الأحد 10 نوفمبر 2019 / 11:41

ماذا يُمكن أن يحقق أردوغان في واشنطن؟

عندما يلتقي الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والتركي رجب طيب أردوغان بواشنطن في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، سيجريان محادثاتهما على خلفية توترات أمريكية تركية متصاعدة في السياسة الخارجية، فضلاً عن مخاوف من تكرار ما جرى عندما زار أردوغان العاصمة الأمريكية قبل عامين.

عدد كبير من المسؤولين في واشنطن غاضبون حالياً من أردوغان بسبب توغله في سوريا الذي أطاح بتلك الخطط، التي كانت ستؤدي إلى تعاون بين أمريكا وتركيا في تلك المنطقة

ويسترجع سونار كاغابتاي، الزميل البارز ومدير برنامج الأبحاث التركية لدى معهد واشنطن، تفاصيل ما حصل أثناء زيارة أردوغان في مايو( أيار) 2017، عندما تورط حراسه في مشاجرة عنيفة مع محتجين على الزيارة، في حادثة أضرت بشكل كبير بصورة تركيا في الولايات المتحدة.

كارثة ديبلوماسية
ونظراً للمزاج السائد حالياً في واشنطن، يتوقع كاغابتاي أن يواجه أردوغان احتجاجات أكبر هذه المرة، ما ينذر بكارثة ديبلوماسية.

والأهم من ذلك، إذا فشل أردوغان في تهدئة نواب غاضبين، قد يصدر الكونغرس قريباً عقوبات تستهدف أنقره. وللحد من تلك المخاطر، على ترامب أن يستخدم علاقته القوية مع أردوغان لتسوية خلافات حول القضايا التالية:

1 – التوغل التركي في سوريا
يشير كاتب المقال لإرسال أنقره، في 9 أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، قوات إلى شمال سوريا للقضاء على وحدات حماية الشعب، فرع حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره أمريكا تنظيماً تركياً إرهابياً.

ولكن منذ 2014، تشاركت الولايات المتحدة مع الوحدات، وتحالف كردي عربي تشكلت منه لاحقاً، قوات سوريا الديمقراطية، قسد، في محاربة داعش.

وبعدما فقد داعش في 2017، مناطق رئيسية من "خلافته"، بدأ مسؤولون أمريكيون يعملون مع أنقره على خطة لإنشاء "منطقة آمنة" في شمال شرق سوريا، ولإبعاد وحدات حماية الشعب، عن الحدود التركية.

لكن الكاتب يرى أن عدداً كبيراً من المسؤولين في واشنطن غاضبون الآن من أردوغان بسبب توغله في سوريا الذي أطاح بتلك الخطط، التي كانت ستؤدي إلى تعاون بين أمريكا وتركيا هناك دون السماح بتدخل روسيا ونظام الأسد. ولذلك صوت مجلس النواب الأمريكي، في 28 أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، على تشريع لمعاقبة عسكريين أتراك شاركوا في التوغل، ولمنع بيع أسلحة قد تستخدمها قواتهم في سوريا.

وحسب كاتب المقال، بعدما نفذت أمريكا مطلب أنقره الرئيسي، الوقوف على الحياد عند تنفيذ عمليات تركية ضد وحدات حماية الشعب، يجب أن تتركز أولوية إدارة ترامب في محادثاتها مع أردوغان ومسؤولين آخرين على إبعاد العناصر الأكثر تشدداً بين وكلاء تركيا السوريين، وإنشاء هيكلية حكم محلي شامل في المناطق التي تعمل فيها تركيا، وحماية حقوق الأقليات، والعمل على منع عودة داعش إلى سوريا.

2- طرد من برنامج F-35
وبعد إصرار أنقره على شراء منظومة الدفاع الصاروخي الروسي S-400، رغم تحذيرات أمريكية متكررة من احتمال تعريض الصفقة أمن أنظمة عسكرية أمريكية للخطر، عاقب البنتاغون تركيا بطردها من برنامج المقاتلة F-35.

ويرى الكاتب أنه مهما تكن نتيجة تلك الخطوات، فإنها قد تمنع إعادة قبول تركيا في البرنامج، ولذلك سيبحث أردوغان في روسيا عن حلول بديلة. ويقال إن موسكو عرضت على أنقره خيارات عدة من مقاتلة الجيل الرابع والخامس، ومن شأن أي منها، أن يعمق الشرخ بين الناتو وتركيا.

3- تحفظات روسية
ويلفت الكاتب إلى تحفظات للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومسؤولون روس آخرون على التوغل التركي في سوريا، لكن قرارات البيت الأبيض بالانسحاب، رسخ هدف روسيا لأن تكون وسيطاً موثوقاً يستطيع التحدث إلى جميع الأطراف في الشرق الأوسط.

وفي إطار هذه اللعبة الجغرافية الاستراتيجية، جرّت روسيا، في السنوات الأخيرة، أنقره ببطء نحو مجال نفوذها.

ويرى كل من أردوغان وبوتين في الآخر رئيساً قوياً. وفتح الانقلاب الفاشل في تركيا في 2016، المجال أمام بوتين ليتودد إلى نظيره بشكل أعمق، وسمح لموسكو باللعب على مخاوف أردوغان الداخلية، وعزلة أنقره في المنطقة، وسعي بوتين لزرع الخلافات داخل صفوف الناتو، ما أدى لتعميق التعاون بين الحكومتين.

ولكن، حسب الكاتب، فإن هذه العلاقة غير متكافئة، فلبوتين نفوذ أكبر على أردوغان، بدءاً من العلاقات القديمة مع حزب العمال الكردستاني، وصولاً لعلاقة اقتصادية لصالح موسكو، باعتماد تركيا على الغاز الروسي الطبيعي، وعلى تدفق السياح الروس، ونمو عمليات إخبارية روسية داخل تركيا عبر مواقع، مثل سبوتنيك.

إلى ذلك، يرى الكاتب أن أردوغان وجد سبلاً لتأليب ترامب وبوتين على بعضهما البعض، لتحقيق أقصى قدر من المكاسب في سوريا.

لكن مع ذلك، يبدو أن العلاقة بين ترامب وأردوغان، واحدة من القنوات الثنائية التي لا تزال تعمل جيداً، في وقت تسود خلافات سياسية حادة، وتآكل الثقة بين المؤسسات في البلدين. ولذلك يجب على صناع السياسة الأمريكيين النظر في أفضل السبل لمعالجة مخاوفهم عبر هذه القناة.