فلسطينيون يحتجون في أحد المخيمات ضد قرار وزارة العمل اللبنانية (أرشيف)
فلسطينيون يحتجون في أحد المخيمات ضد قرار وزارة العمل اللبنانية (أرشيف)
الثلاثاء 5 نوفمبر 2019 / 20:12

على رصيف الحراك اللبناني

يُخفي خروج الوجود الفلسطيني في لبنان من واجهة الحدث إلى هوامشه بوادر تفاعل أزمة بين اللاجئين وقيادتهم السياسية على أطراف الحراك اللبناني المفتوحة احتمالاته على مختلف الاتجاهات.

توقيت وظروف الهزة التي يحدثها الحراك اللبناني في علاقة اللاجئين الفلسطينيين بقيادتهم يعززان من مفاعيلها المحتملة، فهي امتداد لهزات لم تتوقف منذ انتقال ما كان يعرف بالثورة الفلسطينية من الأردن إلى لبنان

فصائل منظمة التحرير، حذرت اللاجئين من التورط في التظاهرات اللبنانية باعتبارها شأناً داخلياً وظهرت دعوات خجولة لتجنب الخروج من المخيمات، وفي خطوة لاحقة تم الإعلان عن وقف فعاليات الاحتجاج على قانون العمل، التي رأى فيها البعض انتفاضة أخرجت اللاجئين من دائرة اللامرئي.

آلية رد الفعل الفصائلي أظهرت خشية الانزلاق في رمال متحركة وحذراً كامناً من كوابيس تبعات تاريخ لايزال حاضراً في خلفيات علاقة الفلسطينيين بلبنان بعض مفرداته التورط في حرب أهلية عمقت الشروخ بين الطوائف اللبنانية، وتأويلات دوافع الحصار الإسرائيلي لبيروت، وممارسات تستدعيها ذاكرة السياسيين اللبنانيين بين الحين والآخر وتُوظف في كثير من الأحيان، لإثارة حساسية الشارع.

الواضح من التعاطي المسكون بالكوابيس انفعاليته وافتقاره لأدوات وتصورات ترجمته على الأرض، ففي التفاصيل اللاحقة ما يوحي بغياب توقعات استمرار الحراك اللبناني، واتساعه وتأثيراته على الحياة اليومية والظروف الاقتصادية والمعيشية في البلاد.

مع دخول الحراك أسبوعه الثاني، ظهر ما يدلل على اعتقاد الفصائل بإمكانية فصل الواقع الاقتصادي والمعيشي الفلسطيني عن محيطه اللبناني. فقد وقفت قيادة الفلسطينيين في لبنان عاجزةً أمام متطلبات الاستجابة لدعوات الحياد، واتساع تذمرات اللاجئين من الانكفاء داخل المخيمات دون موارد مالية، وانحسار فرص العمل المحدودة أصلاً، والغلاء الناجم عن ارتفاع سعر الدولار.

لا يخلو الأمر من ترك انطباعات بخلو ذهن القيادة الفلسطينية من تصورات حقيقية لظروف اللاجئين الذين تباينت مطالبهم بين توفير سيولة مالية تعينهم على تدبير احتياجاتهم الأساسية، وتأمين الخبز، والماء، والمأوى كما جاء في كتابات على وسائل التواصل الاجتماعي، وبيانات لنشطاء فلسطينيين نزحوا من سوريا.

تخلل تذمرات اللاجئين الفلسطينيين من مستجدات أوضاعهم ومطالباتهم بتوفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة، اتهامات لقيادة منظمة التحرير، والفصائل، والأونروا بالتقصير في التقاط أوجاع المخيمات.

واللافت للنظر أن الأونروا كانت المبادرة بالرد على هذه الاتهامات، وأصدر مديرها في لبنان بياناً اعتذر فيه عن العجز المالي الذي يحول دون مد يد العون، الأمر الذي تجاهلته الفصائل خلال اجتماعين عقدتهما لاحقاً في الجنوب والشمال انتهيا إلى مطالبة الوكالة المأزومة مالياً، بإعلان خطة طوارئ للتعامل مع تداعيات توقف دورة الحياة الاقتصادية.

تجربة اللجوء السوري ساهمت في رفع أسقف مقترحات وتلويحات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، حيث ظهرت مطالبات بتحييد الوسطاء بين الجهات المانحة واللاجئ الفلسطيني بما يتيح حصوله على مساعدته المالية نقداً، وبشكل مباشر كما هو حال اللاجئين السوريين في بعض الدول، وتعهدت تجمعات النازحين من مخيمات سوريا بتحدي محاولات شيطنة سعيهم المنظم للجوء إلى بلد ثالث.

توقيت وظروف الهزة التي يحدثها الحراك اللبناني في علاقة اللاجئين الفلسطينيين بقيادتهم يعززان من مفاعيلها المحتملة، فهي امتداد لهزات لم تتوقف منذ انتقال ما كان يعرف بالثورة الفلسطينية من الأردن إلى لبنان، لكنها جاءت وسط شكوك في بقاء الأونروا ودعوات نقل ولايتها إلى مفوضية اللاجئين، وبعد تظاهرات أمام السفارات طلباً للجوء، واحتجاجات على تعامل قانون العمل اللبناني مع اللاجئين الفلسطينيين باعتبارهم أجانب، وفي ظل انحسار حضور بقايا منظمة التحرير في بلدان الشتات.