي أصابت مشاعر الأمريكيين والناجمة عن احتجاز إيران 52 دبلوماسياً أمريكياً، ولكن من المفارقات أن خاتمي نفسه أصبح الآن رهينة من نوع آخر، إذ جرد من جواز سفره، ومنع من الظهور في وسائل الإعلام الإيرانية".

وفي 2016، عندما كان الأمريكيون يناقشون إيجابيات وسلبيات خطة العمل الشاملة المشتركة بعد الاتفاق النووي، لم ينتقد بعض المعارضين مضمون الاتفاقية، ولكن سجل إيران في احتجاز الأجانب ومزدوجي الجنسية، رهائن، وسألوا كيف يمكننا أن نثق في من يقدم على أمر مماثل؟

أحمدي نجاد
لم تقر إيران أبدًا بما حدث أثناء أزمة الرهائن الإيرانية. وفي 2011، أثناء زيارة الجمعية العامة للأمم المتحدة، تحدث الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد عن الحاجة إلى القضاء على "العقلية السلبية" المستمرة بين الأمريكيين والإيرانيين.

وعندما قال له الكاتب إن إحدى طرق لذلك هي رفض تعيين محتجزي رهائن سابقين في مناصب في حكومته، بدا أحمدي نجاد مستغرباً. وحاول بعض مرافقيه إخفاء ابتساماتهم، فيما أجاب أحمدي نجاد: "حسنًا ، لقد عاملناك جيدًا وقتها، أليس كذلك؟".

ورأى الكاتب أن "إيران ليست الوحيدة التي ترفض مواجهة ماضٍ مخزي. لقد تطلب الأمر من الحكومة الأمريكية ستين عاماً للاعتراف بدورها في الانقلاب المدعوم من وكالة الاستخبارات المركزية والذي أطاح برئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق في 1953، واستغرق الأمر خمسة وستين عاماً لتصدر الحكومة الأمريكية السجلات الرسمية عن تلك الفترة. ليس ثمة سبب كبير للفخر".

مقايضة السجناء
إلى ذلك، تساءل الكاتب لماذا استمرت الجمهورية الإسلامية في سياسة مخزية ومدمرة منذ أربعين عامًا؟"، قائلاً: "قد تكون هناك مكاسب أو تنازلات مالية قصيرة الأجل في مقايضة السجناء، مثل تلك التي حدثت مع الولايات المتحدة عند توقيع خطة العمل الشاملة المشتركة عام 2016. لكن هذه أقل أهمية من النقاش الدائر داخل إيران حول الاتجاه السياسي للبلاد".

وأضاف "يواصل الموجودون في السلطة الإصرار على أن احتجاز الرهائن في 1979 كان نصراً رائعًا رغم كل الأدلة التي تشير إلى عكس ذلك. بوالنسبة للبعض، مثل أحمدي نجاد، لا علاقة لتلك الأحداث بالحاضر، فهي حدثت منذ زمن بعيد في مجرة بعيدة، بعيدة".

ولا تزال الحكومة ترعى مناسبات إحياء ذلك بالمسيرات والخطب والشعارات. واستفاد العديد من قادة إيران الحاليين من تلك الأحداث، واستخدموها لسحق منافسين، وتثبيت الديكتاتورية، وتوطيد السلطة.

فخ من صنعها
وختم الكاتب بأن إيران عالقة في فخ من صنعها. ويستمر الذين في قمة السلطة في تكرار نفس الرواية الكاذبة. وإذا كان احتجاز الرهائن جيداً في حينه، فإنه لا يزال كذلك الآن. وإذا تخلى النظام عن سياسة مدمرة بشكل واضح، سيضطر ضمنياً إلى الاعتراف بأن خصومه كانوا على حق، وأنه أخطأ منذ أربعين عاماً وتسبب في أضرار لا حصر لها لإيران والإيرانيين. وبدل الإقرار بذلك، فإنه يضاعف الخطأ، بتكراره.