الخميس 14 نوفمبر 2019 / 16:58

لماذا نأت حماس بنفسها عن المواجهة الأخيرة في غزة؟

24 – رام الله

أثار نأي حركة حماس بنفسها عن المواجهة العسكرية التي شهدها قطاع غزة، خلال اليومين الماضيين بين فصائل فلسطينية تتصدرها حركة "الجهاد الإسلامي" وإسرائيل، موجة من التساؤلات حول موقف الحركة.

وخلال موجة التصعيد هذه، تجنبت إسرائيل استهداف أي مواقع أو منشآت تابعة لحركة حماس وجناحها العسكري في قطاع غزة، واكتفت بتوجيه ضربات جوية لأهداف تابعة لحركة الجهاد الإسلامي وجناحها العسكري سرايا القدس.

وحرصت حماس على تبرير تصدر "الجهاد الإسلامي" لهذه الجولة من المواجهة مع إسرائيل، بالحديث عن أن الحركة هي "ولي الدم"، حيث أن من تم اغتياله بهاء أبوالعطا، قيادي في جناحها العسكري المسلح، كما أن أكرم العجوري الذي تعرض لمحاولة اغتيال في دمشق هو رئيس مكتبها العسكري.

وصدّرت حماس أكثر من موقف على لسان مسؤوليها وناطقيها، بأنها لن تسمح للاحتلال بالاستفراد بالجهاد الإسلامي، وأن مقاتليها في الميدان يديرون المعركة إلى جانب سرايا القدس، إلا أن هذه التصريحات سرعان ما نفاها الأمين العام للجهاد الإسلامي زياد النخالة، موجهاً رسالة قاسية لحماس.

وألمح النخالة في حديث صحافي إلى أن مواقف حماس أصبحت مرتهنة بشكل كبير بالأموال التي ترسلها قطر لها في قطاع غزة، والتي تمثل ثمناً للتهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي، متسائلاً عن الثمن الذي تريده قطر من خلال إرسال الأموال لحماس في غزة، وسماح إسرائيل بمرور هذه الأموال عبر مطاراتها.

وحاول محللون مقربون من حركة حماس، تبرير موقف الحركة بالوقوف على الحياد في هذه المواجهة، من خلال الحديث عن أن الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة تدير المعركة مع الاحتلال بتوافق كامل، وأنها تعمل بشكل متكامل فيما بينها، وهو ما أكده بيان "الغرفة المشتركة" للفصائل الفلسطينية، الذي تحدث عن توافق حول الجهة التي ستنفذ الرد على إسرائيل، وحجم الرد الذي سيكون تجاهها.

لكن هذه التصريحات أيضاً أصبحت مثار علامات استفهام، بعد انحياز فصائل عسكرية منضوية في إطار "الغرفة المشتركة"، لصالح الدخول في المعركة مع حركة "الجهاد الإسلامي" والمشاركة في عمليات إطلاق الصواريخ، مثل كتائب أبوعلي مصطفى التابعة للجبهة الشعبية، وكتاب المجاهدين، وكتائب شهداء الأقصى لواء نضال العامودي في غزة، إضافة إلى دعوة النخالة للفصائل بالدخول في المواجهة من خلال حديثه عن أن الميدان مفتوح أمام الجميع، وأن إسرائيل تريد الاستفراد بـ"الجهاد الإسلامي"، لكن السؤال هو هل تقبل الفصائل الفلسطينية بهذه المعادلة؟، والتساؤل هنا لأمين عام "الجهاد الإسلامي".

ومن ضمن التبريرات التي ساقها مؤيدو موقف تحييد حماس في هذه المواجهة، هو الخشية من رد عسكري إسرائيلي واسع على غزة وتطورها لحرب مفتوحة، في حال دخول الحركة على خط المواجهة، لكن هذا الاعتبار كان مسقطاً تماماً من حسابات الحركة، حيث كانت الأجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية ترد بشكل موحد خلال جولات التصعيد الأخيرة مع إسرائيل.

ورأت حماس في التصعيد العسكري في غزة، محاولة لخلط الأوراق وتعطيل جهود ترتيب البيت الفلسطيني، حيث تزامن التصعيد مع حراك جدي في ملف الانتخابات، والحديث عن تقدم فيه من خلال "تنازلات" قدمتها الحركة لصالح المضي قدماً في هذا الملف.

وربط كثير من المراقبين، هذه التطورات بتساؤلات حول التحولات الكبيرة في مواقف حماس خلال الفترة الأخيرة، التي بدأت بعدم ممانعتها بإقامة دولة فلسطينية على حدود العام 1967م، وهو الذي أعلنته الحركة في ميثاقها الجديد، وكانت ترفضه تماماً سابقاً، واستعدادها للانخراط في العمل السياسي حتى لو على حساب عدم تدخلها في مواجهة عسكرية تدور في قطاع غزة، التي تمتلك الحركة فيها ترسانة عسكرية قوية.

وبينما يزداد الجدل خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، بين مؤيدي ومعارضي موقف حماس، ستظهر الأيام المقبلة مدى قدرة الحركتين المتحالفتين على تجاوز الفجوة الذي حدثت بينهما، أو ما إذا كان هذا الجدل فعلاً ضمن تكتيك عسكري بينهما.