جدارية جديدة على مبنى السفارة الأمريكية السابق في طهران
جدارية جديدة على مبنى السفارة الأمريكية السابق في طهران
الخميس 7 نوفمبر 2019 / 14:32

بعد 40 عاماً.. شبح أزمة الرهائن يطارد طهران وواشنطن

بعد مرور 40 عاماً على أزمة الرهائن الأمريكيين في طهران، لا تزال تلك الأزمة تخيم على العلاقات بين البلدين، ولا يزال صناع السياسة الأمريكيون ينظرون إلى طهران من منظور تلك الأزمة.

الاستيلاء على السفارة كان، بالنسبة للولايات المتحدة، آخر ثلاث إهانات لحقت بسمعتها في سبعينات القرن الماضي

وتشير روبن رايت، كاتبة لدى مجلة "نيويوركر" الأمريكية، ألفت عدداً من الكتب حول الثورة الإسلامية في إيران، إلى أنه لم يكن في نية الثوار الشباب الذين استولوا على السفارة الأمريكية في طهران السيطرة عليها لأكثر من ثلاثة إلى خمسة أيام، احتجاجاً على إصرار إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر احتضان الشاه المريض. ولكن احتجاز 52 أمريكياً استمر 444 يوماً، وما زال شبحها يطارد العلاقة بين البلدين.

ثلاث إهانات
وترى كاتبة المقال أن الاستيلاء على السفارة كان، بالنسبة للولايات المتحدة، آخر ثلاث إهانات لحقت بسمعتها في سبعينات القرن الماضي. فقد جاءت الحادثة عقب الانسحاب من فيتنام الذي قوض صورة الولايات المتحدة كقوة عسكرية لا تقهر.

كما قادت فضيحة "ووترغيت" لاستقالة رئيس أمريكي، وولدت أزمة ثقة في الديمقراطية الأمريكية. ومثل الاستيلاء على السفارة رمزاً للضعف الأمريكي. وحتى هذا اليوم، ما زال صناع السياسة الأمريكية، جمهوريون أو ديموقراطيون، ينظرون إلى إيران من منظور أزمة الرهائن.

بيادق
وفي هذا السياق، قال البيت الأبيض ضمن بيان في هذه المناسبة: "يواصل النظام الإيراني استهداف مدنيين أبرياء لاستخدامهم كبيادق في علاقاته الخارجية الفاشلة. وإلى أن تعدل إيران هذا السلوك وسواه من السلوكيات العدائية، سنواصل فرض عقوبات قاصمة. وأمام النظام الإيراني خيار، إما أن يوصل كونه أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم، أو يضع مصالح الشعب الإيراني أولاً. ويستطيع أن يغلب السلام على احتجاز رهائن، واغتيالات وتخريب وقرصنة بحرية وهجمات على أسواق النفط العالمية. إن الولايات المتحدة تسعى للسلام، ونحن ندعم الشعب الإيراني. وقد آن الأوان لأن ينتهج النظام الإيراني نفس الشيء".

وتشير كاتبة المقال إلى أنه، بعد مضي 40 عاماً، ما زالت أمريكا هي "الشيطان الأكبر" في إيران. فقد تدفق آلاف من الإيرانيين نحو مبنى السفارة القديم في طهران، كما نظم حوالي ألف تجمع حاشد عبر الجمهورية الإسلامية إحياء للمناسبة.

ويطلق رسمياً على هذا اليوم اسم" اليوم الوطني لمحاربة الغطرسة الدولية". ورسمت على سور من الطوب يحيط بمبنى السفارة، أكثر من عشرة جداريات دعاية جديدة – بألوان حمراء وبيضاء وزرقاء. تعرض إحدى تلك الجداريات لصورة ميكي ماوس يلوح ببندقية. وفي أخرى، ينطلق صاروخان من بندقية العم سام. وتظهر لوحة ثالثة سلكاً شائكاً يبرز من صندوق يحوي بطاطا مقلية في محل لبيع منتجات ماكدونالدز. وأما اللوحة الرابعة فتصور تمثال الحرية دون ذراعه التي تحمل شعلة الحرية.

ريبة وذعر
وترى كاتبة المقال، أنه ما زال هناك في الجمهورية الإسلامية شعور بالريبة والذعر من النوايا الأمريكية- كما كان عليه الحال عام 1979. فقد زعم المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، يوم الأحد "أن العدوان الأمريكي أصبح بمرور السنين أكثر وحشية وصفاقة. ومن يعتقدون أن مفاوضاتنا مع العدو ستحل مشاكلنا مخطئون مائة في المائة". وانتقد خامنئي الديبلوماسية الجارية التي رتبها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي حاول إقناع الرئيس ترامب ونظيره الإيراني حسن روحاني للالتقاء عند انعقاد اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر( أيلول). وقال خامنئي إن "الرئيس الفرنسي الذي يقول إن الاجتماع سوف ينهي جميع المشاكل بين طهران وأمريكا، إما ساذج أو متواطئ مع أمريكا".

طابع مؤسسي
وخلال السنوات الأربعين الماضية، رأت الكاتبة أنه من الآثار المستديمة لتلك الحادثة، كان قيام إيران بإضفاء الطابع المؤسسي على قضية احتجاز رهائن. فقد تحول أشخاص إلى بيادق، سواء ضمن الخصومات السياسية في داخل إيران، أو في التوترات بين العاصمتين. ومنذ إطلاق سراح 52 رهينة أمريكي، في أول يوم تسلم فيه رونالد ريغان السلطة، في عام 1981، احتجز عشرات الغربيين من طلاب ورجال أعمال، وأنصار بيئة وأكاديميين وأصحاب معارض فنية. وسجن معظم هؤلاء في سجن إيفين الرهيب، من أسوأ سجون العالم سمعة. وفي لبنان، عمد حلفاء إيران من حزب الله في لاحتجاز عشرات آخرين.

وما زال عشرات من الرهائن الغربيين يقبعون في السجون الإيرانية، دون أن يعرف مصير معظمهم، أو متى سيفرج عنهم ويعودون إلى أوطانهم.