عائلة سورية وسط أنقاض مساكن هدمها القصف (أرشيف)
عائلة سورية وسط أنقاض مساكن هدمها القصف (أرشيف)
الخميس 21 نوفمبر 2019 / 19:02

سوريون هربوا من المعارك.. للموت في مخيم قرب الحدود التركية

لم يتخيل نازحون لجأوا منذ أعوام إلى مخيم قرب الحدود التركية أن صاروخاً سيلاحقهم في خيامهم التي ظنوا أنها تحميهم من نيران المعارك على الأرض في شمال غرب سوريا.

ومساء الأربعاء، حصد قصف صاروخي لقوات النظام، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، 16 مدنياً بينهم ثمانية أطفال وست نساء من عائلات، في مخيم للنازحين في قرية قاح في محافظة إدلب.

غداة القصف، بدا حجم الأضرار في المخيم الذي يؤوي 3800 شخص موزعين على عشرات الخيام المغطاة بشوادر بلاستيكية زرقاء أو بيضاء اللون، كبيراً.

خيمة ذات جدران مبنية من حجارة الخفان مؤلفة من غرف عدة سُويت بالأرض، وتبعثر ما تبقى من محتوياتها، بينما لا يزال هيكلها الحديدي ثابتاً.



وحدها سجادة خضراء وأسطوانة غاز حمراء اللون بقيتا في مكانهما، بينما احترق كل ما حولهما. في غرفة أخرى، ثياب ملونة وعبوات بلاستيكية مبعثرة، وباب خشبي أبيض.

وقال أبو محمود الذي نزح مع عائلته وأشقائه من حماة المجاورة قبل 7 أعوام، لوكالة فرانس برس: "بعد صلاة العشاء، سمعنا دوي انفجار قوي، جئت لتفقد منزل أخي لأجد النار مشتعلة في الخيمة".

ويضيف بحزن وتأثر بالغين "زوجة أخي وابنته استشهدتا، بينما أصيب هو بشظيتين، وحروق في أنحاء جسمه". وتحمل والدته المسنة ابنة أخيه عائشة التي نجت من القصف لكن آثاره كانت على وجهها، تحت عينها اليمنى، ويبست نقاط دماء على خصلات شعرها الناعم.

ويقول أبو محمود: "منذ 7 أعوام ونحن هنا، لم نتوقع ضربة. كنا نشعر بنوع من الأمان، لكن أن نصبح مهددين في هذه المناطق الآمنة هنا، فالوضع صعب جداً".



وغالباً ما يتوجه النازحون هرباً من المعارك والقصف إلى المناطق الحدودية مع تركيا، باعتبارها أكثر أمناً من سواها.

ومنذ نهاية أبريل(نيسان) الماضي، قتل أكثر من 1100 مدني، وفر أكثر من 400 ألف شخص من مناطق في محافظة إدلب، على وقع هجوم لقوات النظام السوري بدعم روسي، مكنها من السيطرة على مناطق عدة في ريف إدلب الجنوبي وحماة الشمالي المجاور.

ورغم التوصل في نهاية أغسطس (آب) إلى وقف لإطلاق النار برعاية روسية تركية، لا تزال المنطقة تتعرض بين الحين والآخر لغارات سورية، وأخرى روسية تكثفت وتيرتها أخيراً وأوقعت عشرات الضحايا.



وتسببت ضربات روسية الأربعاء في مقتل 6 مدنيين بينهم 4 أطفال في معرة النعمان، جنوب إدلب، وفق المرصد. وشاهد مصور متعاون مع وكالة فرانس برس مسعفاً يُخرج جثة طفلة غطاها الغبار من تحت الأنقاض ويضعها في سيارة إسعاف.

وتسيطر هيئة تحرير الشام، جبهة النصرة سابقاً، على الجزء الأكبر من إدلب أين تنشط فصائل أخرى معارضة وإسلامية أقل نفوذاً. وتؤوي إدلب مع أجزاء من محافظات مجاورة نحو 3 ملايين نسمة، نصفهم نازحون من مناطق أخرى.

داخل مخيم قاح الذي تحيط به أشجار زيتون خضراء، ألحقت الضربات الصاروخية أضراراً بخيام عدة. في إحداها، شاهد مراسل فرانس برس، كتباً تبعثرت على الأرض. وفي أخرى، أرجوحة طفل صغير من غطاء ملون من الصوف وحبال معلقة بالسقف لا تزال مكانها.



في بلدة قاح، يروي مدني سقطت بقايا صاروخ ضخم لونه أخضر، قرب منزله، لفرانس برس، قائلاً: "كنا نسهر في المنزل وفجأة شعرنا بانفجار وتطايرت الشظايا. وسقط جرحى وقتلى".

ويقول مشيراً إلى هيكل صاروخ خلفه: "عندما خرجت من منزلي لم أر إلا هذا الصاروخ قرب الحائط وقد أدى إلى تضرر جراري الزراعي".

ويضيف بانفعال "هذا ليس صاروخاً، إنه مصيبة كبيرة".

ويؤكد أبو محمد، وهو أحد سكان المخيم، من جهته أنها المرة الأولى منذ أكثر من 8 أعوام التي تُستهدف فيها المنطقة.

ويقول: "منطقة آمنة هذه؟ أين المنطقة الآمنة هنا؟ هذا الأمر لا يجوز، كل دول العالم ضد هذا الشعب. نريد شيئاً نثبت عليه، ليتركونا وشأننا".

ثم يضيف بأسى، في إشارة الى الضحايا "هؤلاء أطفال، ليسوا إرهابيين".