شبان لبنانيون يشاركون في الاحتجاجات الشعبية العارمة (أرشيف)
شبان لبنانيون يشاركون في الاحتجاجات الشعبية العارمة (أرشيف)
الأحد 17 نوفمبر 2019 / 22:01

أزمة لبنان تدفع شبابه للهجرة

كان كريم دايا أحد آخر أصدقائه وأفراد عائلته الذين لا يزالون في لبنان. والآن وبعد أن خسر وظيفته، شرع في حزم أمتعته استعداداً للهجرة.

قال كريم 27 عاماً الذي درس تصميم الغرافيك، "عم بتسوء لقدام لقدام خلص. كمان مش معروف أبداُ وين رايحين، وكتير حازعل رح اشتاق كتير للبنان بس إنه ما في مستقبل بهذا البلد أبداً".

وتعكس مشاعره إحباط الكثير من الشبان اللبنانيين المتضررين من أسوأ أزمة اقتصادية في البلاد منذ الحرب الأهلية بين 1975و1990.

وكانت سلسلة المقاهي التي عمل فيها كريم تعاني حتى قبل الاحتجاجات العارمة التي أثارها الغضب من الفساد، والمحسوبية، التي أطاحت بالحكومة في الشهر الماضي. ووجهت الاضطرابات الأخيرة الضربة القاضية لها.

ويخطط كريم للسفر إلى بلغاريا، أين يعيش إخوته للبحث عن عمل في قرار حاول تأجيله من قبل. ولكن في ظل معاناة 37% من الشبان اللبنانيين من البطالة، فإن الآفاق تبدو قاتمة.

والبنوك مغلقة في أنحاء لبنان وتجاهد الأنشطة التجارية حتى لا تضطر للتوقف.

وتمتلئ شوارع لبنان بمطاعم خاوية، ومتاجر مغلقة. وأفلست المزيد من الشركات أو علقت أنشطتها وسرحت موظفين بالجملة في مساع للبقاء.

وقال موظفون في 15 شركة إنهم فقدوا وظائفهم، أو قلصت رواتبهم في الشهر الماضي مع عشرات من زملائهم.
 
لا سيولة
وقال بيير بطرس، مهندس يدير شركة للمقاولات ومصنعاً للأثاث: "هالخنقة الاقتصادية وصلت لمرحلة وانفجرت. نحن بعدنا من الشركات التي استمرت حتى 2019".

واضطر بطرس لتقليص الرواتب، وتسريح عشرات العمال في الأسابيع الأخيرة، ومن المرجح أن يسرح المزيد منهم. وتراجع عدد موظفي الشركة إلى 70 فرداً من ذروة نشاطها قبل 2016 حين بلغ عدد موظفيها 425.

وأضاف "التسهيلات وقفت كاش ما في...التجار يلي كانوا يطولوا بالن، وكان في اتفاقية معن صاروا ما بيقدروا يسلموكي إلا إذا بتدفعيلن دغري. الناس ما معها لتشتري".

وإذا استمرت الأزمة قد يضطر بطرس لتجميد نشاطه "ممكن نسكّر. منسكر لنجمد العمليات متل ما هي شهر شهرين تلاتة تحل الازمة...منرجع منمسح الغبرا عن حالنا ومن بلش نشتغل من جديد".

وتأتي خسائر الشركات بعد سنوات من انخفاض النمو، وشلل حكومي، وصراع إقليمي، وتوقف تدفقات رؤوس الأموال من الخارج.

ومنعت البنوك، التي أغلقت أبوابها طوال نصف أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، معظم عمليات سحب الدولار، والتحويلات للخارج في محاولة لمنع هروب رؤوس الأموال.

وأغلقت البنوك مجدداً هذا الأسبوع بعد إضراب للموظفين بسبب مخاوف على سلامتهم في ظل مطالب الناس بسحب أموالهم.

وأضر شح العملة الصعبة بالتجارة ما دفع الناس لتخزين السيولة في منازلهم، وضغطت على الليرة اللبنانية المربوطة بالدولار منذ 22 عاماً.

ويقول ملاك الأنشطة التجارية، إنهم يضطرون لتنفيذ معظم معاملاتهم نقداً في السوق السوداء، أين ضعفت الليرة بـ 20% أمام الدولار مقارنة مع السعر الرسمي المربوط بالعملة الأمريكية.

ويطالب الموردون باستلام أموالهم بالدولار، أو بالليرة بناءً على السعر غير الرسمي، الذي يغيره التجار بشكل يومي.

"عالقون هنا"
قال علي، موظف مبيعات وأب لطفلين تقلص راتبه إلى النصف: "ما بقى فينا نتحمل. بكرا حيصير في فوضى أكتر بكتير اذا ضل الوضع على ما هو عليه. وما في دولار بالبلد. أنا حياتي صارت كتير سيئة...مش قادر أصرف على ولادي مش قادر عيش ولادي العيشة التي أنا بدي".

ولجأت عائلات لتخزين بعض السلع مثل الأغذية المعلبة، والأرز والطحين. وقال البعض إن البنوك أبلغتهم بأن عليهم رد الديون بالدولار الأمريكي.

وفي ظل صغر حجم القطاع الصناعي، ونقص الموارد، يعتمد اقتصاد لبنان على الواردات، والتدفقات النقدية من اللبنانيين في الخارج التي تراجعت في السنوات الأخيرة، ما تسبب في ضغط على احتياطات المصرف المركزي من العملة الأجنبية.

وذكرت دراسة رسمية في وقت سابق من هذا العام، أن لبنان يصدر طلاباً خريجين أكثر من أي بلد عربي آخر.

ويعمل أبناء أمال الثلاثة في الخارج. وخسرت الممرضة، 60 عاماً، وظيفتها في مستشفى سرح 40 موظفاً. وقالت أمال: "يمكن يسكروا طوابق كاملة. بكيت شوي".

وفقد ماجد شدياق وظيفته أيضاً، وقال إن زملاءه الذين لم يهاجروا بعد، سيرحلون لاحقاً ومن لا يجد المال للهجرة سيبقى، وسيزيد فقراً مشيراً إلى أن هذا هو الواقع المحزن.